انحاز بوش لإسرائيل كلية ووعد بنصرتها ودعمها علي طول الخط إلي أن يتم وضع حد للإرهاب والإرهاب الذي يعنيه هو المقاومة الباسلة التي تواجه الاحتلال وزبانيته، بوش قلب الأوضاع فهو لا يري جرائم الإبادة اليومية التي ترتكبها إسرائيل ضد الفلسطينيين ومنها مذبحة حي الزيتون في غزة في الخامس عشر من يناير 2008 وبالتزامن مع جولة الشيطان بوش في المنطقة. بوش لا يري إلا المقاومة الفلسطينية التي يصنفها علي أنها الإرهاب الذي لابد من اجتثاثه ولهذا بادر في معرض تعقيبه علي مجزرة إسرائيل في حي الزيتون بقوله إنه يمثل دفاع إسرائيل عن نفسها! أما العالم العربي فظل مغيبا فهو لا يري قصف الطيران الإسرائيلي ولا الاغتيالات ولا المعابر المغلقة ولا الحصار الكامل الشامل ولا يري إرهاب دولة إسرائيل بسفاحيها وقتلتها ولربما صدق مزاعم أولمرت بأن إسرائيل لا تنوي احداث أزمة إنسانية في غزة!! كان يتعين علي العالم العربي اتخاذ خطوات عملية لرفع الحصار عن القطاع وهو أقرب ما يكون إلي جرائم الحرب التي لم تحدث عبر التاريخ ولهذا يجب رفع الحصار كلية ونهائيا وليس كسره فقط. فتش عن أمريكا ولاشك أن أمريكا مشتركة مع اسرائيل في حرب ضروس ضد الشعب الفلسطيني فالسلاح الذي تستخدمه إسرائيل هو سلاح أمريكي والحصار الذي تفرضه يتم بمباركة أمريكية فإدارة بوش هي التي أوعزت بحصار غزة وباركت حملة الاغتيالات المنظمة ضد الفلسطينيين وبوش هو الذي صنف غزة كيانا معاديا وكان هذا إيذانا بحرب همجية مفتوحة تقودها اسرائيل منذ شهور وزادت وطأتها حدة منذ جولة بوش الأخيرة للمنطقة فرأينا التصعيد العسكري الإسرائيلي الذي أودي بحياة الكثيرين من الفلسطينيين والغريب أن الأمة العربية التحفت بالصمت حتي بعد قطع التيار الكهربائي والوقود وبعد أن غمرت مياه الصرف الصحي شوارع غزة وبعد إغلاق كل المعابر ومنع الدواء والغذاء. عباس هو المستفيد ويبدو ان عباس مستفيد مما يحدث وفقا لأوهامه وبالتالي فهو بالقطع متواطئ بعد أن صدق فرية سيده الأمريكي بأن أولمرت سيشن حملة عسكرية للقضاء علي البنية التحتية لحماس حتي يمكن عندئذ أن تسلم له غزة وقد تم تحريرها من أجله! عباس لاشك متهم بالتواطؤ مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي وإلا لتعين عليه إزاء الحصار الإسرائيلي علي غزة وقف التفاوض العبثي الذي يجريه مع إسرائيل والذي يأتي في سياق مسلسل التنازلات الفلسطينية حيث إن التفاوض لم يسفر عن شيء اللهم إلا عن تشدد إسرائيل في كل البنود المطروحة ويتصدرها القدس والاستيطان والحدود واللاجئون. السكوت علامة الرضا ولعل السبب الرئيسي الذي شجع إسرائيل علي شن هذه الحرب الملعونة علي غزة هو الضعف العربي الذي تخاذل عن مجابهتها ولم يشرع في تنفيذ ما سبق وقرره وزراء الخارجية العرب في العام الماضي من كسر الحصار المفروض علي الفلسطينيين ولذلك كان من الطبيعي أن تمضي إسرائيل في حملة إبادة ضد الفلسطينيين فالسكوت علامة الرضا والعرب راضون عما يحدث وكذا الحليف الأمريكي بل والمجتمع الدولي ممثلا في منظمة الأممالمتحدة والتي لم يشأ أمينها العام بان كي مون الرد علي بوش عندما نسف الشرعية الدولية واتهم المنظمة بالفشل وأقصي ما ذهب إليه بان كي مون هو مطالبة الفلسطينيين بوقف اطلاق الصواريخ أما إسرائيل فطالبها بضبط النفس أي أنه يحمل التبعة علي الضحية وينصف الجلاد. حماس هي المعضلة إن استهانة العرب بما يحدث علي الأرض الفلسطينية كان بمثابة عامل تشجيعي للمجتمع الدولي علي ألا يدين إسرائيل وبالتبعية لا يطالبها بوقف جرائمها ويبدو أن أمريكا استطاعت إقناع الأنظمة العربية بأن القضاء علي حماس سيصب ايجابا في صالح الجميع وسيزيح عبئا طالما تضرر منه الكثيرون ولهذا اتشحوا بالصمت وغدوا صما بكما عميا فهم لا يفقهون. المفارقة تكشف المستور المفارقة أن تتم المذابح علي الأرض الفلسطينية بينما تستقبل القيادات العربية بوش ويفرش له السجاد الأحمر ويحتسي القهوة العربية ويرقص بالسيف ويتم إغراقه بالهدايا والأوسمة وعقود التسليح التي بلغت عشرات المليارات من الدولارات وكانما تتم مكافأته علي ما يحدث علي الأرض الفلسطينية من قبل إسرائيل. السلام والوهم الأمريكي ربما لم تشكل المذبحة التي قامت بها إسرائيل في 15 يناير 2008 والتي تبعتها بمذابح أخري وفرض لحصار ضار ربما لم تشكل احراجا لبوش حيث كان منهمكا في رقصة العرضة مع الأمراء العرب بيد أنها بالقطع شكلت احراجا للنظم العربية التي غيبت الحقائق الحادثة علي أرض الواقع وصدقت الوهم الأمريكي ولم تأبه بالتطورات الحادثة في فلسطين ذلك لأن شغلها الشاغل كان ينحصر في كيف يمكنها إرضاء العم سام الذي جاء إلي المنطقة لشحذ زعمائها ضد إيران والتسليم اجمالا بأنها هي العدو الذي يتربص بالعرب وأنها هي الخطر الأكبر بالنسبة للمنطقة أما إسرائيل فلابد من مد اليد إليها كما قال بوش بهدف احلال السلام ولا أدري عن أي سلام يتحدث؟! حماية أمن إسرائيل بوش المجرم الذي بارك إسرائيل وشجعها علي ارتكاب جرائمها وصادق عليها، بوش المجرم الذي مزق العراق ودمر كيانه ويكفي أنه بسياسته الخرقاء حطم المثل وضيع الأخلاق وداس علي القانون لقد استبدل إدمانه علي الكحول بإدمانه علي القتل وممارسة رياضة العربدة في منطقتنا أراق الدم العربي وهتك الأعراض وقهر وعذب لكي يبسط سطوته علي النفط أما المقابل فكان حماية الأنظمة من غضبة الشعوب وحماية أمن إسرائيل وتعزيز مصالحها في المنطقة.