وكيل التعليم بالدقهلية يتفقد انتظام امتحان مادة البرمجة والذكاء الاصطناعي    وزير البترول: القطاع يشهد إعادة ضبط هيكلي مدفوع بتدخلات إصلاحية غير مسبوقة    البنوك إجازة في أول أيام 2026 ولمدة 3 أيام بهذه المناسبة    ننشر آخر تطورات سعر الذهب اليوم الأربعاء 31 ديسمبر .. عيار 24 ب6668 جنيها    التضامن: برنامج «تكافل وكرامة» الأكبر في المنطقة العربية للدعم النقدي المشروط    مجلس الوزراء: تراجع ديون شركات النفط الدولية تدريجيا 2025 بفضل الخطة المالية    الأردن يؤكد دعمه لأمن واستقرار اليمن ويدعو لخفض التصعيد    محمود عباس: الدولة الفلسطينية المستقلة حقيقة حتمية وغزة ستعود إلى حضن الشرعية الوطنية    خبير: الغرب يسعى لتغيير النظام الإيراني    الدفاع الروسية تكشف تفاصيل محاولة شن هجوم باستخدام طائرات مسيرة أوكرانية على مقر بوتين    حصاد 2025| منتخب مصر يتأهل للمونديال ويتألق في أمم أفريقيا.. ووداع كأس العرب النقطة السلبية    بيراميدز بطل إفريقي فوق العادة في 2025    تأجيل محاكمة 4 عاملين بمؤسسة إيوائية بكفر الشيخ بتهمة الاتجار بالبشر وهتك عرض الأطفال    القبض على شبكة تروج للفجوروالأعمال المنافية للآداب    أبرز إيرادات دور العرض السينمائية أمس الثلاثاء    المجمع الطبي للقوات المسلحة بكوبري القبة يستضيف خبيرًا عالميًّا    الأهلي يدخل بقوة في الميركاتو الشتوي ويقترب من ضم مهاجم برازيلي    منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة بالسودان: الأوضاع الإنسانية الراهنة في البلاد صادمة للغاية    البدوى وسرى يقدمان أوراق ترشحهما على رئاسة الوفد السبت    وزارة «الداخلية» ترفع درجة الإستعداد لتأمين إحتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد    طالبات "تمريض الأزهر" يصممن نموذج "طمأنينة" للكشف المبكر عن سرطان الثدي    إيمري يوضح سبب عدم مصافحته أرتيتا بعد رباعية أرسنال    وزارة الصحة: صرف الألبان العلاجية للمصابين بأمراض التمثيل الغذائى بالمجان    هل يوم الخميس عطلة رسمية بمناسبة السنة الميلادية؟    الري: متابعة معدلات العمل في كل مشروعات الحماية من أخطار السيول    عضو اتحاد الكرة: هاني أبوريدة أخرج أفضل نسخة من حسام حسن في أمم إفريقيا بالمغرب    «عزومة» صلاح تبهج بعثة منتخب مصر في المغرب    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بحلول العام الميلادي الجديد    أسعار اللحوم بداية اليوم الأربعاء 31 ديسمبر 2025    إسرائيل تصطاد في "الماء العكر".. هجوم رقمي يستهدف السعودية بعد أزمة الإمارات بين لجان "الانتقالي" و"تل أبيب"    البترول توافق على تنفيذ مشروع تعديل مسار خط غاز طلخا    الأرصاد: طقس شديد البرودة صباحًا ومائل للدفء نهارًا    رابط التقديم للطلاب في المدارس المصرية اليابانية للعام الدراسي 2026/2027.. يبدأ غدا    ضبط 150 كيلو لحوم وأحشاء غير صالحة للاستهلاك الآدمي ببنها    إصابة 8 عاملات في حادث انقلاب ميكروباص بالطريق الصحراوي القاهرة–الإسكندرية بالبحيرة    الاحتلال يقتحم قرية المغير وبلدة الرام ويطلق قنابل الغاز والرصاص المطاطى    نور النبوى ضيف برنامج فضفضت أوى مع معتز التونى على Watch it اليوم    برلمانى: قرار المتحدة للإعلام خطوة شجاعة تضع حدا لفوضى التريند    الإثنين.. مؤتمر صحفي للكشف عن تفاصيل مهرجان المسرح العربي    المركز القومي للمسرح يطلق مبادرة.. 