بعد النجاح الساحق منقطع النظير الذي حققه مسلسل "طحن المواطن المصري" قررت الحكومة ممثلة في وزارة المالية البدء فورا في تصوير الجزء الثاني من المسلسل الذي اختارت له عنوانا "ضريبة لكل مواطن.. وقد بدأت أحداث المسلسل الجديد بضريبة الارباح التجارية التي اضحت تطبق مؤخرا علي الوحدات العقارية وتحديدا علي الفارق بين سعر الشراء وسعر البيع ثم تلتها ضريبة المحمول وبعدها مباشرة الاعلان عن بدء تطبيق الضريبة العقارية بداية العام القادم وهو مشروع القانون الذي اجلته حكومة النظام السابق اكثر من مرة..وهذا ايضا بالاضافة لرفع الدعم تدريجيا علي الطاقة الذي بدأته الحكومة ببنزين 95 وكذا كوبونات الانابيب وايضا الارتفاع المفاجيء في اسعار الكهرباء ..وبعيدا عن قرار غلق المحال الساعة العاشرة لتحجيم الانتعاش الذي تنعم به البلاد فقد فاجأتنا الحكومة يوم الاربعاء الماضي بقانون الضرائب التي تنوي فرضه علي الشركات الراغبة في طرح اسهمها بالبورصة او حتي الشركات المدرجة في حال قيامها باحداث اي تغيير في هيكلها الاساسي عن طريق اعادة تقييم الاصول سواء بغرض التقسيم او الاندماج ..وايضا فرض ضريبة علي التوزيعات النقدية والعينية بمقدار 10% غير قابلة للتخفيض!!.. وكانت ثورة الخامس والعشرين من يناير قد قامت بسبب الرفاهية المتناهية التي كان يعيش فيها المواطن المصري!! حقا.. ما اشبه اليوم بالبارحة..ألم تكن تلك الفقرة الاخيرة من مشروع القانون والخاصة بالضريبة علي التوزيعات هي ذاتها الفقرة الرئيسية في مشروع القانون السابق الذي كان يراد تطبيقه ابان تولي الدكتور سمير رضوان وزارة المالية!!؟؟ ألم يلاق هذا القانون انتقادات حادة دفعت الحكومة حينذاك لارجاء تنفيذه الي اجل غير مسمي!!؟ للدرجة التي دفعت بعض مرشحي الرئاسة للتعهد بعدم تطبيق هذا القانون كنوع من الدعاية الانتخابية.. وابرزهم الفريق احمد شفيق الذي تعهد بعدم فرض اي ضرائب علي البورصة او علي الارباح الرأسمالية استغلالا لتلك الانتقادات.. وهو الامر الذي دفع الدكتور مرسي للعدول عن رأي سابقه المهندس خيرت الشاطر كما جاء في برنامج النهضة الذي تقدم به كلا المرشحين واعلن صراحة انه لا نية علي الاطلاق لفرض ضرائب علي البورصة او علي الارباح الرأسمالية لاستمالة الناخبين من مجتمع المال والاعمال.. علي كل حال.. اري ان القانون الحالي حتي وإن خلا من التأثير علي التعاملات اليومية فهو مناقض لبرنامج الرئيس الانتخابي ونقضا لعهده.. ولعلها اشتراطات صندوق النقد الدولي هي التي دفعته لهذه الخطوة!! واما عن الشق الذي يعنينا جميعا والمتعلق بتأثير هذا القانون علي اداء البورصة فقد ادهشني بالفعل رأي البعض في ان تلك القرارت ليس لها تأثير علي المستثمرين او علي السوق!! ولذا دعونا نتساءل من هم هؤلاء المستثمرين!! هم ببساطه.. المساهمين بالشركات المدرجة.. اي ملاك الشركات..ومعني فرض ضرائب علي الشركات.. فهو يعني تأثر سعر السهم نتيجة الاعباء الاضافية عليها ومن ثم يتراجع سعره ليكون الخاسر هو المستثمر.. وهذا هو الاثر غير المباشر.. واما عن الأثر المباشر.. فهو ما يتعلق بالضريبة علي التوزيعات النقدية كونها ستطبق علي الكوبون الذي يعد ربحية السهم ومن ثم سيتأثر سعر السهم بهذه الضريبة سلبا ليكون المتضرر، كما هي العادة المستثمر، بل والاسوأ من هذا كله.. ان بعض الشركات قد تلجأ الي التلاعب في قيم اصولها عند اعادة التقييم لتفادي دفع الضريبة.. فعند اعادة تقييم الاصول بهدف الاندماج او التقسيم تعتبر الارباح الرأسمالية الناتجة من التقييم الجديد خاضعة للضريبة.. الامر الذي قد يدفع بعض الشركات للجوء الي التلاعب في قيم اصولها عند اعادة التقييم لتفادي دفع الضريبة كما هو الحال في عقود البيع التي توقع بين الافراد بقيم مختلفه عن السعر الحقيقي لتفادي دفع ضريبة الارباح التجاريه ولكن مع الاختلاف بالطبع..فالتلاعب في قيم واصول الشركات امر غاية في الخطورة وسيكون المتضرر الاكبر منه هو المساهم الصغير.. وبتدقيق النظر في هذا البند سيتضح وكأنه مفصل علي مقاس شركتي اوراسكوم للانشاء والصناعة واوراسكوم تيليكوم.. فهل هي مصادفة؟؟ أم لتعديل وضع خطأ سابق.. علي كل حال كنت اري ان حل هذه المشكلة يتلخص بتمتع اي شركة حال ادراجها بالبورصة بجميع الاعفاءات الضريبية بعد مضي فترة معينة علي الادراج ولتكن عامين او ثلاثة علي سبيل المثال واذا قامت باي تغيير في هيكل الملكية خلال العامين فتكون تلك العملية خاضعة للضريبة.. وذلك لضمان جدية الشركة في مسألة الادراج للتمتع بميزة التمويل وليس لمجرد التهرب من دفع ضرائب لاتمام صفقة معينة. أخيرا.. علمتنا السنوات الماضية ان القوانين المفصلة دائما ما تكون عواقبها السلبية اكثر بكثير من عواقبها الايجابية.. عدا عن الطعون التي قد تواجهها بعض المواد نظرا لعدم دراستها بشكل متأن.. ولهذا اتصور مثلا صعوبة تنفيذ المادة الخاصة بفرض ضريبة بقيمة 10% علي التوزيعات النقدية نظرا لازدواجية الضريبة علي اعتبار ان الشركة تقوم بدفع ضرائب عن ارباحها.. ولذا لا يجوز ان يتم فرض ضريبة اضافية علي التوزيعات باعتبارها جزءا من هذه الارباح التي فرض عليها الضريبة في البداية!!.. كلمة أخيرة: كم أتمني ان يسعدني الحظ لمقابلة الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية.. لارجوه واتوسل إليه.. ان يحسن اختيار مستشاريه ووزرائه .. واتوسل ايضا لسيادته.. ضرورة وجود اقتصادي ملم بسوق المال ضمن فريقه الرئاسي وليكن مثلا رئيس البورصة ذاته الدكتور محمد عمران.. رحمة بنا وبالمستثمرين.. ولله الامر من قبل ومن بعد!!