مبروك جالنا 350 إضرابا خلال سبتمبر! تزايدت الاحتجاجات والاضرابات والاعتصامات في مختلف القطاعات الحكومية داخل مصر ما بين مدرسين وأطباء وتمريض وعمال مع التهديد بتصعيد الاضرابات إذا لم تنفذ المطالب، وهو الأمر الذي كان يتوقع الكثيرون انتهاءه بمجرد وصول د. محمد مرسي للحكم، "العالم اليوم" رصد ظاهرة الاضرابات وأسبابها وكيفية حلها ومواجهتها.. ونرصد في هذا التقرير صرخات تحمل مخاوف أكثر منها حقائق بوجود تحالف بين ما أطلق عليه البعض بتجار الإسلام السياسي مع رجال أعمال مبارك، ويبقي المهم تلك الصرخات وكذلك المقترحات بوضع عقد اجتماعي جديد ومحاولة الاستفادة من تجارب أخري خارجية مثل سياسات الرئيس الفرنسي ورئيس أوراجوي. بداية يوضح هشام فؤاد الباحث العمالي بمنظمة "الاشتراكيون الثوريين" أن الاضرابات والاحتجاجات تتزايد في مصر لعدة أسباب أهمها أن الوعود السياسية بتحسن الأحوال المعيشية لم تحدث أو يظهر لها أي أثر للآن، من رفع المرتبات ووضع الحد الادني والاقصي للأجور مع ارتفاع الأسعار بشكل مستمر مما أوجد فجوة أكبر من الاحتياجات خاصة أن الناس توقعت حدوث استقرار وتحسن بعد تولي د. محمد مرسي منصبه كرئيس للجمهورية بناء علي برنامجه الانتخابي لكنهم اكتشفوا أن الوضع قبل الثورة هو نفسه بعدها من حيث الصعوبات والعصابة السياسية التي تحكم وسوء الإدارة مما أحدث انفجارا في الغضب الشعبي لأن الشعب لم يقم بثورة لتصحيح أوضاعه ليظل الوضع كما هو عليه. وأضاف فؤاد أنه يجب أن يحدث تغيير في السياسات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية حتي يكون الانحياز للعمال والفلاحين بدلا من رجال الأعمال كتفعيل الحد الأدني والاقصي وفرض الضرائب التصاعدية وأوضح هشام فؤاد أنه يتم رصد تقرير شهري عن الاضرابات وتجاوز شهر سبتمبر عدد 350 إضرابا واعتصاما وهو ما يعتبر نسبة كبيرة مقارنة بالشهور الماضية نتيجة أنه تزامن مع الخروج من رمضان والأعياد واستقبال المدارس مما يزيد الأعباء علي المواطنين مضيفا أن الاحتجاجات ستتزايد طالما لا يوجد أي تغيير. سياسة اللطم والندب بينما أوضحت د. كريمة الحفناوي من مؤسسي حركة كفاية أن تزايد الاضرابات يوضح أن ثورة 25 يناير مستمرة لأنه لم يحدث للآن تحقيق مطلب الثورة الأساسي في العدالة الاجتماعية مشيرة إلي أن ما يسمي مطالب فئوية من عمال ومدرسين وأطباء وتمريض هي مطالب لتحسين أوضاع معيشية سيئة ووضع حد أدني للأجور وتحسين الصحة من أجل حياة كريمة فالأطباء عندما قاموا بالاضراب كان هدفهم في المقام الأول تحسين الخدمات الصحية المقدمة للمريض موضحة أن الاضرابات ستتزايد خلال الفترة المقبلة لأن سياسة النظام السابق الذي تم خلعه مازالت تعمل لصالح الاحتكارات ورجال الأعمال لدرجة أن التجار من تيار الإسلام السياسي يتحالفون مع رجال أعمال مبارك ويسيرون بنفس سياسة مبارك الاقتصادية ولكن من دون فساد مشيرة إلي أنه بدلا من الندب واللطم علي