2026 عام الاحتفال بالفنانين المعاصرين    إوعى تقول: مابصدقش الأبراج؟!    كريم محمود عبد العزيز يبدأ تصوير مسلسل «المتر سمير» | رمضان 2026    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 31ديسمبر 2025 فى المنيا    تنمية زراعية متكاملة    «حافظ على نفسك»    محافظ أسيوط: عام 2025 شهد تقديم أكثر من 14 مليون خدمة طبية للمواطنين بالمحافظة    "هتعمل إيه في رأس السنة"؟.. هادعي ربنا يجيب العواقب سليمة ويرضي كل انسان بمعيشته    108 دقة جرس كيف يحتفى العالم برأس السنة كل عام؟    طبيبة تحسم الجدل| هل تناول الكبدة والقوانص مضر ويعرضك للسموم؟    محمد جمال وكيلاً لوزارة الصحة ومحمد زين مستشارا للمحافظ للشؤون الصحية    «مسار سلام» يجمع شباب المحافظات لنشر ثقافة السلام المجتمعي    "25يناير."كابوس السيسي الذي لا ينتهي .. طروحات عن معادلة للتغيير و إعلان مبادئ "الثوري المصري" يستبق ذكرى الثورة    توتر متصاعد في البحر الأسود بعد هجوم مسيّرات على ميناء توابسه    المحامى محمد رشوان: هناك بصيص أمل فى قضية رمضان صبحى    تموين القاهرة: نتبنى مبادرات لتوفير منتجات عالية الجودة بأسعار مخفضة    هل تبطل الصلاة بسبب خطأ فى تشكيل القرآن؟ الشيخ عويضة عثمان يجيب    خالد الجندى: القبر محطة من محطات ما بعد الحياة الدنيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فساد المصريين يتجاوز الرُّكب!

منذ بضع سنوات وقف النائب د. زكريا عزمى تحت قبة البرلمان ليعلن أن "الفساد فى المحليات وصل للركب"!.. مرت السنون لكن لم ينس المصريون الكلمة!.. فقد كانت أول اعتراف صريح ومباشر من مسئول رسمى بالدولة - وهذا سبب التمسك بها - بأن الفساد فى أحد القطاعات "الرسمية" بات لا يحتمل!.. لا يستطيع المرء أن يسير فيه دون أن تبتل ساقاه مما علق بهما من رشوة ومحسوبية!
وأصبحت "الركبة" - التى أطلقها عزمى - هى المعيار الشعبى لقياس الفساد!.. وتجاوز المعيار "المحليات" إلى باقى القطاعات!
لكن خلال هذه الفترة لم تظهر دراسة علمية حقيقية حول "الفساد" وتقاطعاته!.. لم تظهر دراسة "متخصصة" تقول لنا هل لازال الفساد رابضا عند مستوى "الركبة" أم أنه تجاوزها إلى مناطق أخرى؟! أم أن الدولة نجحت خلال هذه الفترة فى تجفيف منابعه!
والأهم بالتأكيد هو كيف يرى المصريون - أنفسهم - هذا الفساد؟.. كيف يعبرون عنه؟.. كيف يشرحونه ويحللونه؟.. وما هى رؤيتهم الحاكمة لقيم النزاهة والشفافية والفساد؟
من هذا الجانب تكتسب الدراسة - الصادرة عن وزارة الدولة للتنمية الإدارية والتى أعدها "كباحث رئيسى" عالم الاجتماع الكبير د. أحمد زايد عن الأطر الثقافية الحاكمة لسلوك المصريين واختياراتهم - أهميتها وهى دراسة لقيم "النزاهة" والشفافية" و"الفساد" داخل المجتمع المصرى.
من الخصخصة إلى المحسوبية!
سطور صادمة واجهتنا بها الدراسة منذ البداية لكنها بالتأكيد ذات دلالة جوهرية.. فبحسب نتائجها المتحصلة من دراسات الحالة والاستطلاع زاد الفساد بنسبة 38.6 ٪ فى المجتمع المصرى، بينما يرى 9.1 ٪ من المصريين أن الفساد ظل كما هو، بينما يرى7.3 ٪ أن الفساد قد قل!
