يتساءل البعض لماذا تسرع الرئيس مرسي بإصدار القرارات الخاصة بزيادة ضريبة المبيعات علي قائمة كبيرة من السلع والخدمات، وبالتالي رفع أسعارها ثم اضطر للتراجع عنها أو بالأصح تأجيل تنفيذها؟ كل الإجابات التي قدمت حتي الآن غير مقبولة.. فليس صحيحا أن الحكومة ووزير المالية تحديدا، كما تقول أبواق حزب الحرية والعدالة قد ورطوا الرئيس في تلك القرارات أو أن الحكومة قد أصدرت قرارات رفع الأسعار من وراء ظهره.. فهذه القرارات ظهرت أو صدرت ممهورة بتوقيع الرئيس ذاته لأنها صدرت في صورة قوانين، وهو سيادته وحده الذي يملك سلطة حق التشريع الذي منحه لنفسه بإعلان دستوري. أيضا ليس مقبولا أن يكون الرئيس قد اكتشف فجأة أن هذه القرارات، المسئول عنها شخصيا تضع أعباء جديدة علي كاهل المواطنين.. فالفارق بين وقت إصدار القرارات وبين وقت تجميدها لا يتجاوز بضعة ساعات قليلة فقط. لكن الصحيح أن الرئيس مرسي حينما أصدر قرارات رفع الأسعار كان مضطرا، وحينما جمد هذه القرارات وأوقف تنفيذها بعد ساعات قليلة كان مضطرا أيضا فهو سارع باصدار قرارات رفع الأسعار وزيادة ضريبة المبيعات لأن هذه القرارات ضمن البرنامج الاقتصادي الذي ناقشه المفاوضون المصريون مع بعثات صندوق النقد الدولي وهو البرنامج الذي علي أساسه وافقت البعثة علي تقديم قرض لمصر يبلغ 4،8 مليار دولار.. وسوف تجتمع بعد أيام قليلة فقط إدارة صندوق "مجلس إدارة" لمناقشة توصية البحث بإبرام اتفاق مع مصر أو إقرار واعتماد الاتفاق المبدئي الذي توصلت إليه بعثة الصندوق مع الحكومة المصرية.. وكانت إدارة الصندوق قد أعلنت في تصريحات لها مؤخرا أنها تريد أن تطمئن إلي التزام الحكومة بالتوجهات الاقتصادية والسياسية التي سوف تسير عليها مستقبلا.. أي تريد الاطمئنان إلي أن الحكومة المصرية سوف تكون في ظل الظروف السياسية المالية قادرة علي تنفيذ برنامجها الاقتصادي.. ولأن اجتماع مجلس إدارة الصندوق محدد له سلفا يوم السابع عشر من هذا الشهر، فقد سارعت الحكومة ومعها الرئيس لإصدار قرارات رفع الأسعار.. أي أن الاضطرار كان وراء التعجيل باصدارها. لكن الأغلب أن الرئيس وعدد من قيادات جماعته راجعوا الأمر بشكل سريع بعد أن جاءت أنباء ردود الفعل الغاضبة جماهيريا وإعلاميا لهذه القرارات التي رصدتها أجهزة جمع المعلومات سواء لدي الدولة أو الإخوان.. وهنا خشي الرئيس وقادة جماعته أن تزيد هذه القرارات التهاب الموقف السياسي الذي نعيشه حاليا، وأن يؤثر ذلك علي اتجاهات تصويت المواطنين العاديين علي مشروع الدستور، وتأتي النتيجة في نهاية المطاف برفض هذا الدستور.. ولذلك سارعوا وقبل أن تظهر شمس اليوم التالي لتأجيل تنفيذ هذه القرارات.. فالرئيس الذي لا يريد أن يفقد ثقة صندوق النقد الدولي حرص علي عدم إلغاء هذه القرارات واكتفي فقط بتأجيلها. هكذا.. قرارات رفع الأسعار سوف تنفذ.. وتنفيذها مرهون بالموافقة علي الدستور من خلال الاستفتاء.. والأغلب أن الرئيس سوف يفعل هذه القرارات في اليوم التالي لليوم المحدد للاستفتاء، أي يوم الأحد 16 ديسمبر لأن الرئيس وحكومته معنيان بطمأنة إدارة صندوق النقد الدولي واقناعها بأنها تسير في الطريق المرسوم.. لذلك استعدوا لشد الأحزمة علي البطون.