د. ضحي عبد الحميد قد يري البعض أن التزايد السكاني الذي يتولد عنه تزايد حجم العمالة كخطر كبير، ولكننا نتفق مع أصحاب الفكر المناقض الذين يرون أن العكس هو الصحيح. فإن حجم العمالة بالمنطقة يتوقع له أن يتزايد بنسبة 4.3% في الفترة ما بين الأعوام 2000 و2010 وهو يمثل ضعف متوسط النمو بالدول النامية الأخري. كما أن التجارة الدولية تعمل علي زيادة معدلات التخصص في العملية الانتاجية والاهتمام بالتدريب وتحسين معدلات انتاجية العمالة. فإن الدول الصغيرة والتي تفتقر إلي الموارد الطبيعية قد تتجه إلي هذا المنحي دون الحاجة لوفرة في الموارد وتكوين موقع لها علي خريطة الاستثمارة الدولية. وقد تستفيد الدول الأكبر حجما ايضا من مزايا التخصص في العملية الإنتاجية. فإن هذه الدولة كبيرة أو صغيرة كانت ستدفع بمنتجاتها للأسواق المحلية والأسواق العالمية المجاورة محققة عوائد أكبر. لذا فإن مزايا التخصص في العملية الإنتاجية يعتبر مجالا واعدا لجميع دول منطقة الشرق الأوسط الكبير. فإن القطاعات الإنتاجية في غالبية دول منطقة الشرق الأوسط الكبير تعتبر صغيرة الحجم من المنظور الدولي ممثلة حوالي نصف مستوياتها في الدول متوسطة الدخل الأدني. وإن العوائد المتوقعة من انفتاح التجارة يتوقع لها أن تتعاظم مع مر الزمان. فقد أدت العوائد الجيدة للبترول في تحقيق المنطقة لفائض في موازينها الجارية يوازي 92 مليار دولار أي 4.14% من ناتجها المحلي الإجمالي. وإذا أضفنا كلا من دولة الإمارات العربية المتحدة والكويت علي وجه التحديد كجزء من الكل، فإن الفائض يربو علي 120 مليار دولار أي حوالي 5.15% من الناتج الإجمالي المحلي للمنطقة. ومع ضم كل من أفغانستان وإيران وتركيا، فإن هذه الأرقام ستتصاعد إلي مستويات أعلي. وحتي إذا ما استبعدنا تلك الدول الثلاث فإن ما تم تحقيقه لا يماثل إلا ما حدث في أعقاب الارتفاعات السعرية غير المشهودة للبترول في السبعينيات من القرن العشرين. وإذا نظرنا إلي بعض الدول علي حدة، فإننا نري أن ايران قد احتلت مركزا أفضل من مثيلاتها من الدول المصدرة للبترول نظرا لوجود قطاعات غير نفطية اقتصادية أخري تتميز بالقوة، وفي مصر فإننا نلمس تزايد حجم التصدير والذي صاحب تدني قيمة الجنيه كما تم استخدام سياسات مالية مرنة تستند علي مؤشرات وتأشيرات واضحة، وفي دول المشرق، فإن النشاط الاقتصادي في الأردن قد تميز بانفراجة نتيجة لتزايد حجم التصدير وارتفاع حجم الطلب المحلي، وقد أدي تزايد الموارد إلي تحسين موازنة الدولة بالرغم من الحاجة إلي سياسات تُحجم التوسع في الاقتراض، وفي لبنان فإن معدلات النمو قد ارتفعت خاصة في قطاعات التصدير والسياحة والبناء والتشييد، وفي إسرائيل فإن النمو الاقتصادي قد تحسن تحسنا طفيفا خاصة في اتجاه مصروفات قطاع تكنولوجيا المعلومات وفي معدل الاستهلاك الفردي، وبالرغم من تزايد الأسعار فقد عمل البنك المركزي الإسرائيلي علي استهداف معدل تضخم يتراوح مابين 1 3%. وبنظرة عامة نستطيع القول إن الاتجاهات الاقتصادية المشار إليها إن دلت علي شيء فإنها تدل علي القدرة الكامنة لدي المنطقة علي النمو وعلي توليد فرص استثمارية واعدة للمستثمر المحلي والأجنبي. (ب) نقاط الضعف كما أن للمرأة وجها لامعا فإن لها علي الوجه الاَخر ما ينافي ذلك، فإن تزايد معدل البطالة في العقدين السابقين هو الأعلي في العالم كنتيجة حتمية للهبة السكانية التي حباها الله بها، كما أن حجم التجارة ضعيف للغاية حيث مثل حوالي ثلث ما يمكن أن يصل إليه، ومثلت الصادرات غير النفطية أيضا حوالي ثلث ما يمكن أن تكون عليه، بالإضافة إلي أن نصيب السلع غير النفطية في الناتج المحلي الاجمالي يصل إلي حوالي 6% فقط (مقارنة بأكثر من 20% في دول شرق أسيا والمحيط الهادي)، وربما تكون تغطية جزء يسير من هذه الفجوة قد تؤدي إلي زيادة التشغيل بأكثر من 4 ملايين نسمة علي مدي خمس سنوات، مما يوازي تقليل حدة البطالة بنسبة تقدر ب4%، ومن مواطن الضعف الأخري التي تواجهها المنطقة الحصول علي نسبة تتراوح ما بين 5.0 1% من الاستثمار الأجنبي المباشر بينما تتحصل علي 2% من الدخل العالمي ويقيم بها 5% من سكان العام، كما تواجه المنطقة مخاطر الاعتماد علي مصدر أحادي للدخل: فمثلا أهم مصدر للدخل في دول مجلس الاتحاد الخليجي غير متنوع بدرجة كافية حيث يعتمد بالأساس علي عوائد النفط المستنفذ كما أن الدخل الفردي في السعودية قد انخفض من 17 ألف دولار في أوائل الثمانينات إلي حوالي 9 اَلاف دولار حاليا، وأن منطقة الشرق الأوسط الكبير وما تواجهه من تدخلات وصراعات تجلب الوبال عليها قد أوهن من قدرتها علي النمو بنسبة تقدر ب2.3% سنويا خلال العقدين السابقين. كما أن حواجز التجارة قد ضاعفت من حجم المشكلة الاقتصادية لمنطقة الشرق الأوسط الكبير، فإن المنطقة تعد الأقل حظا من حيث تغطية منظمة التجارة