وترصد الدراسة أن هناك تقريبا شبه اتفاق على أن "الفساد" يشمل السرقة والنهب ويتجه "الاستخدام الشعبى" إلى ربط الكلمة دائما ب"الكبار" بمعنى أصحاب السلطة!
فالعقل الشعبى يرى أن الفساد ينتشر بين فئة واحدة فى المجتمع، هم أصحاب المناصب الكبرى، ومع اشتداد الأزمات المجتمعية يلجأ عامة الناس إلى الحديث عن سرقة موارد الدولة، كما يسود استخدام الكلمة بمعنى بيع الأصول، أى "الخصخصة" ونهب موارد الدولة!
وتتمثل مؤشرات الفساد فى المجتمع المصرى - وفقا لعينة البحث - فى "المحسوبية" و"الواسطة" حيث يرى 87.4 ٪ أنهما زادتا بشكل ملحوظ فى حين يرى10.5 ٪ أن المحسوبية والواسطة ظلتا كما هما فى السنوات الخمس الماضية، فيما يعتقد 2 ٪ أن المحسوبية والواسطة قلتا خلال تلك الفترة!.. أى أن القناعة السائدة هى انتشارهما فى شتى مناحى الحياة!
وهى وجهة نظر تنتشر بصورة أكبر بين سكان الحضر عنها فى المناطق الريفية حيث يرى 98.6 ٪من أهالى الحضر أن الواسطة والمحسوبية أصبحت هى السائدة مقابل 85.8 ٪ من أهالى الريف. وكذلك تتزايد هذه النظرة بين الشباب فى الفئة العمرية الأقل من35 سنة، حيث تصل القناعة بهذا الأمر بينهم إلى 90.1 ٪ وتقل فى الفئة العمرية " 35 – 45 " إلى نسبة 88.7 ٪ !
ويرى 82.9 ٪ أن المحسوبية منتشرة بدرجة كبيرة و 14.3 ٪ يرون أنها منتشرة بدرجة متوسطة وصغيرة، أى أن 99.2 ٪ من أفراد العينة مقتنعون بأن المحسوبية منتشرة فى المجتمع بدرجات تتراوح بين الدرجة الكبيرة والمتوسطة والصغيرة!
لكن الصادم بالفعل هو أن المجتمع أصبح يتعامل مع الظاهرة، وكأنها أمر واقع، إذ يرى 98.7 ٪ أنهم لا يستطيعون قضاء مصالحهم دون اللجوء للواسطة، بينما يرى 10.3 ٪ فقط أنها ليست ضرورية!
الفساد الحكومى وعدالة الدولة!
وسط القناعة المتزايدة لدى المصريين بزيادة نسبة الفساد بوجه عام، والمحسوبية بوجه خاص، كان من الطبيعى أن نستشعر مكمن الخطورة وراء إعلان 26.4 ٪ أنهم لجأوا بالفعل إلى تقديم "الرشاوى" لإنهاء مصالحهم الحكومية!.. وهى نتيجة لا يمكن فهمها بصورة أكبر إلا عندما نعلم أن 49.9 ٪ من المصريين لا يرون فى قبول الرشوة ما يعيق أو يوصم الموظف الحكومى! وأن 42.9 ٪ منهم يرى الموظف الجيد هو من ينجز مهامه بدقة، 42.4 ٪ أنه من يعامل الجمهور باحترام، و 41 ٪ "منضبط"، بينما لم يهتم بصفة أنه الذى لا يقبل "الرشوة"سوى 51.1 ٪ فقط!
لزيادة الإحساس بارتفاع نسبة الفساد وجه آخر عكسته نتائج الدراسة يتمثل فى رؤية المصريين بصفة عامة لعدالة الدولة.. فهناك تصورات لدى 40.8 ٪ أن الدولة غير عادلة، فى مقابل 47.1 ٪ اعتبروا أن الدولة "عادلة إلى حد ما" و 12.1 ٪ رأوها عادلة جدا.
