الوضع الاقتصادي يفرض نفسه علي المصريين باعتباره المؤثر الفعلي في الأحداث حالياً ومستقبلاً.. والاقتصاد يؤثر تأثيراً مباشراً علي الحراك السياسي الذي نعيشه. بشهادة العديد من الخبراء والمسئولين فإن الاقتصاد المصري يمر بأزمة طاحنة إذ لم نتداركها ونتصدي لها ستدخلنا في منعطف خطير. نحن نعيش علي "قفا" غيرنا.. صرنا دولة مستهلكة مستوردة غير منتجة.. وبشهادة وزراء من حكومة هشام قنديل يؤكدون علي تراجع معدلات الاستثمار بنسبة 15% ووصول معدلات الفقر إلي 25% وهناك من يؤكد أن النسبة تصل إلي 40% في الصعيد.. وارتفاع معدلات البطالة إلي 13%.. وتراجع السياحة خلال العام الماضي إلي 33% وعجز الموازنة إلي 170 مليار جنيه، وانخفاض الاحتياطي النقدي إلي 15 مليار دولار.. أي أن البحر أصبح أمامنا وخلفنا ولا مفر فمن ينقذنا من هذا اليم. المصروفات تفوق الإيرادات.. نحن نستورد حوالي 60% من احتياجاتنا الغذائية من الخارج.. نعيش علي الاسيتراد ونستورد سلعا لا لزوم لها بحوالي 4 مليارات دولار منها الزيوت وأكل القطط والكلاب والجمبري والأستاكوزا والشامبو واللبان والشيكولاته والمخمور والسجائر ولحوم الخنزير ولحم الطاووس والمحمول والبلاك بيري وغيرها من السلع الاستفزازية رغم ما يعانيه ميزان المدفوعات من عجز وانخفاض النقد الأجنبي. أدت سياسة الحكومة المرتبكة والأحداث الأخيرة إلي قيام التجار بشراء محموم للدولار الأمر الذي ارتفع سعره إلي أرقام كبيرة لم تحدث من عدة سنوات مضت.. ويؤكد هشام عز العرب رئيس البنك التجاري الدولي أن كل قرش ارتفاعا في قيمة الدولار أمام الجنيه فإنه سيزيد من فاتورة الواردات إلي 100 مليون دولار سنويا، وهذا يعني زيادة الواردات إلي أرقام ضخمة. الوزراء أنفسهم لا ينكرون خطورة الوضع والموقف الاقتصادي الحرج.. والمسئولية تقع علي عاتق الحكومة وهي مسئولية جسيمة وصعوبات تواجهها كما وصفها وزير المالية ممتاز السعيد وهي سد العجز في الموازنة، ومصادر تمويل هذا العجز وانخفاض الاحتياطي الأجنبي.. وهذا يعني أن الحكومة ليس أمامها سوي فرض مزيد من الضرائب ورفع أسعار كثير من السلع والاقتراض من صندوق النقد الدولي وترشيد الدعم.. أي أن المواطن المصري هو الذي سيدفع الثمن ويسدد الفاتورة.. رغم فقر ومعاناة المواطن الذي كان ينتظر الخير والاستقرار والرخاء بعد ثورة 25 يناير. د. عبدالخالق فاروق الخبير الاقتصادي لديه بعض الحلول.. فلابد من هيكلة الموازنة العامة للدولة لأن بها سفها وانفاقا بذخيا كبيرا في باب الأجور والمرتبات ويضع جانبا كبيرا منه علي القادة والمسئولين والمستشارين في صورة مكافآت.. وكذلك نفقات تشغيل الجهاز الحكومي الترفي لدينا 58 ألف سيارة حكومية وحوالي 300 ألف مبني حكومي.. وباب الاستثمارات في مجملها استثمارات في البنية التحتية في قطاع البناء والتشييد التي تنتشر فيها الرشاوي والعمولات.. فضلا عن الصناديق الخاصة التي تحتوي علي 100 مليار جنيه.. ولو وضعت في الموازنة فإنها بالتأكيد ستسد جانبا من العجز ولكن المستفيدين يرفضون ذلك فهي بعيدة عن رقابة الدولة ولا تخضع لإشراف وزارة المالية والجهاز المركزي للمحاسبات. مصر في وضع اقتصادي سيئ وتعرضت لعمليات نهب كبيرة قبل الثورة وبعدها وأن حجم الفساد في مصر يقدر بحوالي 100 مليار جنيه سنويا ومعظم هذه الأموال تهرب إلي الخارج.. وجزء منه يستخدم في إقامة مشروعات وفيلات ومنتجعات سكنية يبلغ عددها 389 منتجعاً بخلاف الساحلية والسياحية. بعد ثورة 25 يناير تم تهريب أموال ضخمة بسبب البطء الشديد في اتخاذ الإجراءات والقبض علي المتهربين والفاسدين. من الأمور الصعبة والمخزنة والكارثية معاً أن مصر ستدخل عام 2013 الحالي في دوامة نظيفة، الله وحده يعلم كيف سنخرج منها.. وهي تصنيف المؤسسة المالية العالمية ستاندرد آند بورز والتي قررت فيه تخفيض تصنيف مصر الائتماني من "بي" إلي "بي سالب" وهذا يعني هروب المستثمرين الأجانب وإحجامهم علي القدوم والاستثمار في مصر.. ويجمع الخبراء بأن نسرع في عمل إجراءات مهمة للإصلاح الاقتصادي لأن هذا التخفيض الائتماني يمثل مؤشراً سلبياً علي مصر.. كما أنه سيزيد من تكلفة الاستيراد.. وضرورة السداد أولاً في ظل امتناع كثير من المؤسسات الخارجية عن منح الائتمان. أما قرار تحديد مبلغ 10 آلاف دولار كحد أقصي للفرد الواحد في السفر.. فهذا أمر تتبعه كثير من الدول للحفاظ علي عملتها وأموالها ولا جدال في ذلك.. ولكن هل هذا المبلغ لجمع أسفار أي فرد إلي الخارج أم أنه سيكون لكل سفرية فقط؟ وهل إذا جاء سائح أجنبي ومعه أموال سائلة أكثر من هذا الرقم هل سيصادر المبلغ ويمنع من الدخول؟ فكل فرد حر في فلوسه.. مادام أنه سينقصها في مصر بطرق مشروعة ليس فيها ما يخل بأمن مصر. أمر آخر يثير الرعب والقلق وهو اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية التي وقعتها مصر عام 2001 وستدخل حيز التنفيذ في هذا عام 2013 وهذه الاتفاقية تسمح بإعادة توطين المتواجدين في أوروبا بصورة غير قانونية في مصر.. أي أنها تجبرنا علي توطين الأشخاص المرفوضين في مجتمعاتهم والإرهابيين ذوي الأصول المصرية.. كما تجبرنا الاتفاقية علي بيع السد العالي وقناة السويس أي أنها تتيح للأجنبي الامتلاك لكل شيء في مصر.. كما أنها تحرر الخدمات الصحية والتعليم والمياه.. وهذا يعني زيادة في الأسعار لا يتحملها المواطن المصري.. ويطالب الخبراء بإعادة تقييم هذه الاتفاقية نظرا لما يشوبها من علامات استفهام كثيرة.. خاصة أن تركيا والمغرب رفضتا تلك المادة كما قالت د. مجد قطب الأستاذة بطب القاهرة. ماذا يمكن أن نقول بعد ذلك.. لا نملك إلا أن نقول لك يا مصر السلامة وسلاماً يا بلادي.. مصر.