علي حافة الانتظار يقف وطن آيل للسقوط لكنة صامد لم يسقط بعد منتظرا جرعة أمل تمنحة الثبات ومسحة تفاؤل تعيد شحن بطاريات الحلم .. هكذا مصر تقبع فوق قمة جبل عال لم تطل سما ولا أرض، فالتغيير الذي حدث في ثورة يناير 2011 منحها مضادات فساد واحباط وانكسار لكن مفعوله تبدد داخل صناديق صماء تعاندها وترفض أن تبتسم لها عامان علي ثورة مصر المجيدة.. عامان دون ان تتحقق اهدافها بدءا من هتاف الشعب يريد اسقاط النظام، فالنظام الذي جاء لا يختلف عن سابق في فكره ومنهجه، فالشعب تنزف دمائة يوميا ويصاحب الموت خطواته إما في اتوبيس مدرسة أطفال كما حدث في اسيوط أو في عرض البحر كما حدث ويحدث مع مراكب الصيد او في قطار مثلما حدث في البدرشين وربما داخل سيارة يصدمها قطار راجع حادث مزلقان ارض اللواء وربما تحت انقاض عقار وما اكثر العقارات المنهارة في ربوع الوطن وآخرها الاسكندرية وقد تنجو من كل هذا فتسقطك رصاصة طائشة من الداخلية لمجرد عبورك الشارع امام قسم شبرا الخيمة.. هو شبح الخوف، رائحة الدم التي تملأ الشوارع.. هي نفس سياسة اللامبالاة وعدم الاكتراث والتعامل مع أرواح المصريين علي انهم سلعة يتم تعويضها بعد قتلهم ماديا.. هو نفس منهج العناد والكبر والعنجهية والغرور والغطرسة وكل ما يؤدي الي الفشل المؤكد السقوط المدوي.. ما اشبه اليوم بالبارحة وما اشبه الحرية والعدالة بالحزب الوطني... كل طرف يسعي لاحتكار الوطن وتهميش الآخر مع الفارق المهم والجوهري ان الحزب الوطني لم يتبقي منة سوي مبني متفحم محروق منهار ورموزه ملقون خلف الاسوار فضلا عن الأهم وهو الشعب الذي نحي الخوف جانبا وفجر براكين الغضب الخامدة ولم يعد يري سوي ان السكوت يعني موتا..في مصر 25 يناير القادم اختارت قوي الاسلام السياسي ان تحتفل وتدعو الي الاحتشاد تتردد انباء عن ان الاحتفال يكون امام مدينة الانتاج الاعلامي او امام قصر الاتحادية او في ميدان التحرير بينما اختار ثوار مصر وشعبها استكمال ثورتهم والدعوة الي البقاء في ميادين تحرير مصر لحين تحقيق اهداف الثورة التي لم يتحقق منها شيء بل يرون ان القادم اسوأ عندما يتم تمرير قانون الضرائب الجديد المجمد مثلما تم سلق الدستور وتمريره واصبح اعلاميو مصر وصحفيوها ضيوفا دائمين داخل ساحات المحاكم والمضحك المبكي أن القضايا يتم تحريكها من خلال مؤسسة الرئاسة التي وعد رئيسها من بين وعود اخري كثيرة لم يف بها بأنه لن يقصف قلما ولن يسجن صحفيا ولن تغلق صحيفة في مصر تجاوز الغضب المدي واصبح مرسوما علي وجوه الناس المعدمة في الشوارع فالفرحة اصبحت طموحا والابتسامة فارقت الوجوه ولم تعد .. والثورة التي رفعت مبادئ عيش حرية كرامة عدالة انسانية لم يتحقق منها شيئا فمازال الظلم والقمع والفقر والاهانة هم الاداة الباطشة لاي نظام يحكم مصر دون ادني محاولات تغيير..اما شهداء الثورة فلهم الله وحقهم المهدر مازال صرخة مدوية في حناجر الثوار تهز الميادين "يا نجيب حقهم يا نموت زيهم".. ووسط دموع الامهات ووجع الاباء وحزن مصر علي ابنائها فقد غاب القصاص وتاهت العدالة. أما السيناريو الاخطر فهو الصدام بين شعب يواصل ثورته ويستعيد بريقها وتوهجهها وبين انصار النظام الذين يستميتون علي السلطة ويتعاملون بمنطق انهم دولة داخل الدولة عبر ميليشيات مدربة كما حدث امام قصر الاتحادية .. هنا تكمن الخطورة فمصر لم تعد تحتمل اراقة مزيد من الدماء، ومن يري ان هناك ثمة ما يستحق الاحتفال في ظل حالة الحداد والسواد الذي تتشح به غالبية محافظات مصر فعليه ان يذهب بعيدا ولا يستفز شعبا لم تجف دماء ابنائه ولم تبرد النيران المشتعلة في القلوب حزنا علي رحيلهم.. في 25 يناير كل طوائف الشعب مدعوة للنزول من العمال والفلاحين والطلاب ونجوم الفن والابداع والكتاب والاعلاميين وكل اصحاب المهن المختلفة وكل من لا مهنة له.. علي الاقل يخرج الشعب ليصرخ ليزيح الغضب الجاثم علي صدره ، والمهم ان تحافظ الثورة علي سلميتها وان تقف الداخلية علي الحياد دون ان تنحاز لطرف علي حساب طرف اخري خاصة وان التجربة اثبتت ان الاشتباكات تعني حشداً وتؤدي الي مزيد من العنف ، فالثورات كأسماك القرش تستثار بالدماء، اما النظام الحاكم فعليه ألا يصم آذانة وان يستمع الي الشعب وينحاز الي الوطن قبل الجماعة وان تتوقف سياسة حشد امام حشد والبقاء للأقوي وكل العبارات التي تشعل الغضب اكثر، فقد انحازوا للوطن لا للجماعة واستمعوا للشعب لا لمكتب الارشاد، فوقفة مع النفس واعادة الحسابات تنهي حالة الاحتقان ..مصر المبدعة غابت اين السينما والصناعة التي تندثر تدريجيا ومعدل الانتاج المتدهور خوفا من نزيف الخسائر ومن القوي الظلامية المتشددة التي تحرم كل شيء واي شيء رغم أن الثورة في الأساس فكرة وابداع والفكرة لا تموت و الابداع لا يتوقف ومازال الورد بيفتح في جنانين مصر.