وضعت الأمور في نصابها مساء الثالث من الشهر الحالي بعد تصويت مجلس النواب اللبناني بأغلبية 96 صوتا علي تعديل المادة التاسعة والاربعين من الدستور لان ذلك كان يعني منح الرئيس لحود دستوريا وشريعيا الحق في التمديد له ثلاث سنوات أخري في رئاسة لبنان. ولم يعد أمام الجميع الا القبول بهذا. لقد كان من الطبيعي لحزب الله ولكل الأطراف المعنية ان ترفض قرار مجلس الأمن الأخير رقم ،1559 فالقرار سابقة، فلم تحدث من قبل ان حشر مجلس الأمن انفه في أمر محلي يتعلق بتفاصيل شأن داخلي لاحدي الدول!! تدخل بغيض قرار مجلس الأمن يعتبر خروجا عن مهمته الرئيسية والتي تنحصر في ارساء السلم والاستقرار الدوليين وكأنه بذلك قد اقحم نفسه في مسألة ذات طابع سياسي في لبنان. لقد استمرأت أمريكا تدخلها البغيض عندما انتقدت تعديل الدستور من قبل مجلس النواب اللبناني ووصفته بأنه تشويه فقط للمبادئ الديمقراطية وبأن وسوريا هي التي هددت النواب اللبنانيين لاقرار التعديل!! منتهي الخرف ونسجت فرنسا علي نفس المنوال ورأت ان التمديد للحود تحد معلق للمجتمع الدولي. وكأن أمريكا أرادت بتحركاتها تهييج الداخل اللبناني ضد رئيسة وضد سوريا وإثارة النعرة الطائفية وبث روح الفرقة من جديد. وكأنها تخير اللبنانيين بين الفوضي العامة والنهج الحالي وغاب عنها ان من الصعب بمكان تنفيذ مطالبها فسوريا لا يمكن ان تخرج من لبنان بهذا الأسلوب المخل بكل القواعد. وما تطلق عليه أمريكا ميليشيات لن يحل لانه مقاومة حرة مشروعة وحق كفلته مواثيق الأممالمتحدة ولا يمكن للجيش اللبناني الذي مدت له سوريا يد المساعدة ان يطالبها بالرحيل خاصة في هذه المرحلة الحساسة التي نشهد فيها استهدافا أمريكيا إسرائيليا للدولتين معا وهو استهداف يصب في مصلحة إسرائيل في المقام الأول.. وأول هدف تريد إسرائيل تحقيقه هو تنحية حزب الله بعيدا عن الحدود الجنوبية للبنان حتي لا يتولي تأمينها والاستعاضة عنه بجيش لبنان!! قرار ظالم؟ وكأن أمريكا بكل هذه التحركات غير المسبوقة تطالب اللبنانيين بالانتحار الجماعي.. ذلك ان وجود القوات السورية في لبنان يخدم المصلحة الوطنية القومية المشتركة وهو قائم باتفاق الدولتين وعليه لا يجوز لأحد التدخل في شأن داخلي يخصها.. ومن هنا كان قرار مجلس الأمن قرارا ظالما يمثل افتئاتا علي حق الدولتين في اتخاذ قراراتهما في إطار ما تفرضه المصلحة المشتركة لهما. لقد أرادت امريكا بتحركاتها المشبوهة إعادة لبنان ثانية إلي ساحة الدم والقتال الطائفي والفوضي التي يعود الفضل في التغلب عليها إلي سوريا التي نجحت في إعادة الوضع إلي الهدوء والوئام. شأن داخلي.. لقد تركت أمريكا التطورات الخطيرة في المنطقة وراحت تدس أنفها في شأن داخلي لبناني لا صلة بينه وبين المخاطر التي تهدد المنطقة وتهدد الأمة والاستقرار فيها وراحت تبحث عن ثغرة لسوريا للانقضاض عليها وغضت أمريكا الطرف عما هو حادث في الأراضي الفلسطينية المحتلة من جرائم علي يد إسرائيل. وكان الأولي بها وقف حمام الدماء علي الأرض الفلسطينية والسعي لاستصدار قرار في قضية النزاع الإسرائيلي العربي التي تهدد السلام والاستقرار العالميين ولا أعلم تحديدا فترة الشهر التي أعطاها القرار المذكور للأمين العام كوفي أنان لكتابة تقرير خلالها عن التطورات المتعلقة بهذا الشأن بعد أن نجحت أمريكا في أن تجعل كلا من سوريا ولبنان وكأنهما في مواجهة مع المجتمع الدولي!! التضافر مع لحود كان من الطبيعي ان يثير اللجوء إلي مجلس الأمن في قضية داخلية تخص لبنان دهشة الجميع غير انه اذا عرف السبب بطل العجب. فأمريكا المتفرغة في هذه الأيام للدول العربية كانت حريصة علي لجم حزب الله وتجريده من سلاحه نظرا لان هذا ما تريده إسرائيل ويصب في مصلحتها. لهذا اصرت أمريكا علي تمرير مثل هذا القرار النشاز في مجلس الأمن لتطويق كل الأطراف التي تري إسرائيل انهم يمثلون عقبة كأداء أمام تطلعاتها للهيمنة علي المنطقة. لذلك يتعين علي المعارضة التضافر مع لحود في توجهاته المستقبلية، فقرار مجلس الأمن الأخير يجب ان يكون أداة توحيد لكل الأطراف اللبنانية خاصة مع وجود أخطار محدقة بهم. وتعد هذه التحركات الأخيرة امتدادا طبيعيا للتحرش الأمريكي الإسرائيلي بسوريا بدءا بقانون محاسبة سوريا أواخر العام الماضي الذي أقره الكونجرس وصادق عليه بوش مرورا بحملة التهديدات الإسرائيلية بضرب سوريا بل وتوجيه ضربة عسكرية لها بالفعل العام الماضي عندما هاجمت إسرائيل عين الصاحب بدعوي دعم سوريا للإرهاب في معرض توصيفها للمقاومة الفلسطينية. واليوم تسعي أمريكا لانسحاب سوريا من لبنان بينما تغفل احتلال إسرائيل لكل الأراضي العربية. ألا يشكل هذا مفارقة كبري تشهد علي النهج المغلوط لإدارة بوش ومنطقها العقيم.....!