وترجع أسباب عدم عدالة الدولة إلى انحيازها لفئات بعينها بنسبة 66.5 ٪ .. وبنسبة 42.5 ٪ إلى أنها لا تقدم خدمات جيدة للفقراء، وبنسبةر 31.1 ٪ إلى أنها لا تطبق القانون!
أما أكثر الفئات التى يراها المصريون تأخذ حقا أكبر من حقها، فهى على الترتيب رجال الأعمال ثم المسئولون ثم رجال الشرطة ثم القضاة، فالإعلاميون، وأساتذة الجامعة.
ورغم أن هناك إحساسا لدى قطاع كبير من المصريين بعدم المساواة إلا أن هناك فى المقابل حالة من التخاذل فى المطالبة بالحق، حيث أعرب 50.4 ٪ عن أنهم يفوضون أمرهم لله، و 40.4 ٪ يقدمون طلبات حول هذا الأمر، و 12.3 ٪ يبحثون عن واسطة، و 5.8 ٪ يدفعون رشوة!
المصالح الشخصية!
يرتبط الفساد بعلاقة طردية بزيادة إعلاء المصلحة الشخصية على المصلحة العامة.. فمع التطورات الاقتصادية والتكنولوجية الحادثة، تسود كثيرا من المجتمعات القيم الفردية، حيث يقل بالتبعية الاهتمام بالمصلحة العامة، وتشير البيانات إلى تغليب الشخصية المصرية المصلحة الخاصة بنسبة 38.9 ٪ مقابل 9.8 ٪ يفضلون المصلحة الشخصية مع المصلحة العامة، و 6.3 ٪ فقط يهتمون بالمصلحة العامة، مقابل المصلحة الشخصية!
وتلعب الظروف الاقتصادية دورا محوريا فى تفضيل المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة "حوالى 81 ٪ من المصريين"، فيما يرى 25.1 ٪ عدم جدوى الاهتمام من حيث الأصل بالمصلحة العامة! حيث تسود لدى المواطن حالة من اليأس والإحباط تفرضها أزمة الثقة بين المواطن والدولة!
ويرى 12.5 ٪ أن أحد أسباب تغليب المصلحة الشخصية على المصلحة العامة هو ضعف الانتماء، بينما يحمل 4.4 ٪ غياب المشروع القومى مسئولية تغليب المصلحة الشخصية وتغييب المصلحة العامة!
وبصورة إجمالية يمكن استخلاص سيادة النزعة الفردية على المجتمع وانتشار سلوك اللامبالاة بالشأن العام، والانغلاق على الذات.. وهى صفات من شأنها أن تعكس ضعف المجتمع وهشاشته، إذا ما واجه الأزمات الكبيرة، ويظل الفرد أسيرا لنظرته الضيقة ومنغلقا على نفسه دون الاهتمام بالشأن العام!
وتنبه الدراسة إلى أن وجود الفقر وتزايده من الأسباب الرئيسية لتقليل الاهتمام بالمصلحة العامة.. إذ يشعر المواطن فى داخله أن مجمل السياسات الاجتماعية لا تعبر عنه، ولا تستجيب لاحتياجاته، وتجعل المواطن فى النهاية يفقد الثقة فى كل ما حوله، ويحس أنه لا أهمية له فى وطنه!
وعلى الجانب الآخر تفرض الأوضاع الاقتصادية والفقر على المواطن أن يلجأ إلى الحلول الفردية بعيدا عن الدولة التى لا تستطيع أن تقدم حلولا كافية لمشكلاته! يميل 48.1 ٪ من المصريين إلى القول "يالا نفسى".. أى أن نصف المجتمع يعانى من سيادة الروح الفردية والانعزال عن الاهتمام بالقضايا العامة.. وكلها من الأسباب التى تجعل المواطن منغلقا على ذاته، وتظل دائرة مشاركته مرتبطة بالدرجة التى يحقق فيها مصلحته الشخصية.. والمهم أن يحقق الفرد مصالحه وأهدافه دون النظر إلى مصالح الآخرين، مادام يشعر أن السياسات الاقتصادية لا توجه إليه، بل هى موجهة إلى فئات محددة فى المجتمع!
