توابع قضايا الفساد في وزارة الزراعة يبدو انها لم تنته بعد .. فعلي الرغم من صدور احكام قضائية بحبس عدد من قيادات الوزارة السابقين في مقدمتهم يوسف عبد الرحمن الا ان افعال وسياسات هؤلاء المسئولين كان لها آثار سلبية مدمرة علي الزراعة المصرية .. وعلي الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلها المهندس احمد الليثي لتطهير مختلف المواقع بالوزارة الا ان سوسة النخيل تبدو كأنها "تركة" مثقلة بالديون ترهق من يرثها فمن واقع المستندات والاوراق التي بحوذتنا فان كارثة حقيقية تهاجم استثمارات زراعات النخيل بجميع انواعه في مصر والتي بدأت اول خيوطها منذ عام 1989 وتستمر حتي الان وتتمثل هذه الكارثة في دخول حشرة لم تكن معروفة من قبل وهي سوسة النخيل الحمراء. ومن واقع المستندات ايضا فان السنوات العشر الاخيرة شهدت هجوما شرسا من هذه الحشرة حتي غطت جميع مناطق محافظات الوجه البحري ومدن القناة وامتدت لتطول حدود محافظة الجيزة الجنوبية بعد ان كانت محاصرة في 3 مناطق فقط بمنطقة الصالحية مطلع عام 1989 كما كانت جملة الاصابات في مطلع 1993 لا تزيد علي 1351 نخلة تم حرقها بالكامل وصلت هذه الاصابات في اشجار النخيل لنحو 96105 نخلات في عام 2004 ونتيجة الاهمال ورعونة بعض المسئولين علما بأن هذه الكارثة تهدد اكثر من 12 مليون نخلة مثمرة في مصر فضلا عن زراعات قصب السكر ونخيل الزينة ونخيل الدوم والتفاصيل في السطور القادمة... سيناريو دخول سوسة النخيل الي مصر بدأ مع بداية عام 1989 من خلال شحنة عددها 500 نخلة دخلت الي البلاد في شكل هدية من احدي دول الخليج العربي وتم زراعتها بمنطقة الصالحية ... ومع مرور الوقت تكاثرت الحشرة وبدأت تنتشر في اشجار النخيل المجاورة .. وبينما كان الراحل الدكتور محمد رمضان استاذ الحشرات بكلية الزراعة جامعة الزقازيق يمر داخل مزرعته استوقفته بعض العلامات والفتحات الملونة بسائل يشبه الصمغ علي احدي اشجار النخيل فقام بفحص مبدئي حيث تأكد من وجود حشرة ولكن هذه الحشرة لم تكن معروفة له وهو استاذ في علم الحشرات فاصابته حيرة كبيرة لانه يري هذه الحشرة لاول مرة ولم يجد لها تصنيفا او اسما في قائمة الحشرات الموجودة داخل مصر فقام بارسال هذه الحشرة الي المعهد البريطاني للحشرات في لندن لتحديد هويتها ورد عليه المعهد بإن هذه الحشرة تعرف باسم "سوسة النخيل الحمراء او الهندية" وهي منتشرة في قارة اسيا ودول الخليج العربي وقرر المعهد البريطاني للحشرات في المذكرة التي ارسلها للدكتور محمد رمضان تسجيل هذه الحشرة لاول مرة ضمن قائمة الحشرات الموجودة في مصر. بلاغ ليوسف والي وعلي الفور قام الراحل الدكتور محمد رمضان بإعداد تقرير حول هذه الحشرة التي بدأت في الظهور في منطقة الصالحية وانتشرت في 3 مزارع ورفعه الي الدكتور يوسف والي نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة في ذلك الوقت وتم بالفعل تشكيل فريق عمل ولجنة خاصة برئاسة الدكتور ياسين عثمان رئيس قطاع الارشاد بالوزارة وضمت خبراء ومسئولين منهم الدكتور علي مرسي وانتقلت اللجنة الي جامعة الزقازيق لتلتقي بالدكتور محمد رمضان المكتشف الاول لسوسة النخيل وقام باصطحابهم الي المزرعة حيث شاهدوا الاصابات التي تتعرض لها اشجار النخيل علي الطبيعة وانتهت اللجنة الي تحديد وسيلة للعلاج تركزت في اعدام اشجار النخيل حرقا . ووفقا لما ذكره المهندس رضا اسماعيل وكيل اول وزارة الزراعة ورئيس قطاع الخدمات والمتابعة فان طريقة المكافحة التي كانت متبعة في ذلك الوقت لم تكن مجدية حيث ان عمليات الحرق لم تكن فعالة بالدرجة التي تقضي علي الحشرة تماما نظرا لان الحشرة تستقر في جوف النخلة وتتغذي علي انسجتها فمن الصعب الوصول اليها فبعد انتهاء عملية الحرق تكون هذه الحشرات مازالت حية فتنتشر من جديد لتصيب اشجارالنخيل مرة اخري ولكن كانت المكافحة تسير بشكل جيد وتم حصر عمليات الاصابة في ثلاث مناطق فقط بالصالحية ..