ندرك أن مشروع قروض الموظفين الذي أعلنته الحكومة مؤخراً -والذي سيبدأ اليوم - له أهميته في تحفيز الاقتصاد المصري ودفع عجلة النمو كما لا يفوتنا أن المشروع يستهدف تحريك الطلب داخل السوق ولكن تبقي تساؤلات تطرحها «روزاليوسف» علي الخبراء عسي ألا يتم إفراغ المشروع من مضمونه ولا يتبقي سوي سلبياته التي تتمثل في المخاوف من الضغط علي ميزانية الأسر لسنوات قادمة فضلاً عن تأثير مؤقت للانتعاش خلال العام الحالي يعقبه انخفاض للقدرة الشرائية إلي جانب المخاوف التي تساور البعض من أن يتسبب ذلك في زيادة معدل التضخم بسبب زيادة السيولة داخل السوق المحلية. المخاوف المتزايدة تطرح تساؤلاً آخر عن كيفية التعامل مع موظفي الحكومة الحاصلين بالفعل علي قروض أو فيزا من أحد البنوك وضوابط حصولهم علي قرض آخر ضمن المشروع وإنهاء حالات التعثر التي تحيط بالبعض منهم وحدد الخبراء آليات لإحكام السيطرة علي الأهداف الإيجابية للمشروع من خلال روشته لاستغلال تلك المليارات ال15 التي سيتم ضخها خلال العامين القادمين لتمويل ذلك المشروع وتقليل مخاطره التي لن تتحملها سوي الحكومة بما يزيد من أعبائها تجاه البنوك. ولعل الإجابة عن تلك التساؤلات ووضع محددات واضحة لها أن تحفز العديد من البنوك علي الدخول في المشروع ومضاعفة الأثر الاقتصادي الإيجابي. وتؤكد الدكتورة يمن الحماقي عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس الشوري أن المشروع له جانبان أحدهما إيجابي يتمثل في أنه في ظل ظروف الكساد يجب تحريك السوق من خلال زيادة الطلب كأحد المحاور لمساعدة الشركات علي إعادة استثماراتها خاصة في ظل وجود 6 ملايين موظف حكومي يمثلون ربع القوي العاملة في مصر مما سيرفع معدل النمو إلا أنه علي الجانب الآخر فإن التوجه نحو الاستهلاك علي حساب الإنتاج من شأنه ترك آثار سلبية علي الاقتصاد وهو ما يمكن معه إعادة بلورة المشروع لتقديم تلك القروض لاستخدامها في مشروعات إنتاجية تزود الطاقات الإنتاجية داخل البلد مع خلخلة العمالة الزائدة في قطاع الأعمال العام. وتشير إلي أنه يمكن ضرب أكثر من عصفور بحجر واحد من خلال تحفيز الطلب المحلي مع مكافحة البطالة فيمكن لكل موظف حكومي أن يحصل علي قرض ويقيم مشروعاً يعمل به ابنه أو ابنته وبالتالي خلق فرص عمل جديدة كما يمكن أن يحصل الموظف نفسه علي إجازة من العمل ويدير المشروع بنفسه وبالتالي نحل أزمة البطالة المقنعة التي يعاني منها الجهاز الإداري للدولة وتقليل ميزانية الأجور التي تكلف خزانة الدولة 95 مليار جنيه سنوياً. لفتت إلي أن ذلك المشروع يماثل التجربة التونسية التي تمت من خلال منح تسهيلات ائتمانية لموظفي الحكومة لتحريك الإنتاج وإقامة مشروعات صغيرة وهو ما حقق الهدف منه. وكشفت عن محاولاتها إدراج مزايا لموظفي الحكومة وقت إقرار مشروع قانون المنشآت الصغيرة للاستفادة منه إلا أنها لم توفق في ذلك. وتخوفت من أن الميل نحو الاستهلاك أكثر من الادخار لدي المصريين سيتم تدعيمه من خلال تلك القروض التي ستغذي الطابع الاستهلاكي لدي المواطنين خاصة في ظل وجود ثقافة لدي المصريين في المحاكاة وبالتالي هناك إمكانية لدخول أفراد غير قادرين علي السداد وهو ما يتطلب مراجعة وحرصاً حتي لا تتحمل الحكومة عبء السداد. وأكدت الدكتورة نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد الأسبق أن قروض الموظفين ستمنحهم إمكانية تلبية احتياجاتهم مع تنشيط السوق إلا أنه سيتسبب في ضغط تضخمي وقتي لفترة وبعدها ستنخفض الأسعار مرة أخري مقللة من مخاوف زيادة التضخم بصورة كبيرة حيث إن الإقبال لن يكون علي سلعة واحدة فقط وإنما علي قاعدة عريضة من السلع المختلفة مما سيقلل من نسبة التضخم الذي سيرتفع به المؤشر. أشارت إلي أن الخوف الأكبر الذي يجب أن تراعيه الحكومة هو إرهاق ميزانية الأسرة لسنوات مقبلة حسب المصروف حيث إنه كلما كان استهلاكياً ستضغط علي ميزانية الأسرة حيث ستقلل من قدرتها الشرائية لحين الانتهاء من أعباء السداد لتلك القروض. وتنصح بضرورة أن يكون الموظفون حكماء في استغلال تلك السيولة التي توفرت لديهم من خلال استخدامها في طابع استثماري أو شراء أصل يدر دخلاً أو يزيد قيمته وبالتالي يعوض من الفاقد في الدخل الناتج عن سداد أقساط. وهو ما أكده د. شريف دلاور الخبير الاقتصادي الذي يري في توجيه تلك المبالغ لسلع معمرة أفضل من شراء ملابس أو اثاث أو غيرها من السلع الاستهلاكية ذات العمر الافتراض الأقل نجاة من الآثار السلبية للمشروع.