مع بداية الدورة التاسعة والخمسين للجمعية العامة للأمم المتحدة، ووسط هذا الجو المشحون، والاستعراضي والاحتفالي في نفس الوقت الذي يذهب فيه الرؤساء والحكام ليعتلوا منصة المنظمة الدولية وليستعرضوا سياساتهم وآراءهم حول ما يجري علي الساحة الدولية في ذلك البرلمان العالمي المدهش. تبرز وبقوة قضية إصلاح المنظمة الدولية لكي تكون قادرة علي مواكبة التطورات التي جرت وتجري علي الساحة العالمية، ولكي يتأكد دورها خاصة بعد أن استجدت عوامل وأحداث علي الساحة تتطلب دوراً متزايداً للمنظمة التي أثبتت بعد مرور أكثر من 59 عاماً علي إنشائها أنها ولدت لتبقي وأن هناك حرصاً عالمياً علي استمرارها، علي عكس ما جري لسابقتها "عصبة الأمم" التي تشكلت في فرساي سنة 1919 في أعقاب الحرب العالمية الأولي ثم انهدت وأصيبت بالسكتة القلبية مع بداية الطلقات الأولي للحرب العالمية الثانية "أغسطس سنة 1939". وقد أصدرت أربع دول لها ثقلها السياسي والاقتصادي بياناً مع بداية الدورة الحالية للأمم المتحدة تطالب فيه بدخول نادي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وهي اليابان والهند وألمانيا والبرازيل، وقال البيان إن هناك قناعة مشتركة بين هذه الدول بمشروعية شغل كل منها لمقعد دائم في مجلس الأمن وإنها تدعم ترشيح كل واحد منها، وفي بيان لاحق ومنفصل أعلن أحمد أبو الغيط وزير خارجية مصر في بيانه أمام الجمعية العامة الرغبة في الحصول علي العضوية الدائمة في مجلس الأمن. وأكد البيان الذي أعلنه الرئيس البرازيلي لولادي سلفيا ووقعه كل من جينشيرو كوزومي رئيس وزراء الياباني وماتسوهان سنج وزير خارجية الهند ويوشكا فيشر وزير خارجية ألمانيا أنه قد آن الأوان لأن يعكس تشكيل مجلس الأمن المجتمع الدولي في القرن الواحد والعشرين والتي يكون تمثيله مشروعاً وفعالاً، وطالب بيان الدول الأربع ضرورة أن يكون هناك مقعد دائم أيضاً لدولة إفريقية. وبنظرة إلي الدول الأربع التي وقعت البيان نجد أنها تمثل دولاً آسيوية "الهند واليابان" ودولة أوروبية "ألمانيا" ودولة من أمريكا اللاتينية "البرازيل" ومن الواضح أن إفريقيا لم تحسم أمرها بعد في الارتباط بهذا التجمع وإن كان الحديث ينحصر في ثلاث دول هي جنوب إفريقيا ومصر ونيجيريا، وهناك مشروعات كثيرة نوقشت في هذا الصدد تفضل اختيار مصر للانضمام إلي النادي المطالب بالمقعد الدائم في مجلس الأمن وعلي أساس أن لها صفة تمثيلية مزدوجة عربية وإفريقية. ويأتي بيان الدول الأربعة والتي يمثل سكانها أكثر من ثلث سكان العالم وتحتل مواقع متقدمة علي النطاق العالمي اقتصادياً وسياسياً في إطار حملة الإصلاح التي تنامت في السنوات الأخيرة في ظل التحديات والتغيرات التي طرأت علي المجتمع الدولي ومحاولة البعض تهميش دور الأممالمتحدة أو السيطرة عليها. وكان كوفي عنان السكرتير العام للأمم المتحدة وبناء علي توصية من الجمعية العامة قد شكل لجنة للبحث عن الاقتراحات الخاصة بالتعديلات المقترحة علي أجهزة الأممالمتحدة وميثاقها وعلي رأسها بالطبع عضوية مجلس الأمن الدائمة والمؤقتة باعتباره يمثل في واقع الأمر مجلس إدارة الأممالمتحدة أو مجلس إدارة العالم والذي يملك سلطات واسعة في إصدار القرارات الملزمة والتصدي للمشكلات الدولية بشكل عملي. ومن المفترض أن تقدم تلك اللجنة اقتراحاتها المحددة لتطرح للمناقشة العامة وذلك حتي يمكن إقرارها بمناسبة مرور ستين عاماً علي إنشاء المنظمة الدولية وذلك سنة 2005 خاصة بعد أن تزايدت عضوية الأممالمتحدة من 51 عضواً وقعوا علي ميثاق الإنشاء سنة 1945 وأصبحت تضم الآن 191 دولة، بينما ظل تشكيل مجلس الأمن ثابتاً إلي حد كبير منذ إنشائه إذ كان يضم الدول الخمس الأعضاء الدائمين وهي أمريكا وروسيا وإنجلترا وفرنسا والصين إضافة إلي ستة أعضاء آخرين مؤقتين ومتغيرين وينتخبون علي أساس تمثيل جغرافي إقليمي، ثم جري تعديل طفيف سنة 1963 زادت فيه عضوية مجلس الأمن من 11 إلي 15 عضواً، وانصبت الزيادة علي الدول المؤقتة والمتغيرة بينما ثبت نادي الخمسة الكبار أصحاب العضوية الدائمة في المجلس وأيضاً أصحاب حق الفيتو. أما التغيرات الأخري التي جرت في المجلس فقد ارتبطت بالصين التي منعت من احتلال المقعد الدائم بعد ثورتها سنة 1949 وأعطي المقعد لجزيرة فرموزا أو تايوان، أو ما كان يسمي بالصين الوطنية، وتم تصحيح هذا الوضع الشاذ الذي كان يفرضه فيتو أمريكي دائم وذلك بعد أن عقدت الصين الشعبية والولايات المتحدة الاتفاقية التاريخية بالاعتراف المتبادل سنة 1974. أما روسيا فقد ورثت المقعد الدائم الذي كان يمثله الاتحاد السوفيتي في مجلس الأمن وبشكل تلقائي سنة 1992 وذلك عقب انهيار الاتحاد السوفيتي سنة ،1991 وتم ذلك في جلسة سريعة تعهدت معها روسيا بأي تقوم بكل الالتزامات التي كانت منوطة بالاتحاد السوفيتي.