اللقب هو اسم أو صفة مستعارة تُضاف إلى اسم الشخص ، ولقد عشقها الناس ومنحوها لمن يحبونهم ، وألصقوها بمن يكرهون ، وانتشرت فى أوساط الفنانين والكُتاب . مثل " العندليب الأسمر " الذى أُطلق على المطرب عبد الحليم حافظ ، و"أمير الشعراء" الذى لُقب به الشاعر أحمد شوقى . ومن الألقاب ما ارتبط بالصفات الأخلاقية أو الجسمانية أو الانجازات ، مثل سلسلة ملوك فرنسا الذين حمل كل منهم اسم فيليب ، فكان منهم : فيليب العظيم ، وفيليب المنتصر ، وفيليب الجرئ ، وفيليب الطويل القامة .. ولعلنا فى هذا المقام لا ننسى الإشارة إلى " صاحب الضربة الجوية " ذلك اللقب الذى حاول الرئيس المصرى المخلوع خلعه على نفسه . وهناك ألقاب ارتبطت بالمهن كالخياط والنجار والبواب والراعى والفلاح والبنا والحداد ، وأخرى استعارت أسماء الحيوانات والطيور مثل غراب وحسون وبلبل وغزال وفيل . وفى مصر قديماً كانت الألقاب تُباع بوصفها رمزاً للوجاهة الاجتماعية والمنصب الحكومى الرفيع . وقد كان السلطان العثمانى هو الذى يملك منح الألقاب فى الأراضى المصرية ، وفى عام 1866 دفع الوالى إسماعيل مبلغ 32000 جنيهاً ذهبياً للسلطان العثمانى كى يحصل على لقب خديوى الأكثر وجاهة من لقب والى . فى 18 ابريل 1915 بعد إعلان الحماية البريطانية على مصر وفصلها عن عن الإمبراطورية العثمانية ، أصدر السلطان حسين كامل مرسوماً بتنظيم الألقاب فى مصر لتأخذ بذلك الألقاب طابعها المصرى ، وتضمن المرسوم أن يكون لقب رئيس وزراء مصر هو "حضرة صاحب الدولة" بدلاً من " صاحب العطوفة" . وكان الأعيان وكبار رجال الدولة ينتظرون بلهفة اليوم السابق على عيد ميلاد الملك ، ففى هذا اليوم كانت تقدم كشوف الإنعامات الملكية وفيها أسماء المرشحين لنيل الألقاب والرتب والنياشين ليعتمدها الملك . فى الأول من أغسطس 1952 بعيد قيام ثورة 23 يوليو قررت وزارة على ماهر باشا إلغاء جميع الألقاب تنفيذاً لمبادئ الثورة ، وأصبح اللقب المعتمد لكل المواطنين هو " السيد " .. وربما يكون لهذا علاقة بتسميتى " السيد زرد " ، سيما وأننى ولدت فى مرحلة المد الثورى تلك ؟! مع الانقلاب على سياسات ثورة يوليو ذات التوجه الاشتراكى وتطبيق ما عُرف بالانفتاح الاقتصادى فى النصف الثانى من سبعينيات القرن الماضى ، أخذت تعود الألقاب للمجتمع المصرى ، خاصة مع احتياج الفئات الطفيلية الجديدة التى ظهرت إلى تعزيز أدبى يعوض ما لديهم من شعور بالنقص نتيجة لتدنى أصولهم الاجتماعية وافتقارهم للثقافة الجادة . وتوالى انتشار ألقاب : باشا وبيه ( بك ) ، بالاضافة إلى " باشمهندس " ونحوها ، بشكل عشوائى وعجيب ، فما من حرفى إلا وهو " باشمهندس " ، وما من سمين يرتدى بدلة ورباط عنق إلا وهو " باشا " . وأصبحت كلمات : معاليك ، وجنباك من الألفاظ الدارجة فى التعامل اليومى . لكن المؤسف والمزرى ، أن غالبية المنتمين لبعض الجهات أصبحوا يرون فى مثل هذه الألقاب حقاً مكتسباً لا يفرّطون فيه ، ولا يسمحون للآخرين بأن يتجاهلوه . ففى قطاعات الشرطة والقضاء ومستويات الإدارة الحكومية العليا أصبح التلقب بالباشا والبيه أمراً اعتيادياً لا يمكن اجتنابه ، بل ولا يرون غضاضة فى أن يظهر على الأوراق الرسمية فى تأشيراتهم ومخاطباتهم ، متجاهلين أن هذا مخالف للقانون ، وفيه تمييز منهى عنه قانوناً .. أليس كذلك يا باشا ؟!