شهد مؤتمر جمعية شباب المصرفيين الذي نظمته السبت الماضي مناقشات حادة حول دور البنوك في تمويل الاستثمار داخل المحافظات، وأسباب عدم وجود وحدات مصرفية كافية في القري والنجوع، وقصر تمويل البنوك علي تمويل المشروعات قصيرة ومتوسطة الأجل. علي مستوي القضية الأولي المتعلقة بالفروع أكد علي نجم رئيس بنك الدلتا الدولي ومحافظ البنك المركزي الأسبق أن القطاع المصرفي يمثل العامل الأساسي في عملية دعم النشاط الاستثماري، فلا توجد تنمية اقتصادية بدون القطاع المصرفي علي الإطلاق. وأوضح أنه ليس بالضرورة تواجد البنوك في جميع محافظات مصر لتمويل الأنشطة المختلفة في هذه المحافظات فلا يوجد ما يمنع من تمويل مشروع في الأقصر علي سبيل المثال من خلال فرع البنك في القاهرة وضرب مثالاً علي ذلك بتجربة بنك مصر بريادة طلعت حرب حيث أنشأ بنك مصر أكثر من 32 شركة في جميع المجالات مثل مصر للطيران، والغزل والنسيج والطباعة وغيرها، بالإضافة إلي تجربة البنوك الألمانية في تحديث ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية حيث لعبت البنوك دوراً مهماً في تنمية مدنها وتطويرها بعد الحرب. كما أشار نجم إلي ضرورة الاهتمام بالمشروعات الكبيرة وذلك لأنها تستوعب عدداً كبيراً من العمالة، بالإضافة إلي العائد المتميز لها والذي يخدم في النهاية الاقتصاد القومي وإن كان هذا لا يمنع علي الإطلاق من ضرورة الجمع بينها وبين المشروعات الصغيرة والتي يتركز نشاطها في المحافظات. ومن جانبه أوضح محمد بركات رئيس بنك مصر ان جميع الأنشطة الكبيرة لا تستدعي افتتاح فروع للبنوك في نفس المحافظة، وإنما تواجد فروع البنوك يصبح مطلوباً وضرورياً في المحافظات لعمليات التجزئة المصرفية. وأشار إلي تجربة بنك مصر في تمويل المشروعات المتناهية الصغر والتي تمثل قروضاً لا تتجاوز ال3000 جنيه والتي تم تنفيذها في خمسة فروع في الوجه القبلي وسوف تكون بداية للتواجد في محافظات أخري. وقال شاهين سراج الدين رئيس بنك التنمية الصناعية المصري إن تواجد البنوك في المحافظات يتطلب تطوير البنية التحتية لها والتي تتمثل في تنمية الكوادر البشرية داخلها من خلال تدريبها وإعدادها إعداداً جيداً، بالإضافة إلي تطوير وتحديث البنوك في التكنولوجيا ونظم المعلومات فمازالت البنوك المصرية تعتمد علي الأعمال اليدوية في نشاطها. وأشار سراج الدين إلي أن عدد البنوك في مصر كثير ولكن عدد الفروع لديها قليل ولا يكفي لخدمة العملاء. لذلك فإنه يمكن إنشاء ما يسمي ب"الميني فرع" كوسيلة من وسائل الانتشار داخل المحافظات والتي تسهل كثيراً علي عميل الفرع. ومن جانبه أشار فتحي السباعي رئيس بنكي العقاري المصري والعربي والتعمير والإسكان إلي أن إنشاء فروع للبنوك داخل المحافظات يتكلف مبالغ باهظة لذلك فإن البنوك الكبيرة تكتفي فقط بفتح فروع لها في المحافظات الرئيسية، وقال إن التكلفة تعد سبباً رئيسياً لغياب البنوك في القري والنجوع مما ساهم إلي حد كبير في نزوح العديد من الشباب إلي مدينة القاهرة وازدحامها في الفترة السابقة ولكن توجهات الدولة في الفترة الحالية بضرورة تشجيع