وتشير البيانات إلى أن 42.15 ٪ من المصريين لم يكن لديهم أى شكل من أشكال المشاركة المجتمعية، مقابل 57.9 ٪ كانت لديهم مشاركات بدرجات مختلفة!.. فهم يعتقدون "حوالى 40 ٪ " أن الدولة لا تهتم بمصالحهم، ولا تعبر عنهم، وأن همومهم ومشكلاتهم لم تنل القدر الكافى من الاهتمام.. ويرى 59.8 ٪ من المصريين أن الدولة تهتم بهم بنسب متفاوتة، فى مقابل فئات اجتماعية وسياسية تحصل على انحياز الدولة، وهم أصحاب النفوذ " 70.4 ٪ " ورجال الأعمال " 55.2 ٪ " .
ويعتقد أغلب المصريين أن الدولة توفر كافة أشكال الحماية والدعم لرجال الأعمال.. ويحققون من وراء ذلك الكثير من المكاسب والمصالح بينما يمثل أصحاب المحسوبية النصيب التالى بين الفئات التى تحصل على دعم الدولة، بنسبة 34.5 ٪ ثم يليهم "التجار" بنسبة 6.9 ٪ !
تقاطعات هذه الصورة تمثل بدورها أرضية داعمة للفساد.. فكل فرد فى المجتمع يعيش منعزلا ويبحث عن تحقيق مصالحه الشخصية ولا يهتم بمصالح الآخرين.. ويظل مقتنعا أن الدولة منحازة لغيره..ويتولد لديه إحساس باليأس والإحباط والظلم إلى فترات طويلة!
ويسألونك عن "النزاهة "!
هل نحن شعب يفتقر إلى النزاهة؟!.. هل غابت عنا قيم الأمانة والعدل ؟!
بحسب زايد، فإن هناك نتيجة مهمة انتهت إليها الدراسة، مفادها أن أفراد المجتمع المصرى لديهم ميل عام إلى ضرورة إعلاء قيمة النزاهة لدى الإنسان، وذلك من خلال التأكيد على ضرورة توافر فضيلة الإيمان بنسبة51.7 ٪ ، يليها الأمانة بنسبة 44.3 ٪ ، ثم الضمير بنسبة 36.4 ٪ ، والصدق بنسبة 30 ٪ .
وبالتالى لازالت النظرة لدينا أن الشخص المؤمن هو الشخص الفاضل تتصدر قائمة الأولويات.. وفى ضوء هذه النتيجة يمكن الاقتراب أكثر من القيم الحاكمة للنزاهة، وهى الاتساق "عدم التناقض" والعدل والأمانة.
فقيمة الاتساق "عدم التناقض"، تعنى أن يقول الشخص ما يفعل، ويفعل ما يقول.. أى أنه لا توجد ازدواجية بين القول والفعل لديه.. لكن هل هذا يمكن مشاهدته بشكل كبير داخل المجتمع المصرى ؟
تؤكد الدراسة أن المجتمع المصرى يعانى من ازدواجية شديدة!.. فيرى 88.4 ٪ أن المصريين يعانون من التناقض بين القول والفعل، وترجع أسباب هذا التناقض إلى كل من النفاق والكذب بنسبة 54.7 ٪ والخوف على المصلحة بنسبة 53.6 ٪ ، والفهلوة والمكسب السريع بنسبة12.4 ٪ ، وأخيرا الخيانة بنسبة 11.7 ٪ .
أما الفئات الأكثر تناقضا، فهم رجال السياسة بنسبة 83.1 ٪ ثم رجال الشرطة بنسبة 73.2 ٪ ، ثم رجال الدين بنسبة 43 ٪ ، ورجال القضاء بنسبة 38.4 ٪ ويرجع 84.9 ٪ من المصريين ارتفاع نسبة التناقض بين شريحة رجال الدين إلى أن تدينهم شكلى ومظهرى، ويرى 17.3 ٪ منهم أن إغراءات الحياة قوية، الأمر الذى يجعل الاتساق بين أقوالهم وأفعالهم منخفضا.
يتوازى مع عدم الاتساق "أو الازدواجية" تزايد الإحساس لدى المصريين بالظلم.. فيذهب 49.7 ٪ إلى أنهم مظلومون بالفعل، وحقهم مهضوم فى المجتمع !
