أكد وزير الأوقاف، د. محمد مختار جمعة، أن دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتجديد الخطاب الديني، هي دعوة ملحة، استجابت لها الأوقاف، لاسيما أنها تحمل على عاتقها حماية هذا الخطاب الديني، في إطار رسالة الأزهر الشريف. وقال جمعة: إن الخطاب الديني أصابه، في السنوات الأخيرة، سطو وتسلّق عليه، أو محاولات لاختطافه، أو المتاجرة به، وما تبع ذلك من استخدام الدين من قبل المتاجرين به، غطاءً لعمالتهم وأعمالهم المشبوهة ضد أوطانهم في أعمال عنف أو تخريب، بل تجاوز الأمر ذلك إلى أعمال قتالية تهدف بأسلوب مباشر وصريح وفج إلى إسقاط دولهم وأوطانهم. وأوضح أن الخطاب الديني تكتنفه ثلاث معضلات كبرى، الأولى هي معضلة الجمود، من هؤلاء المنغلقين، الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم أن باب الاجتهاد قد أغلق، وأن الأمة لم ولن تلد مجتهدًا بعد، وأنها عقمت عقمًا لا براء منه، متناسيين أو متجاهلين أن الله (عز وجل) لم يخص بالعلم ولا بالفقه قومًا دون قوم، أو زمانًا دون زمان، وأن الخير في أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى يوم القيامة. وأضاف وزير الأوقاف أن المعضلة الثانية هي معضلة الخوف من الإسلام ، أو ما يعرف ب"الإسلام فوبيا"، مما يجعل بعض هؤلاء المتخوفين يظن خطأ أن علاج التشدد إنما يكون بالذهاب إلى النقيض الآخر، مما يعود بنا إلى عقود من الصراع حدث فيها خلط كبير بين مواجهة التطرف وأهمية التدين، حيث توهم بعض المتخوفين من الإسلام أن محاربة التطرف تقتضي وتستلزم تجفيف منابع التدين، فاصطدموا بالفطرة الإنسانية، ونسوا أن أفضل طريق لمواجهة التطرف هي نشر سماحة الأديان، وتحصين الناس وبخاصة الناشئة والشباب بصحيح الدين. وشدد جمعة على أن لا أحد يستطيع أن يقضي على التطرف من جذوره، إلا إذا عمل بنفس القدر والنسبة على مواجهة التسيب والانحلال والإلحاد الذي صار موجهًا لخلخلة مجتمعاتنا شأن التشدد سواء بسواء، ومن هنا كان وعي الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ووزارة الشباب والرياضة بخطورة الإلحاد والتسيب، فأطلقت وزارتا الأوقاف والشباب مبادرة مشتركة لمواجهة الإلحاد تحت عنوان "بالعقل كده"، إيمانًا منهما بخطورة الإلحاد على أمن الوطن واستقراره ونسيجه الاجتماعي. وأكد أن المساس بثوابت العقيدة وإنكار ما استقر منها في وجدان الأمة لا يخدم سوى قوى التطرف والإرهاب، خاصة في ظل الظروف التي نمر بها، لأن الجماعات المتطرفة تستغل مثل هذه السقطات لترويج شائعات التفريط في الثوابت مما ينبغي التنبه له والحذر منه. ولفت إلى أن المعضلة الثالثة في قضية التجديد هي الخوف من التجديد أو التجاوز فيه، فلا شك أن التجديد يحتاج إلى شجاعة وجرأة محسوبة، وحسن تقدير للأمور في آن واحد، كما أنه يحتاج من صاحبه إلى إخلاص النيّة لله بما يعينه على حسن الفهم وعلى تحمل النقد والسهام اللاذعة. وقال وزير الأوقاف: إن تسارع وتيرة الحياة العصرية في شتى الجوانب العلمية والاقتصادية والتكنولوجية، إضافة إلى التقلبات والتكتلات والتحالفات والمتغيّرات السياسية، كل ذلك يحتم على العلماء والفقهاء إعادة النظر في ضوء كل هذه المتغيّرات، ويعلم الجميع أن الإقدام على هذا الأمر ليس سهلًا ولا يسيرًا ، ويحتاج إلى جهود ضخمة من الأفراد والمؤسسات. واستطرد أن هذا التجديد ينبغي ألا يتجاوز ثوابت الشرع ، وأن ينضبط بميزاني الشرع والعقل، وألا يترك نهبًا لغير المؤهلين وغير المتخصصين أو المتطاولين الذين يريدون هدم الثوابت تحت دعوى التجديد، فالميزان دقيق، والمرحلة في غاية الدقة والخطورة، لما يكتنفها من تحديات في الداخل والخارج، فالمتخصص المؤهل إذا اجتهد فأخطأ له أجر، وإن اجتهد فأصاب فله أجران، الأول لاجتهاده والآخر لإصابته، أما من تجرأ على الفتوى بغير علم، فإن أصاب فعليه وزر ، وإن أخطأ فعليه وزران، الأول لاقتحامه ما ليس له بأهله ، والآخر لما يترتب على خطئه من آثار كان المجتمع والدين معًا في غنى عنها، في ظل أوقات تحتاج إلى من يبني لا من يهدم.