لعبت العولمة دورا كبيرا في تعدد وتنوع المخاطر المصرفية بالسوق المصري حيث ساهمت بشكل مباشر في دفع البنوك للتوسع في اقراض القطاع الخاص كشريك فعال في التنمية وتقديم قروض له تعادل 70% من الائتمان المقدم من القطاع المصرفي والذي غلب علي منحه في كثير من الحالات عدم الدقة وضعف الكفاءة وقلة الخبرة مما أثر علي البنوك بشكل مباشر. هذا ما أكده د.رشدي صالح الباحث المصرفي ومسئول وحدة الالتزام المصرفي بالمصرف العربي الدولي بالاسكندرية في دراسة حديثه له حملت "تأثير العولمة علي البنوك في مصر" وقال فيها إن الجهاز المصرفي المصري ليس ببعيد عن الازمات والمخاطر المصرفية التي يمر بها العالم والتي ترجع أحيانا لأسباب محلية. ورصد صالح عدداًمن الازمات المحلية التي حدثت بالقطاع المصرفي المصري حيث أشار إلي أنه من بينها أزمة الديون المتعثرة والتي ظهرت بداية بما يسمي بأزمة السيولة والركود الاقتصادي ثم التعثر المصرفي وإن كانت في أقل التقديرات تصل إلي 15% من الائتمان الممنوح نتيجة تركز القروض. خطوات جادة وهناك أزمة سعر صرف الجنيه مقابل الدولار حيث انخفض سعر الجنيه مقابل الدولار بنسبة تصل إلي 25% وأدت الأزمة إلي حدوث اضطراب في سوق العملات وعجز كثير من العملاء عن سداد الالتزامات المستحقة عليهم بالاضافة إلي مخاطر نتيجة ضعف رؤوس أموال البنوك أمام حالات التعثر وتقلبات سعر الصرف وهناك خطوات جادة تبذل الآن لعلاج هذه المشكلات بزيادة رؤوس أموال البنوك والدمج المصرفي لبعض منها. وأوضح صالح أن ربحية كثير من البنوك انخفضت نتيجة تعثر بعض القطاعات ومنها البناء والتشييد والسلع المعمرة والصناعات الهندسية والسيارات مشيرا إلي أن أسباب الركود ترجع إلي انخفاض معدلات الاستهلاك في المجتمع وارتفاع معدلات الاستيراد السلعي وارتفاع قيمة المخزون الحكومي. وعن تأثير التحولات العالمية علي الجهاز المصرفي المصري تناول د.رشدي صالح أثر حرية المنافسة العالمية علي البنوك العاملة في السوق المصري قائلا إن مصر كانت في مقدمة الدول التي وقعت علي اتفاقية تحرير تجارة الخدمات المالية وبمقتضاها تم السماح للبنوك المشتركة وفروع البنوك الأجنبية بممارسة الخدمات المصرفية التقليدية. ويضيف أنه تترتب علي ذلك قيام العديد من المؤسسات المصرفية العربية والأجنبية بشراء بنوك مشتركة منها بنك مصر العربي الافريقي الذي تحول إلي بنك المؤسسة المصرفية العربية وبنك الأهلي سوسيتيه جنرال الذي قام بشراء حصة كبيرة من الجانب الفرنسي ثم استحواذه علي بنك مصر الدولي مؤكدا أن كل ذلك سيؤدي إلي توسيع دائرة ملكية الأجانب للبنوك في مصر. وأكد أن بنوك القطاع العام بدأ يتقلص دورها في النشاط المصرفي وخاصة بعد بيع حصصها في البنوك المشتركة حيث إنها تمثل الآن أقل من 50% من إجمالي المراكز المالية وذلك بعد أن كانت تمثل 5.84% عام 1974. وحذر الدكتور رشدي صالح من صعوبة المرحلة القادمة والمنافسة القوية التي ستواجهها البنوك المصرية مستقبلا في الداخل خاصة أن البنوك الأجنبية تسعي بقوة لشراء حصص أكبر وفتح فروع جديدة لها، لتقديم خدمات متطورة وسريعة، مؤكدا أن هذا قد يساعد البنوك الأجنبية علي الاغراق والسيطرة علي السوق. عمليات اندماج وطالب بضرورة اتجاه البنوك المصرية وخاصة بنوك القطاع العام إلي تطوير هياكلها المالية وتحديث أدائها الوظيفي حتي تظل قادرة علي المنافسة وخاصة مع تعاظم دور البنوك في التنمية. وقالت الورقة البحثية التي قام بعرضها الباحث مؤخرا في مؤتمر قضايا العولمة وتأثيرها علي الدول النامية الذي نظمته جمعية الاقتصاد السياسي والتشريع أن العالم يشهد عمليات اندماج واسعة في جميع المجالات الاقتصادية والمالية بهدف تكوين كيانات مصرفية عملاقة. وأضافت أنه عند المقارنة بين البنوك المصرية والأجنبية سنجد ضعف القاعدة الرأسمالية للبنوك المصرية بالاضافة إلي ضعف المخصصات ونشاطها المصرفي بوجه عام بالمقارنة مع البنوك الخارجية. ويوضح د.