لعل الأحداث التي تعاقبت علي غزة منذ يوم الجمعة الماضي وعودة إسرائيل إلي قصف مناطق فيها وتصفية كوادر حماس وصمت المجتمع الدولي علي ذلك كله يقطع بغياب أي دور للمنظمة الدولية علي الساحة وفي نفس الوقت يؤكد بأن أمريكا هي التي تهيمن علي العالم أجمع، لقد فقدت المنظمة الدولية ارادتها.. وصلت إلي سن الشيخوخة بعد أن أكملت عامها الستين.. فقدت قدرتها علي القيام بأي دور. آن لها أن تحيل نفسها إلي التقاعد بعد أن وصل عمرها الافتراضي إلي مرحلة النهاية بفضل أمريكا أصاب المنظمة الدولية الضمور والتآكل والضعف.. تلاشت تدريجيا بعد أن نجحت أمريكا في تحجيمها وتحجيم النظام الدولي كي تفسح الطريق لنفسها كدولة أحادية القطبية تحكم العالم. بولتون والمنظمة الدولية جون بولتون أحد صقور المحافظين الجدد الذي فرضه بوش ليكون مندوبا دائما لأمريكا لدي الأممالمتحدة وجاء بيمينيته المتطرفة ليعارض ادخال اصلاحات علي المنظمة الدولية وليسبغ عليها هيمنة أمريكية أكثر وأكثر بعد أن باتت أداة طيعة في يد إدارة بوش، ظهر ذلك في وثيقة الاصلاح التي أقرت القمة العالمية التي اختتمت في السادس عشر من الشهر الحالي والتي طغي عليها ملف الارهاب، لم تقترب الوثيقة من تعريف للارهاب، فقط كانت هناك إدانة للارهاب بجميع أشكاله ومظاهره أيا كان مرتكبوه وأيا كانت أغراضه. صياغة عرجاء القضية طوقتها أمريكا بصياغة عقيمة تفادت معها تعريف الارهاب وتفادت معها أي ذكر للمقاومة كحق مكفول للشعوب ضد الاحتلال كان الهم الأمريكي هو التوصل إلي صيغة تدين الارهاب بكل أشكاله ماعدا ارهاب الدولة الذي تمارسه أمريكا وإسرائيل وأسقط في يد الدول المستضعفة وأعني بها الدول العربية والاسلامية ودول عدم الانحياز والتي أرادت ادراج المقاومة كأحد البنود في الوثيقة بشكل تضمن معه حفظ حق الشعوب في مقاومة الاحتلال ولهذا ورغم التفاوض علي الوثيقة أكثر من أسبوعين جاءت الصياغة في النهاية عرجاء فرضتها إدارة بوش وفقا للأجندة الأمريكية. أنان سقط متاع ظهر أنان أمين عام المنظمة الدولية مغلوبا علي أمره فهو من المستضعفين في الأرض، أمريكا تعامله كسقط متاع لا ثقل له ولا وزن. كان أنان يأمل في أن تمهد الوثيقة الطريق لاصلاح المنظمة الدولية وكان يأمل أن تكون ارثه للأجيال القادمة ولكن ما تم التوصل إليه جاء متواضعا للغاية بل إن الوثيقة كانت مليئة بالثغرات من وجهة نظر دول كثيرة ويكفي أن ما تضمنته الوثيقة لم يكن يمثل الالتزامات القوية التي كان أنان يطمح في التوصل إليها. * المقاومة ارهاب!! ومثلما دعمت بريطانيا بوش في جريمة غزو العراق فلقد أيدته في القمة العالمية أيضا عندما دعمت مفهومه للارهاب أما نتاج ذلك فتمثل في استصدار قرار رقم 1624 الذي اعتمدته دول مجلس الأمن الخمس عشرة لإدانة أعمال الارهاب والتحريض عليه ورغم وجود جدل حول ضرورة عدم الخلط بين الارهاب والمقاومة، وتحدث بوتفليقة في هذا الاطار محذرا من هذا الخلط إلا أن ما أرادته إدارة بوش كان هو الاساس الذي وضع النقاط فوق الحروف بالنسبة لصياغة الوثيقة وبالتالي ظهرت المقاومة ارهابا وفق التصنيف الأمريكي وتعين بذلك استئصالها أما ارهاب الدولة الذي تقوم به أمريكا من مذابح وابادة جماعية وتدمير في مدن العراق، وارهاب الدولة الذي تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية فلم يصنف علي أنه ارهاب!! ازدواجية معايير! قضية أخري أخفقت الوثيقة في التصدي لها وهي انتشار الأسلحة النووية والسبب أن دولا تريد احتكار القوة النووية وحرمان الآخرين منها وعليه بدا من الصعوبة بمكان التوصل إلي أرضية مشتركة وهو ما قد يؤدي مستقبلا إلي حجب أي نجاح يمكن للمنظمة الدولية أن تحققه والسبب الرفض الأمريكي الدائم لمبادرات طرحت من قبل دول كثيرة تتصدرها مصر وسوريا والسعودية وإيران تدعو إلي وجوب تحويل منطقة الشرق الأوسط إلي منطقة خالية من السلاح النووي فأمريكا لا تزال حريصة علي أن تظل إسرائيل منفردة بترسانتها النووية وحريصة بالتالي علي أن تظل اسرائيل بمنأي عن هذه الحملة! * أمريكا وأوراق اللعبة ووسط كل التطورات الحادثة تتضح حقيقة مفادها أننا جميعا أسري القرن الأمريكي حيث الأولوية للرؤية التي تحددها الدولة العظمي وليس علي الأممالمتحدة إلا أن تستجيب وتذعن لهذا لن يكون غريبا أن يدعو البعض اليوم إلي ضرورة الغاء المنظمة الدولية فلم يعد لها فاعلية أو جدوي في ظل الهيمنة الأمريكية للاسف وصلت الأممالمتحدة إلي نفس مصير عصبة الأمم ولم يعد أمامها إلا أن تختفي من الوجود بعد أن بات البقاء للأقوي الذي يملك الاستئثار بكل أوراق اللعبة.