مازال موقف الصناديق للمحافظات وغيرها من الحسابات الخاصة غامضا حيث لم يتم اتخاذ قرار نهائي بشأنها.. هل تبقي علي حالها بعيدة عن رقابة وزارة المالية تحت هيمنة المحليات أم يتم ضمها إلي الموازنة العامة للدولة ليتم إنفاق مواردها تحت عين وبصر "المالية" ووفق قواعد عامة ومحددة؟ المهم في القضية أن موارد هذه الصناديق ضخمة وتصل إلي نحو 10 مليارات جنيه.. والأهم أن هناك خلافات شديدة بين المؤيدين والمعارضين لدمجها في الموازنة ولكل جانب أسانيده ووجهات نظره المنطقية.. بين وجود فساد في عمليات الإنفاق منها.. وبين نفي قاطع لذلك. وفيما يلي نطرح هذه القضية التي تؤكد مصادر وزارة المالية أنها تحت الدراسة، ولم تمت برحيل الدكتور مدحت حسانين عن الوزارة. نبدأ من لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب التي طالبت في تقريرها عن الموازنة العامة للدولة العام المالي الحالي بضرورة تفعيل قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 79 فيما يتعلق بإتاحة الفرصة للوحدات المحلية في مصر للتحول نحو اللامركزية في إدارة شئونها المالية وذلك بالسماح لتلك الوحدات بإنشاء صناديق وحسابات خاصة خارج الموازنة واحتجاز فوائضها من أجل تفعيل مشاركة تلك المجتمعات المحلية في منظومة النخبة وبزيادة دور وحدات التنمية المحلية والقومية في تدعيم أساس الاستقرار في المجتمع باعتبارها إحدي الركائز الأساسية خاصة أن الدستور نفسه في الفرع الثالث من الفصل الثالث أعطي المحليات أدوارا واضحة في التخطيط وذلك رغبة منه في تحقيق الأهداف الأساسية التي تأتي علي رأسها تحقيق فاعلية النفقة والاستغلال الأمثل لموارد الدولة. وبرر تقرير لجنة الخطة أهمية وجود مثل هذه الصناديق والحسابات تحت سيطرة المحليات ووحدات الجهاز الإداري للدولة لمواجهة خضوع الجانب الأكبر من التدفقات المالية بموازنة الإدارة المحلية لإدارة السلطة المركزية الممثلة في وزارة المالية، حيث تشير الاحصائيات الرسمية إلي أن حوالي 7% من إجمالي التدفقات المالية في موازنة الإدارة المحلية هي التي تخضع لإدارة المحليات أما باقي الإنفاق فيخضع لإدارة السلطة المركزية، الأمر الذي لا يحقق المرونة الكافية لهذه الوحدات الحيوية سواء في المحليات أو الجامعات وغيرهما من وحدات الجهاز الإداري للدولة بما يساعدها علي القيام بدور فاعل في تنفيذ الخطة التنموية. ويشير التقرير إلي أن النصيب النسبي للمحليات من الإيرادات العامة للدولة شاملة نصيبها في الإيرادات السيادية وحصيلة الصناديق والحسابات الخاصة لم يتجاوز ال 5% من إجمالي تلك الإيرادات عام 2002 علي سبيل المثال وهو ما يزيد من اعتماد الوحدات المحلية علي الإعانة المركزية، الأمر الذي يحد من الدور المالي للسلطات المحلية وقدراتها علي تنفيذ الأولويات في ظل ما تقتضيه خطة التنمية الاجتماعية فضلا عن التأثير سلبا علي إدارة دولب العمل في تلك الوحدات. تجربة واقعية الدكتور عبد الرحيم شحاتة وزير التنمية المحلية يؤكد أن الصناديق الخاصة تخضع لحسابات دقيقة ومراقبة شديدة في عمليات الإنفاق منها، ويستند في ذلك إلي تجربته بوصفه المحافظ السابق للقاهرة التي كان بها صندوقان يتم الإنفاق منهما حسب خطة موضوعة تخضع لإشرافه شخصيا وتحت رقابة الجهاز المركزي للمحاسبات، الأول خاص بالخدمات والثاني يتعلق بالإسكان الاقتصادي، ويؤكد أنه لم تحدث فيهما أية تجاوزات وكان يتم استخدام مواردهما لتمويل مشروعات تقوم بها المحافظة بالإضافة إلي مخصصات المحافظة من الخزانة العامة. وأشار دكتور شحاتة إلي أن إنشاء مثل تلك الصناديق لا يتم إلا بعد موافقة رئيس مجلس الوزراء وتحديد الأهداف التي تقوم من أجلها، وأوضح أن وجود مثل هذه الصناديق لا يعني فساد المحليات، فالمحليات أقل القطاعات فسادا والدليل علي ذلك نسبة التجاوزات التي تصدر من بين 5.2 مليون موظف. ويؤكد أن الاتجاه إلي إعطاء المحليات مزيدا من اللامركزية في النواحي المالية والإدارية المرتبطة بالمسئولية يعني أنها أقل القطاعات فسادا. وكما يؤكد عمر عبد الاَخر محافظ القاهرة الأسبق بدوره أن الصناديق الخاصة بالمحافظات ليست "تكيات" خاصة كما يردد البعض فهي تخضع لرقابة صارمة من قبل الجهاز المركزي للمحاسبات، مؤكدا أن هذه الصناديق أنشأت لتوفير الأموال التي تحتاجها المحافظات في تطوير أو إنشاء مشروعات لأبناء الأقليم وتعجز الموازنة المخصصة للوفاء بتمويلها.