صالح أن إجمالي رأس المال للبنك الأول في العالم - سيتي جروب بنك - بلغ نحو 47 مليار دولار عام 2000 ومقدار أصوله 717 مليار دولار في حين أن إجمالي حقوق الملكية للبنوك في مصر يبلغ نحو 51240 مليار جنيه بما يعادل 3.11 مليار دولار. ويضيف أنه يتضح مما سبق صغر حجم أعمال وحقوق الملكية للبنوك المصرية ومن ثم فهذا يتطلب ضرورة سعيها لتدعيم مركزها المالي مع ملاحظة أن 35 بنكا مصر تتراوح رؤوس أموالها ما بين 100 و200 مليون جنيه وهذه مبالغ متناهية الصغر مؤكدا أن هناك ما يقرب من 7 بنوك مصرية لا يتعدي إجمالي ميزانياتها المليار جنيه. ويذكر أنه بعد صدور قانون البنوك الجديد رقم 88 لسنة 2003 واتجاه البنوك إلي زيادة رؤوس أموالها تطبيقا للقانون فإن هذا يعكس صورة البنوك وحاجتها إلي التطوير حتي تتمكن من منافسة البنوك الأجنبية. وأكد صالح أن وضع معايير رقابية بمعرفة المؤسسات العالمية مثل بنك التسويات الدولية (BIS) والبنك الدولي ساهم في الحد من افتعال الازمات المصرفية عبر الدول وحماية البنوك من المخاطر التي تتعرض لها عن طريق الأخذ بهذه المعايير وتطبيقها بدءا بمعايير كفاية رأس المال وما تبعها من معايير أخري وأنه علي الرغم من أن الجهاز المصرفي شهد تطورا كبيرا في الفترة من 1975 حتي ،2005 إلا أن هذه التطورات ركزت علي نواح ليست جوهرية واعتمدت علي التقليد والمحاكاة فمعظم الأوعية الادخارية تقليدية ومتشابهة بين كل البنوك ولا تلبي كل الرغبات والاحتياجات. وأكد أن سياسة تمويل المشروعات في مصر لا ترقي للاهتمام الكاف لطبيعة القائمين عليها مع محدودية دور الشركات المساهمة وضعف الإدارة المحترفة وتفعيل البنوك الاقراض قصير الأجل لسهولته وعدم جدية الدراسات المعدة عن المشروعات مع محدودية دور البنوك في تمويل النشاط الاستثماري طويل الأجل حيث لا يتعدي 6% من إجمالي الاستثمار المباشر حتي 2004 - 2005. وأوضح د.رشدي صالح أن البنوك بدأت تتجه إلي مشاركة البنوك الأجنبية في تمويل المشروعات الكبري مشيرا إلي ضرورة أن يكون لكل البنوك دور تنموي تقوم به وتسعي إلي تحقيقه بالاضافة إلي أهمية تحديث أساليب إدارة الاصول والخصوم حتي يؤدي ذلك إلي تنويع الموارد وتحويل جزء كبير منها إلي طويل الأجل واستخدامها في تمويل المشروعات العملاقة. وأضاف أنه ثبت أن الودائع التي تزيد علي سنة لا تتجاوز 20% من هيكل الودائع مشيدا بقيام البنك المركزي باعفاء الودائع لمدة ثلاث سنوات أو أكثر من نسبة الاحتياطي حيث بدأت آثار هذا القرار تظهر في الفترة الحالية وإن كانت الخدمات التي تقدمها البنوك مازالت تقليدية باستثناء خدمات التجزئة المصرفية. كما تضمنت الورقة البحثية جزءا عن تأثير العولمة علي النظام المالي العالمي وعلي البنوك والمصارف الخارجية حيث أحدثت العولمة عدة تطورات في قطاع البنوك منها التقدم في مجال الاتصالات والمعلومات في مما عزز من قدرة البنوك علي استخدام الفرص المتاحة والتوسع في تقديم خدمات غير تقليدية. وأشارت إلي التوسع في عمليات الاندماج المصرفي الذي يعد من أبرز التحولات التي شهدها القطاع المالي العالمي والذي ساهم في تعزيز القدرات التنافسية للبوك سواء في الداخل أو الخارج لأن الاندماج لم يقتصر علي البنوك في دولة واحدة واحدة ولكنه امتد ليشمل بنوكا في دول مختلفة.