الاستثمار والتنمية في المحافظات والريف سوف تعظم من دور البنوك وتواجدها في هذه المناطق. من جانبه شكاً نصر أبو العيون رئيس غرفة الصادرات بأسيوط من انحسار عدد الوحدات المصرفية في محافظة أسيوط حيث ذكر ان عدد الوحدات في محافظة اسيوط يبلغ 41 وحدة مصرفية فقط وهو عدد لا يتلاءم مع عدد سكان المحافظة البالغ نحو 6.2 مليون نسمة الأمر الذي يسبب ازدحاما شديداً عند التعامل مع هذه الوحدات بالاضافة الي افتقار هذه الوحدات للعديد من الخدمات المصرفية فطبقا لاحدث الدراسات المعدة في هذا الشأن فان الكثافة البنكية في محافظة اسيوط تبلغ 41 وحدة مصرفية تمثل ثلاث وحدات لكل 71 الف نسمة بينما علي مستوي الدولة فانه يوجد وحدة لكل 36 الف نسمة كما يبلغ حجم الائتمان الممنوح 476 جنيهاً لكل فرد بينما يصل المتوسط العام للدولة الي 2799 مما يدل علي قصور واضح في منح الائتمان الامر الذي يؤثر علي اقامة المشروعات والانشطة المختلفة داخل المحافظة بالاضافة الي انخفاض متوسط الادخار حيث يبلغ متوسط الادخار في اسيوط 768 جنيهاً للفرد بينما يبلغ متوسط الادخار علي مستوي الدولة 3515 جنيها. من جهته دعا الهامي الزيات رئيس الاتحاد العام للغرف السياحية البنوك الي ضرورة تفعيل دورها في تدعيم السياسات المطروحة لتنمية القطاع السياحي في المحافظات المصرية بصفة عامة ومحافظة مطروح والساحل الشمالي بصفة خاصة جاء ذلك خلال الحلقة النقاشية الثانية لمؤتمر جمعية شباب المصرفيين. واكد ضرورة توجه البنوك نحو الاستثمارات طويلة الأجل في القطاع السياحي وتفعيل سياحة المؤتمرات والمعارض حيث انها تعد من المشروعات السياحية الواعدة في القطاع السياحي وخاصة بعد تطوير وتأهيل محافظة مطروح وتشغيل مقاري العلمين ومرسي مطروح الأمر الذي سوف يساهم في زيادة عدد السائحين وخاصة من دول اوروبا لاختصار المسافة بين مطروح واوربا الي ثلاث ساعات فقط. واشار الزيات الي ضرورة توافر الاماكن الترفيهية وسط المدينة لجذب المزيد من السائحين. كما اكد د. صفوت الحسيني وكيل وزارة السياحة علي اهمية دور القطاع المصرفي في تنمية وتنشيط الحركة السياحية مشيرا الي هناك ارتباطاً وثيقاً بين القطاع السياحي وقطاع البنوك في الترويج وتمويل الاستثمارات السياحية. ورد فتحي السباعي علي اقتراحات الهامي الزيات بتأكيده علي انه لا توجد تنمية بدون مشاركة ومساهمة القطاع المصرفي، واشار الي ان القطاع المصرفي كان له دور كبير في اقامة العديد من المشروعات السياحية والنهوض بالقطاع السياحي بصفة عامة والمساهمة في تنميته وعلي الرغم من ذلك لم ينف السباعي ان تكون مساهمة القطاع المصرفي في التنمية السياحية خاصة في الساحل الشمالي محدودة حيث كان يتم في الفترة الماضية التركيز علي المشروعات العقارية وليس المشروعات السياحية. اما عن سياحة المؤتمرات والمعارض فأكد ان البنوك تلعب دورا رئيسيا فيها والدليل علي هذا مساهمة بنك التعمير والاسكان في تمويل هذا النوع من السياحة. واكد ان اي تنمية في اي قطاع لابد ان يشارك فيها القطاع المصرفي وخاصة قطاع السياحة حيث انه يعد من القطاعات الواعدة.