من المنتظر أن تجري غدا في مجلس الأمن مناقشة تقرير كوفي آنان حول مدي تنفيذ سوريا ولبنان لقرار مجلس الأمن رقم 1559 وهو القرار الذي صدر في الثالث من الشهر الماضي وتم تمريره بأغلبية تسعة أصوات وامتناع ستة أصوات وكان آنان قد انتهي من اعداد تقريره عن القرار المذكور في الأول من الشهر الحالي حيث اتهم كلا من سوريا ولبنان بعدم الوفاء بالمطالب التي تضمنها القرار وأشار إلي أن سوريا أبلغته بأنها لا تستطيع تقديم جداول زمنية لأي انسحاب مستقبلي كما أن لبنان أبلغه بأن القوات السورية متواجدة علي أرضه بناء علي دعوة منه وباتفاق متبادل بين الدولتين. الجدير بالذكر أن قرار 1559 يدعو إلي انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان في اشارة واضحة لسوريا التي لاتزال القوة الرئيسية هناك وتحدث عن مزارع شبعا بوصفها لا تعتبر أرضا لبنانية محتلة في نظر الأممالمتحدة ولفت لقرار النظر إلي تقرير صادق عليه مجلس الأمن من قبل يشير إلي أن إسرائيل نفذت الانسحاب من جنوب لبنان طبقا للقرار 425 واعترض القرار 1559 علي تمديد الولاية لاميل لحود مشيرا إلي وجود تدخل سوري ونفوذ بالغ لها علي الساحة اللبنانية. تواطؤ أمريكي إسرائيلي ويظل القررار 1559 غير ملزم وبالتالي فحتي لو لم تنفذه سوريا فمن المستبعد صدور قرار جديد لمجلس الأمن بصيغة أكثر تصلبا خاصة أنه لم يمض علي صدور القرار 1559 غير شهر واحد وحيث إنه من الصعب بمكان تنفيذ المطلوب خلال ثلاثين يوما علي أساس أن تنفيذ القرار يقتضي التفاوض علي الحل لا استخدام القوة بوصف المشكلة سياسية وليست قانونية. أما ما يعنيه القرار المذكور - والذي تم تمريره بضغط أمريكي فرنسي - فهو أنه يدشن لسياسة أمريكية جديدة تجاه كل من سوريا ولبنان وفي هذا الاطار تخطط أمريكا بالتواطؤ مع إسرائيل لسحب البساط من تحت أقدام سوريا ليسلب منها دورها الاقليمي لاسيما أن إسرائيل تقف لسوريا بالمرصاد حيث تدرك أن علاقتها بلبنان تمنحها نفوذا ودورا أكبر في المنطقة ولهذا تريد أن تسلبه منها وهو ما لن تكون سوريا علي استعداد للتضحية به مهما كان الثمن. فك الارتباط القرار 1559 أرادت به أمريكا إخراج لبنان من التحالف مع سوريا في موقف الممانعة للهيمنة الأمريكية علي المنطقة، حتي إذا تم الفصل بين الدولتين أمكن استخدام لبنان كورقة ضغط علي سوريا وعندئذ لن يكون لبنان ساحة للضغط علي إسرائيل ولهذا تزامن تحرك أمريكا مع التحرك الاسرائيلي للنيل من سوريا وفك الارباط بينها وبين لبنان حيث إن التواصل بين سوريا ولبنان يخدم في الاساس الاعتبارات الاستراتيجية ويمكنهما معا من مجابهة التحديات الاقليمية والتي لا يمكن التنبؤ بأبعادها. تحريف الواقع لقد وضح للجميع أن قرار مجلس الأمن 1559 ليس إلا تحريفا للواقع، فوجود سوريا في لبنان لا يمثل احتلالا وإنما يمثل وجودا باتفاق الدولتين، كما وضح للجميع أن القرار خاطيء صدر في الاتجاه الخاطيء ولم تحقق أمريكا وفرنسا - وهما اللتان ضغطتا من أجل تمريره - الأهداف التي سعيا إليها، فالقرار لم يحدد سوريا بالاسم عندما طالب بسحب القوات الأجنبية من لبنان ذلك أن القوات السورية الموجودة في لبنان ليست أجنبية فهي موجودة بشكل شرعي وبناء علي اتفاقيات فالوجود السوري محكوم باتفاق الطائف وبمعاهدة الأخوة والتنسيق بين سوريا ولبنان سنة 91 وبالتالي فهو خاضع للتفاوض بين الدولتين. القرار غير ملزم الجدير بالذكر أيضا أن القرار 1559 لم يشر إلي فرض عقوبات إذا لم تنفذه وبالتالي فهو غير ملزم هذا بالاضافة إلي أن سوريا لم تفرض عملية المد للحود وإنما جاء المد تجسيدا لارادة الشعب اللبناني أكد هذا الأغلبية التي أقر بها مجلس النواب اللبناني تعديل المادة 49 من الدستور التي تم من خلالها تمديد ولاية "لحود" ثلاث سنوات وتأكد بذلك أن اللبنانيين هم الذين يضطلعون بالعملية وأن ما تم جري بارادة لبنانية. بقي القول بأن قرار مجلس الأمن 1559 يعتبر تدخلا في شئون لبنان الداخلية عبر مجلس الأمن كما أنه يمثل مفارقة تثير علامة استفهام إذ كيف يسارع المجتمع الدولي لتمرير قرار في شأن داخلي لدولة ذات سيادة ولم يشكل الوضع فيها أي تهديد للأمن الاقليمي أو العالمي بينما يقف المجتمع الدولي متفرجا علي المذابح الي تنفذها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية والمذابح التي تنفذها أمريكا في العراق ولم يتقدم أحد بمشروع قرار لمجلس الأمن لوقف هذه المجازر؟! هذا بالاضافة إلي أن القرار 1559 جانبه الصواب عندما تحدث عن حل ميليشيات حزب الله وحماس والجهاد التي صنفها علي أنها منظمات ارهابية فطمس بذلك الحقيقة القائلة بأن هذه ليست إلا مقاومة ضد الاحتلال وستبقي طالما بقي الاحتلال فالمقاومة حق كفلته مواثيق الأممالمتحدة وبالتالي لا يمكن استئصاله كما لا يمكن دفعه بالارهاب.