الخدود علي أحوالنا المعيشية الصعبة كان من الأولي علي الحكومة أن تقوم بتشغيل المصانع التي تمت خصخصتها وحكمت المحكمة بردها مرة أخري للحكومة بعد خصخصتها. وأوضحت كريمة الحفناوي أن المشهد قبل ثورة يناير يوضح حجم المعاناة الحالية، حيث إنه بين عامي 2009 و2011 كان هناك 3 آلاف احتجاج اجتماعي وسياسي ولكن خلال شهرين فقط يوليو وأغسطس يوجد 900 احتجاج واعتصام وهو ما يوضح حجم المعاناة وأن الظروف أكثر سوءا، وعلي الحكومة أن تبدأ بالحلول بدلا من طلب الصبر من المطحونين خاصة أن الموارد موجودة ولابد أن توجد إرادة سياسية معها في الاصلاح والتغيير متسائلة أين أموال الصناديق الخاصة البالغة 36 مليار جنيه بالإضافة للاستغناء عن 94 ألف مستشار والذين يكلفون الدولة 21 مليار جنيه في السنة، ولماذا لم يتم فرض ضرائب تصاعدية لتصل 60% بدلا من الحالية 25% بالإضافة إلي أنه كيف يتم تقديم الدعم لمحاسيب رجال الأعمال الذين يكسبون مليارات من صناعة الأسمنت والحديد والسيراميك، مشيرة إلي أن الشعب يشعر بالغضب لأنه استبدل نظاما مستبداً بآخر مستبد يحمل شعار الدين، وطالبت كريمة الحفناوي بضرورة أن يكون هناك شفافية لدي الحكومة وتقدم الميزانية مع جدول زمني لتحقيق المطالب يتم محاسبتها علي أساسه. العدالة الاجتماعية وفي محاولة لرصد مطالب متظاهري بعد الثورة قال عبدالغني النجار من عمال غزل المحلة أن الوضع أسوأ أسوأ أسوأ مما كان عليه النظام السابق مشيرا إلي أن العمال عندما قاموا بمظاهرات في السابق لاسقاط فؤاد عبدالعليم رئيس الشركة لأنه كان من الفلول وكان يعمل علي استنزاف الشركة وتطفيش عملائها تمهيدا لخصخصتها ففوجئنا به في عهد د. محمد مرسي وقد تم تعيينه في منصب أكبر كرئيس للشركات القابضة للغزل والنسيج والتريكو بالرغم من أن غزل المحلة مازال يعاني بسبب فشله السابق كرئيس للشركة وترك ارثا من الخراب لا يعلم به أحد، حتي مع محاولة اتخاذ قرارات إيجابية من قبل رئيس الشركة الجديد المهندس أحمد ماهر يتم تعطيلها من رئيس الشركات القابضة كما لو كان يعمل ضد العمال موضحا أن المصنع جاء عليه أيام وأسابيع لم تعمل ماكينة واحدة نتيجة سياسة تطفيش العملاء السابقة.. بينما يوضح دسوقي جابر الدسوقي رئيس نقابة السائقين بالغربية أن السائقين مطالبهم عادلة ولا تعتبر فئوية مثل طلب السائقين بنقلهم لهيئة النقل العام بدلا من المحافظة فإذا رأينا وضعهم بالمحافظة لعلمنا أن مطلبهم جاء بسبب تدني الأجور والبدلات والحوافز وغياب التأمين بالرغم من أنه يخصم منهم فهي مطالب عادلة يجب تحقيقها لأي مواطن مصري فضلا عن مطالب السائقين الموضوعين تحت بند العمالة الغير منتظمة فمطلبهم الأساسي يصب في مصلحة المجتمع ككل وهو عدم رفع أسعار الجاز لأنه بالتبعية سيضطر لرفع سعر الأجرة وهو ما سيضع مزيدا من المعاناة علي الأسر محدودة الدخل والذي يوجد لديها العديد من الأبناء المتعاملين مع المواصلات، وطالب الدسوقي