الخبراء انقسموا حول جدوي الاستثمارات التركية اختلف خبراء الاقتصاد حول جدوي جذب الاستثمارات الخارجية بصفة عامة والتركية بصفة خاصة، فمنهم من يري أن هذه الاستثمارات الخارجية تستهدف تسهيل حركة التبادل التجاري وتنمية الاستثمارات المشتركة والعمل علي إزالة جميع العقبات التي تواجه رجال الأعمال من الجانبين وتوفير المعلومات اللازمة عن الفرص الاستثمارية في كلا البلدين هذا بالإضافة لزيادة إجمالي الدخل القومي بالتالي ارتفاع النمو الاقتصادي.. بينما يري البعض الآخر أن هناك مصادر داخلية بديلة للاستثمار داخل الدولة بدلا من اللجوء إلي الاستثمارات الخارجية التي لا تجلب إلا ديونا لمصر وذلك عن طريق القروض التي تحصل عليها من هذه الدول. يقول الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات سابقا إن مصر تحتاج إلي مزيد من الاستثمارات حتي تعود الحركة الاقتصادية من جديد، موضحا أن زيادة الاستثمارات لها آثار إيجابية عديدة علي الاقتصاد المصري، حيث توفر الاستثمارات الخارجية العديد من المزايا ومنها تجلب العملة الأجنبية وبالتالي ترفع من قيمة الجنيه أمام الدولار، هذا بالإضافة لحل مشكلة البطالة التي تتوغل داخل المجتمع المصري بشراسة، وبالتالي لابد علي الدولة أن تعمل علي جذب العديد من الاستثمارات من الدول المختلفة وعلي رأس هذه الاستثمارات المشروعات التي أعلنت مؤخرا بين مصر وتركيا، فهذه المشروعات ستعم علي مصر بالفائدة وتفتح أسواقا عديدة للتصدير إلي الدول الخارجية خاصة السوق الإفريقي والدول الأوروبية من خلال المصانع التي يتم إنشاؤها بين مصر وتركيا. نمو اقتصادي أضاف عبدالعظيم أن الاستثمارات الخارجية بشكل عام تزيد من إجمالي الدخل القومي للدولة وبالتالي ينتج عن ذلك نمو اقتصادي، وتنتعش حركة الاقتصاد بشكل كبير، وتسترد مصر عافيتها من جديد خاصة أن نسبة الاستثمارات تراجعت بشكل عام بعد الثورة، فالحكومة الجديدة تحاول أن تجذب العديد من الأموال وهي سياسة صائبة. قال عبدالعظيم إن الاستثمارات الخارجية تساعد علي توافر السلع في السوق المحلي وبالتالي يحدث انضباط في أسعار السلع المستهلكة، فالسلع الغذائية منذ نشوب الثورة وهي في ارتفاع بصفة مستمرة، والحكومة لم تسيطر علي هذا الموضوع، فكلما زادت الاستثمارات الخارجية كلما زاد عرض السلع في السوق المحلي وبالتالي استقرار الأسعار المحلية. أكد عبدالعظيم أنه لا بد من أن تكون جميع الاستثمارات الموجهة إلي مصر بعد الثورة استثمارات مشتركة، بحيث يكون لمصر دور فيها، وهذا عكس ما كنا نعيشه في عهد النظام السابق، فرجال الأعمال كانوا يستثمرون بدون أي شروط ويستثمرون دون أن تتمتع مصر بنتائج هذه الاستثمارات، فمعظم المشروعات التي كانت قائمة قبل الثورة كانت الشركات تصدر جميع المنتجات التي تنتجها داخل مصر إلي الخارج ولم تستفد منها مصر، حتي المشروعات العقارية كانت تشهد ارتفاعا كبيرا وتباع دائما للعرب والأجانب وقليلا من كانوا يشترون بهذه المشروعات من المصريين إلا من يمتلكون الأموال،مما أدي إلي تفاقم أزمة الإسكان بشكل كبير. أضاف مصطفي عنتر الخبير الاقتصادي أن الاستثمارات المصرية التركية مبشرة للغاية وستنعش الاقتصاد المصري وترفع الدخل القومي للدولة، موضحا بأنه تم الاتفاق مع الجانب التركي خلال زيارة الرئيس علي تحويل ملياري دولار خلال الأيام القليلة المقبلة إلي مصر في إطار اتفاقية القرض المقدم من الحكومة التركية، لدعم الاقتصاد المصري، وسيتم توجيه هذه الأموال لتمويل عدد من المشروعات الاستثمارية الواردة في خطة الدولة الاستثمارية، حيث يتم استخدام مليار دولار وديعة علي خمس سنوات بفترة سماح ثلاث سنوات وفائدة لا تزيد علي 1%، والمليار الأخري عبارة عن استثمارات تركية في مصر وشراكة في مشروعات البنية التحتية. قال عنتر إن القرض سيزيد من فرص التعاون الاقتصادي بين البلدين وتزيد من الصلات الوثيقة بين الطرفين بما يدعم التبادل التجاري بين الطرفين المصري والتركي، علاوة علي زيادة فعالية الاتفاقية بالتجارة الحرة ويشير إلي أن حجم التجارة البينية يصل إلي 3.2 مليار دولار وبلغت الاستثمارات التركية المباشرة في السوق المصري 1.3 مليار دولار وفاق عدد الشركات التركية 300 شركة في السوق المصري ويعمل بها 60 ألف عامل