قررت حكومة الدكتور أحمد نظيف مؤخرا أن تتولي المحافظات استكمال المرافق والبنية الاساسية بالمناطق الصناعية في المحافظة، وذلك في اطار برنامج اللامركزية الذي تطبقه الحكومة، وشمل ذلك تولي المحافظات توفير التمويل اللازم من خلال طرح الاراضي بتلك المناطق للبيع علي المستثمرين واستخدام حصيلتها في مد مرافق هذه المدن أو السماح للمحافظات بالاقتراض من البنوك التجارية لانشاء هذه المرافق فهل يمكن للمحافظات تنفيذ هذه المهام؟ ألا يمثل ذلك ازدواجية في التعامل مع المناطق الصناعية بحيث قامت بمد عامل المرافق في عدد من المناطق الصناعية، وبالتالي هذه الازدواجية سيكون له آثار سلبية علي الاستثمار. يوجد في جميع محافظات مصر 28 منطقة صناعية امتنعت عن القيام بهذا الدور مع عدد آخر بسبب قلة التمويل المتوافر لديها وتحتاج الي 3.2 مليار جنيه لانشاء المرافق والبنية الاساسية، في حين ان ما تم اعتماده في موازنة العام المالي الحالي لهذه المناطق 39 مليون جنيه فقط. في البداية يري الدكتور إسماعيل عثمان كبير مستشاري "المقاولون العرب" ان بدء الحكومة في تطبيق اللامركزية مطلب تنادي به مجتمع الاعمال منذ فترات طويلة، أما ان يطبق في تمويل المرافق والبنية الاساسية خاصة بالمناطق الصناعية فهذا الأمر صعب لأن ذلك يؤثر علي الاستثمار الذي يحتاج الي السرعة والدقة في الاداء ولن ينتظر الوقت الطويل حتي تمد المرافق الضرورية لان ذلك يعود بخسائر علي أمواله المستثمرة، هذا الي جانب أن خروج الحكومة المركزية عن الالتزام بتوفير الدعم المادي للمحافظات من استكمال مرافق المناطق الصناعية والاستثمارية يؤدي الي عدم المساواة بين المناطق التي انتهت مرافقها وبنيتها الاساسية وبين تلك المناطق التي تحتاج الي ما يقرب الي 5.2 مليار جنيه، ونتيجة لذلك ستركز المشروعات الصناعية والاستثمارية في المناطق كاملة المرافق وخاصة في اقليمالقاهرة الكبري وما حولها من مدن جديدة وصناعية ويعزف المستثمرون في المقابل عن الاتجاه الي المناطق غير المكتملة المرافق. وتساءل الدكتور اسماعيل عثمان عن سعر الفائدة التي سوف تقرض البنوك بمقتضاه المحافظات لاستكمال تلك المرافق، خاصة مع التوجه لاصلاح الجهاز المصرفي، ويتابع متسائلا: هل سوف تستطيع المحافظات دفع هذه الفائدة أم سيتم تحميلها علي المستثمرين، وتكون النتيجة المزيد من الاعباء المالية وبدلا من ان يبدأ المستثمر مشروعه واستثماره يكون كل همه هو سداد ما عليه من قروض مقابل المرافق وفائدتها المرتفعة. وطالب عثمان بايجاد بديل آخر غير ما هو مطروح عليه حاليا من حلول خاصة انه في الحالتين لن يستطيع ان توفر تمويلا سهلا وقليل الاعباء للقيام بهذه المرافق. تراجع الحكومة ويقول مصطفي السلاب رئيس جمعية مستثمري العبور انه يجب ان تحدد الاهداف من وراء تكاليف المحافظات باستكمال البنية الاساسية في المناطق الصناعية وتلك الاهداف تتحدد في : ألا يكون هناك معوقات للاستثمار أو المستثمرين. ان المستثمر لا يعنيه من يقوم بتمويل انشاء المرافق سواء المحافظة أو الحكومة المركزية، فالمحافظة هي حكومة اقليمية ولكن هل المحافظة لديها القدرة والامكانات الفنية والمادية والقانونية أن تتولي ذلك، خاصة وان الخيارين اللذين طرحتهما الحكومة يواجهان صعوبة في التنفيذ الي جانب انهما اسوأ من بعضهما.. ويوضح السلاب ان هذا يمثل تراجعا "وردة" علي حد تعبيره فيما اعلنت عنه الحكومة لازالة معوقات الاستثمار فمن الواضح ان الحكومة نسيت ان خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية يقوم القطاع الخاص علي تنفيذ 80% منها. وطالب السلاب الحكومة بأن تقدم كل الدعم وتوفر المرافق والبنية الاساسية لتلك المناطق حتي يستطيع القطاع الخاص الوفاء بالتزاماته وتنفيذ الخطة الاستثمارية، والنهوض بالاستثمار. الجدوي الاستثمارية وفي الوقت الذي يساند محمد المنوفي رئيس جمعية مستثمري أكتوبر توجه الدولة إلي الأخذ بنظام اللامركزية إلا أنه يوضح أنها اللامركزية الادارية وليس المالية ويؤكد علي دور الحكومة في القيام بهذه المهام وأن تظل الحكومة المركزية المسئولة عن تنفيذ المرافق والبنية الاساسية في المناطق الصناعية سواء بالمحافظات أو المدن الجديدة.