وترتفع هذه النسبة فى بعض الأحيان إلى 63.8 ٪ .. وأن أكثر المصريين شعورا بالظلم وضياع الحق هم أهل الريف بنسبة 50.2 ٪ ، والذكور بنسبة 51.2 ٪ والشباب فى الفئة العمرية 34 : 18 بنسبة 52.5 ٪ ، ثم "الأميين" بنسبة 52.9 ٪ .
وبحسب الدراسة فإن أسباب الشعور بالظلم تختلف من فئة إلى أخرى وفقا للظروف والبيئة والنوع والسن ومستوى التعليم.
فأسباب شعور أهل الريف بالظلم يرجع إلى ضعف الأجور، وعدم إحساسهم بالأهمية، أو عدم توافر الظروف الملائمة لحياة كريمة ؟
بينما يشعر الذكور بالظلم بسبب ضعف الأجور بنسبة 48.4 ٪ ، فى مقابل 34.6 ٪ بالنسبة للإناث.
فى حين تشعر الإناث بالظلم بسبب عدم إحساسهن بالأهمية بنسبة 35.3 ٪ مقابل 24.2 ٪ للذكور.. ويشعر الشباب " 18 : 34 " بالظلم بسبب عدم إحساسهم بالأهمية.. ويشعر "الأميون" بالظلم بسبب ضعف الأجور.
أما عن التعرض الفعلى للظلم ولو لمرة واحدة، فيؤكد 46.4 ٪ أنهم تعرضوا بالفعل للظلم وأنهم خسروا حقوقهم فى مقابل 53.6 ٪ .
رغم الانخفاض "النسبى" لمن تعرضوا للظلم مقارنة بمن لم يتعرضوا لهذا الظلم، إلا أن نسبة من تعرضوا للظلم تكاد تتفق مع نسبة شعور الفرد بالظلم داخل المجتمع المصرى "49.7 ٪ " .
ويقر 75.1 ٪ بسيادة الظلم، بينما يقر 24.9 ٪ بسيادة العدل، وأكثر الأفراد إقرارا بانتشار الظلم هم الحضريون، والإناث، وذوو المؤهلات المتوسطة، وأيد 63.7 ٪ فكرة انخفاض المساواة والعدل، مقابل 14.4 ٪ أكدوا أن العدل قد ازداد.
وأرجع 76.1 ٪ تراجع المساواة إلى زيادة الفروق بين الأغنياء والفقراء، وانتشار المحسوبية لدى 43.9 ٪ ، وقلة الوازع الدينى عند 28.1 ٪ ، وعدم نزاهة القضاء لدى 3.7 ٪ ، وأن الفقراء أكثر الناس تعرضا للظلم فى المجتمع المصرى عند 83.3 ٪ ، يليهم الشباب بنسبة 39.8 ٪ ، والمرأة بنسبة 12.3 ٪ ، ثم موظفى الحكومة بنسبة 11.5 ٪ ثم كبار السن بنسبة 8.9 ٪ ، وأخيرا الأطفال بنسبة 4.3 ٪ لكن هناك فى المقابل إحساسا عند بعض الفئات بوجود اتجاهات لعدم المساواة، وهى على الترتيب - أى الفئات االناقصة الحقوق - : التمييز بين الأغنياء والفقراء بنسبة 92.8 ٪ والتمييز بين المتعلمين والأميين بنسبة 85.5 ٪ ، والتمييز بين كبار السن وصغار السن بنسبة 55.6 ٪ ، والتمييز بين الذكور والإناث بنسبة 4.3 ٪ ، والتمييز بين المسلمين والمسيحيين بنسبة 32.1 ٪ .
ولهذه النتيجة مدلول واضح فى أن الإحساس بوجود فروق بين المسلمين والمسيحيين يتراجع إلى نهاية القائمة مقارنة بباقى النتائج.. فالإحساس بوجود فارق تمييزى مثلا بين الأغنياء والفقراء يفوقه بثلاثة أضعاف تقريبا، وهى نتيجة تعكس حجم الترابط والروح الوطنية داخل المجتمع المصرى.
الشفافية.. والله أعلم !