مصري، موضحا أن الشركات التركية كانت تعاني من المشكلات وقامت الحكومة الحالية بإزالة هذه العوائق. أشار إلي أن الاستثمارات تخدم العلاقات الاقتصادية للدول وتزيد من حجم الاستثمارات المتبادلة، موضحا أن الاستثمارات التركية المصرية توجد في قطاعات واعدة للاستثمار ومنها القطاعات الهندسية أو صناعة السيارات والأتوبيسات والموبيليا والطباعة والملابس الجاهزة والمنتجات الجلدية والصناعات الكيمياوية، مشيرا إلي أن الاقتصاد التركي من الاقتصادات الناهضة عالميا وشهد تطورا وتحديثا كبيرا خلال السنوات الأخيرة وعلي الصناع المصريين التعاون مع الجانب التركي ونقل التكنولجيا الصناعية الجديدة في الصناعة التركية. أكد عنتر علي ضرورة توطين الاستثمارات التركية في مصر بهدف إعادة تصديرها للخارج والاستفادة من المزايا التنافسية التي يختص بها السوق المصري والتركي من خلال النفاذ لأسواقها، هذا بالإضافة إلي أهمية عمل المستثمرين المصريين للاستفادة من مزايا التعاون الاقتصادي مع تركيا والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة. يشير عنتر إلي أن الحكومة الحالية تعي ما كانت تقع به الحكومة السابقة وهي تشجيع المستثمرين وتقديم خدمات ميسرة لهم ومن هذه الخدمات توفير الأراضي الصناعية المرفقة ذات المساحات الكبيرة في المناطق الصناعية القريبة مثل 6 أكتوبر والعاشر من رمضان لأن المستثمرين الأتراك يطالبون بمساحات كبيرة لإنشاء شركاتهم ومصانعهم، بخلاف أن المناطق الصناعية البعيدة في الصعيد تنقصها الكثير من المرافق والبنية التحتية الأساسية لمعيشة الأتراك في الصعيد، وشدد علي أهمية العمل علي إزالة جميع العقبات التي تواجه نمو الاستثمارات التركية في مصر والعمل علي زيادة الصادرات المصرية للسوق التركي. يضيف أن أبرز الصادرات المصرية للسوق التركي تتمثل في الأقطان والأرز والورق وتمثل الصادرات المصرية من الورق 10% من إجمالي احتياجات السوق التركي وتقدر ب 20 ألف طن وتوقع خلال زيادة الاستثمارات التركية في السوق المصري وزيادة حجم التجارة البينية لتصل إلي 3 مليارات دولار خلال 3 سنوات. بدون فائدة بينما يري الدكتور صلاح صادق الخبير الاقتصادي أن الاستثمارات الخارجية لا تعود بفائدة علي الاستثمارات المصرية، لذلك ينصح معظم الخبراء بضرورة البحث عن مصادر دخل من الداخل وليس البحث عن الاستثمارات الخارجية فمصر بها العديد من المصادر الداخلية التي تغنيها عن مصادر الدخل الخارجية، فالحكومة المصرية ما تفعله حاليا ليس استثمارات ولكن تحصل علي قروض من دول عديدة مثل قطر والسعودية وتركية وأخيرا صندوق النقد الدولي، موضحا أن كل هذا ديون خارجية علي مصر لا بد أن تسددها في أوقات محددة، مشيرا إلي أننا من الممكن أن ندخل في أزمة ديون مثلما كان في عهد الخديو إسماعيل الذي أغرق الدولة في الديون. أكد أن مصر ستتعرض لمخاطر شديدة جدا، لأن معظم الدول التي تمنحنا قروضا لا تمنحنا عطفا ولكن لكل دولة غرض في نفسها، مشيرا إلي أنه لابد أن نبحث عن مصادر داخلية من أجل استعادة عافية الاقتصاد المصري من جديد. قال صادق: لدينا علاقات جيدة مع هذه الدول بحكم المناسبات الدولية المشتركة بيننا وجلسات حزب الحرية والعدالة والتاريخ والحضارة لكن كل هذا لا يجلب المليارات إلي مصر، فيجب أن نفوق من دوامة الاعتماد علي الاستثمارات الخارجية وأن نعتمد علي أنفسنا ونبدأ من الصفر، مثلما فعلت بعض الدول وأصبحت حاليا تمتلك النهضة الاقتصادية والعلمية والطبية والتكنولوجية. أكد أن علاج هذه المشكلة عن طريق تفعيل دور الدولة وذلك من خلال استعادة دورها في الإنشاء والبناء للمصانع والإسكان وأن تقتدي بخطة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الخطة 60 والخطة ،65 حيث شملت هذه الخطط إنشاء المدارس التعليمية بالمجان واستعادة دورها الوطني والاقتصادي وعدم الاعتماد علي القروض، فلابد أن تعي مصر أن الاستثمارات الخارجية غير دائمة والاعتماد عليها يعرض مصر لمخاطر شديدة فمن الممكن أن تقف هذه المشروعات في أي وقت، بالإضافة إلي أن هذه الاستثمارات خارج السيطرة. أشار إلي أن حزب الحرية والعدالة لم تظهر له ورقة اقتصادية حتي الآن ولم يتضح دور الدولة في الاقتصاد، فالحزب لم يعلن سوي عن وعود لا تُغني وتسمن من جوع.