تراكمت ديون الهيئات الاقتصادية "البريد، السكك الحديدية، الموانيء وغيرها" حتي تجاوزت 52 مليار جنيه، وأمام هذا الواقع المتردي ظهرت مبادرات تنادي بضرورة فصل موازنة هذه الهيئات الخاسرة عن الموازنة العامة للدولة، وهذه المبادرات دفعت رجل الأعمال عازر فرج عازر لكتابة دراسة مهمة نشرناها العدد الماضي دارت حول واقع ومستقبل هيئتنا العامة الاقتصادية. وتكملة للدراسة ننشر اليوم آراء خبراء الاقتصاد في هذه القضية المهمة. إدارة اقتصادية بداية تقول الدكتورة هناء خيرالدين أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن الهدف من فصل الهيئات العامة الاقتصادية عن الموازنة العامة للدولة ان تقوم بتغطية مصروفاتها والتوسع في استثماراتها عن طريق الاقتراض أو جمع موارد بهدف التطوير والتحديث، كما ان الفضل يجعلها أكثر حرصا علي ترشيد نفقاتها وزيادة ايراداتها. وتضيف بالنسبة لهيئة مثل هيئة السكة الحديد لابد أن تقوم بعمل توازنات معينة لزيادة ايراداتها بغض النظر عن رفع أسعار التذاكر فمثلا محطات السكك الحديدية في جميع دول العالم المتطورة يتم استغلالها في تقديم خدمات سياحية وإنشاء مطاعم خاصة بها وهو الأمر الذي يؤدي إلي تنوع ايراداتها. وتوضح د. هناء أن السكك الحديد علي مستوي العالم لا تحقق مكاسب لكنها في نفس الوقت لا تخسر كل هذه الأموال التي نسمع عنها في مصر. وتؤكد د. هناء علي حقيقة مهمة وهي ضرورة تقديم دعم حكومي للهيئات الاقتصادية العامة التي تمس حياة المواطن شريطة ألا تقوم برفع أسعار الخدمات مع مراعاة ان يكون ذلك الدعم في حدود المعقول دون تفريط وذلك لحث هذه الهيئات علي العمل من أجل تحقيق وفورات بدلا من الاعتماد علي أن أرقامها تظهر في الموازنة العامة للدولة برقم واحد فلا نعرف الهيئات التي تحقق ايرادات والأخري تمني بخسائر فادحة. وتضيف ان فصل هذه الهيئات عن الموازنة العامة للدولة يجعلها تحقق أرباحا وترفع ضرائب علي هذه المعدلات الربحية وبالتالي يكون عائدها ومردوها علي الدولة أكثر ويزيد من ايرادات الموازنة بما يؤثر ايجابيا علي تقليل المصروفات واحداث نوع من التوازن في العجز. تجارب قبل الثورة ويؤكد المستشار محمود فهمي رئيس هيئة سوق المال الاسبق أن الهيئات الاقتصادية تلحق في الموازنة العامة للدولة باعتبارها شخصا من أشخاص القانون العام كما انها جزء من الجهاز الإداري للدولة وتتمتع "بذمة مالية مستقلة" وبالتالي إذا اصيبت بأي عجز فانه ينعكس علي الميزانية العامة للدولة بالمعني العام. ويشير إلي انه لا يوجد ما يمنع تحويل هذه الهيئات إلي شركات لانها في هذا الوقت سوف تدخل في حظيرة القانون الخاص وبذلك تستطيع الاقتراض من البنوك أو اصدار سندات أو تخضع للخصخصة وبذلك تتخلص ميزانية الدولة بالمعني الواسع من عجز هذه الهيئات، لان فصل موازنة هذه الهيئات عن الموازنة العامة سوف يعطيها فرصة إدارة مواردها وبالتالي تحقيق وفورات.. مشيرا إلي ان هيئة مثل السكة الحديد يمكن أن تزيد من أسعار تذاكر الدرجة الأولي والثانية المميزة لتدعم الدرجة الثالثة شريطة ان تقدم خدمة يشعر بها عملاء الدرجة الأولي والثانية المميزة خاصة انهم هم القادرون علي الدفع هذا علي سبيل المثال لأن عملية الفصل في هيئة السكة الحديد حالة خاصة لانها تحتاج إلي صيانة دورية تتكلف نحو 15 مليار جنيه. علما أن هذه الهيئات في الاسبق كانت تابعة لإدارة بعض الجهات الخاصة فمثلا كانت تدير المرافق العامة سابقا شركات أجنبية وكانت تحقق أرباحا طائلة وهي تجارب ناجحة لابد من الاستفادة منها وكلنا يذكر ان "الترام" كانت تديره شركة بليجيكية و"الانارة" كانت تديرها شركة ليبون كما أن سكك حديد الدلتا كانت تديرها شركة انجليزية والاتوبيسات بين المراكز كان يديرها أبو رجيلة والنقل في وجه قبلي والدلتا كانت شركة كافوري والمياه شركة انجليزية والمقطم كان من المقرر أن يتم عمل تليفريك به وربطه بالقاهرة عن طريق شركة ايطالية.. وغيرها وكان ذلك يتم عن طريق عقد امتياز لهذه المرافق وكانت الحكومة تقوم بدور المراقب وكان يدار ذلك بنجاح مؤكدا ان هذا خير دليل علي ان فصل هذه الهيئات لن يضر بمصلحة المواطن والدولة معا.