بضرورة تفعيل قانون الحريات النقابية وصرف مكافآت نهاية الخدمة للسائقين ورفع معاش السائق ل1200 جنيه وأن حق التظاهر والاعتصام مكفول للجميع طالما لا يوجد اضرار بالمصالح العامة. تقشف الحكومة ويوضح مختار قاسم خبير التنمية البشرية عن رفضه لكلمة مطالب فئوية علي المظاهرات والاحتجاجات الحالية لأنها مطالب عدالة اجتماعية تم تهميشها طوال ال40 عاما الماضية، حتي تم سحق الطبقة الوسطي وتوسيع طبقة الفقر لتصل إلي 70% موضحا أن حكومات ما بعد الثورة فشلت في تقديم رؤية مستقبلية لكيفية تحقيق العدالة الاجتماعية وأنه حان الوقت لصياغة عقد اجتماعي جديد لمصر يتضمن عملا مناسبا وسكنا وتعليما وعلاجا الحق في السعادة موضحا أن المعضلة التي ستواجه ذلك العقد هي كيفية تمويل هذا البرنامج ويكون ذلك من خلال ضرورة أن تقدم الطبقة السياسية القدوة مثلما فعل فرانسوا أولاند رئيس فرنسا بعد فوزه بتخفيض راتبه ورواتب الوزراء وأعضاء الجمعية الوطنية ل30% وكما فعل خوسي موخيا رئيس أوروجواي الاشتراكي الملقب بأفقر رئيس بالعالم حيث كان قام بتخفض راتبه من 12 ألف دولار إلي 1250 دولارا وقال إن هذا الراتب ما يحصل عليه المواطن العادي وأنه مثله مثل المواطن فتلك النماذج لإحدي الدول المتقدمة والنامية قدم رؤساؤها نماذج مشرفة توضح كيفية شعورهم بشعوبهم. وأضاف مختار أن كان من المنتظر من الإخوان أن يكونوا أكثر حكمة ومثالية ويخفضوا رواتب الرئيس والوزراء مع الاستثمار في المشروعات المتوسطة والصغيرة مع مواجهة فادحة للفساد، بالإضافة إلي ضرورة وجود تشريع منفتح للاضراب يحقق التوازن بين رأس المال وقوة العمل ويتضمن فترة مناسبة من 10 إلي 30 يوما إذا لم يستجب خلالها صاحب العمل يتم تنفيذ الاضراب بالإضافة لوجود تفاوض جماعي بين رأس المال والنقابات "العمال" والحكومة بحيث يمكن التوصل لحلول تحقق التوازن للمصالح بين الأطراف الثلاثة وأن يكون هناك حق للعمال المضربين عن العمل في الإضراب وحق للعمال غير المضربين الاستمرار في العمل مع حيادية الإعلام في التغطية بطريقة حضارية تستند للتشريع بينما في مصر يتم التعامل عن طريق الأجهزة الامنية. وأوضح أنه لكي يتم حل المطالب العاجلة للعدالة الاجتماعية لابد من اتخاذ حزمة من الإجراءات أولها إصلاح الهيكل الضريبي بحيث يوجد شفافية للشرائح فما المانع أن يتم معرفة أكثر 500 شخصية غنية بمصر، ثانيا مكافحة ظاهرة التهرب الضريبي، ثالثا انهاء ظاهرة المتأخرات الضريبية بدون الأإفراط في حق الدولة، رابعا رفع الشريحة علي الطبقات التي يتجاوز دخلها مليون جنيه إلي 40% وأن يكون ذلك كله في إطار خطة للتقشف الحكومي فليس معقولا أن يضرب عامل من أجل زيادة راتبه بينما يوجد لدي الوزير 8 سيارات مرسيدس وبي ام دبليو، خامسا إصلاح منظومة الدعم فليس معقولا أن يستولي 20% من الطبقات الثرية علي 70% من الدعم خاصة دعم الطاقة، فمشكلة مصر ليست في ندرة الموارد ولكن في سوء إدارتها.