يرى العديد من المصريين أن هناك حلقة اتصال غائبة بين الفرد والحكومة.. وحلقة الاتصال الغائبة، وفقا لهذا التصور هى الشفافية.. وعدم الشفافية هنا يعنى تعمد الدولة حجب المعلومات عن المواطنين باعتبارها المسئولة عن إتاحة هذه المعلومات، أو أنها تصدر فى المقابل عددا من المعلومات غير المنطقية، أو إتاحتها بعد أن تصبح عديمة القيمة.. والعديد من الدراسات - بحسب زايد - أوضح تدنى المعرفة والمشاركة السياسية للمواطنين.. خاصة أن مفهوم "الشفافية" يرتبط بصورة رئيسية بقدرة المواطن على تفسير وفهم المعلومات الحكومية بشكل صحيح، وهذه القدرة تتطلب وجود سمات خاصة بمستويات التعليم ونوعيته، ومن ثم تنخفض هذه القدرة فى حالة ارتفاع "الأمية" ونوعية التعليم، والقدرة على فهم وتفسير المعلومات.
لكن بشكل مباشر يرى 43.1 ٪ من المصريين أن المسئولين الحكوميين لا يتحدثون بصراحة، بينما يرى 41.4 ٪ أن المسئولين الحكوميين أحيانا يتحدثون بصراحة، وهو ما يعكس تدنى حجم الثقة فى التصريحات الحكومية، والتى لا تتجاوز 15.5 ٪ من حجم العينة محل الدراسة !
وتشير البيانات إلى أن المعلومات الاقتصادية من أكثر البيانات التى تخفيها الحكومة، ولا تتحدث عنها بصراحة كافية.. ويؤيد 52 ٪ من المصريين هذا الرأى، يلى ذلك البيانات المتعلقة بالفساد بنسبة 45٪، حيث يرون أن الحكومة تحاول إخفاءها دائما!
ورغم عدم ثقة المصريين فى شفافية الحكومة وتعاملها مع البيانات، إلا أنهم يقدرون محاولات الحكومة لإتاحة البيانات، حيث يرى 93 ٪ أن ما تقوم به الحكومة لتسهيل الحصول على البيانات يعد خطوة مفيدة !
وينقسم المصريون من حيث مدى الثقة فى الحكومة نفسها، حيث يثق بها 50.4 ٪ بينما لا يثق بها 49.6 ٪ .. وترتفع نسبة الثقة بين الريفيين إلى 57.7 ٪ مقارنة بنسبة 40.4 ٪ بين الحضريين، وتنخفض بين الشباب إلى 42.2 ٪ ، بينما ترتفع بين الفئة العمرية " 35 - 45 " سنة إلى 54.1 ٪ وترتفع بين من هم أكبر من 54 سنة إلى 57.6 ٪ .
وهو ما يرجعه المصريون إلى عدم وفاء الحكومة بوعودها، وذلك بنسبة 68 ٪ ، وعدم اهتمامها بالفقراء بنسبة 46 ٪ ، وانحيازها لرجال الأعمال بنسبة 22 ٪ وعدم تصديها للفساد بنفس النسبة تقريبا !
من الفساد إلى الفساد !
بدت الحلقة متصلة إذن.. تدور بصورة أساسية حول كيفية تفاعل الحكومة مع الفساد وكيف تواجهه.. كيف تجهضه، وكيف تقع فريسة له !
وفى كل الأحوال يرتبط مقدار اكتساب الحكومة لتأييد الجماهير بمقدار تصديها للفساد.. فإذا تزايد الإحساس لدى المواطن بتهاون الحكومة فى حقه، تزايدت بالتبعية الروح السلبية.. وضعفت فى المقابل الروح الجماعية.. وانتشرت اللامبالاة والأمراض الاجتماعية.
ولاشك كذلك أننا أمام دراسة - رغم خطورة ما نبهت إليه - إلا أنها بمثابة "ناقوس" مهم للتنبيه وإثارة أجهزة الدولة، والقطاعات العامة والهيئات الدينية والمدنية لوضع حلول جذرية، قبل أن تصبح الكارثة كارثتين.. وقبل أن يتحول المجتمع إلى مستنقع يتجاوز غُرر رءوسنا.. فهل من سامع؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.