تلعب أسعار الفائدة دورا كبيرا في تحديد مسار واتجاهات سوق رأس المال بشكل عام بحيث يؤثر ذلك سلبا أو ايجابا علي أدائها فإذا نظرنا مثلا إلي سوق الاسهم المصرية مع بداية الالفية الجديدة نجد أنه مر بفترة ركود كبيرة كان أحد اسبابها الرئيسية ارتفاع أسعار الفائدة وقتئذ بسبب حالة شح السيولة بالدولة وبالتبعية البنوك المحلية والتي أدت إلي ارتفاع أسعار الفائدة علي بعض أدوات الدين الحكومي إلي نحو 12% و13% سنويا، فضلا عن وصول أسعار الفائدة بالانتربنك إلي مستويات تاريخية تكرر نفس السيناريو في عام 2008 عندما اضطر البنك المركزي إلي اتباع سياسة نقدية انكماشية برفع أسعار الفائدة وذلك لكبح جماح التضخم الذي تجاوز مستوي ال 20% وكان ذلك بالطبع إلي جانب الازمة المالية العالمية أحد الاسباب التي أدت إلي فقدان السوق نحو 70% من قيمته في أقل من عام. كذلك تلعب معدلات العائد علي أدوات الدين الحكومي دورا محوريا في تحديد مدي جاذبية سوق الاسهم مقارنة بالاستثمار في أدوات الدخل الثابت ويكون ذلك بقسمة العائد علي أدوات الدخل الثابت الحكومية علي مقلوب مضاعف الربحية للاسهم والذي يمثل في هذه الحالة العائد المتوقع من الاستثمار في أحد الاسهم أو القطاعات أو بتعميم أكبر في السوق، فيما يسمي ب BOND EQUITY EARNINGS YIELD RATIO "BEER" في حالة ما إذا كان ناتج هذه النسبة أكبر من أو يساوي الرقم واحد يكون ذلك دليلا علي ضعف جاذبية سوق الاسهم وعلي العكس، يكون الاستثمار في سوق الاسهم مجديا إذا ما قل ناتج هذه النسبة عن الواحد الصحيح، بناء علي ما سبق نستطيع أن نستنتج أن التقارب بين العائد علي الاسهم والعائد علي أدوات الدخل الثابت عادة ما يكون سببا في ضعف شهية المستثمرين تجاه سوق الاسهم. تحليل السوق إذا ما طبقنا هذا المفهوم لتحليل أداء سوق الاسهم المصرية منذ بداية العام نستطيع أن نستنتج أن الأداء المبهر لمؤشر السوق في الربع الأول، وذلك علي الرغم من ضعف حالة الاقتصاد الكلي وضبابية المشهد السياسي يرجع في الاساس إلي وصول السوق إلي مضاعف ربحية منخفض للغاية وهو 5 مرات أرباح المؤشر المجمعة أي أن العائد المتوقع للاستثمار وصل في هذا الوقت إلي نحو 20% ومتفوقا بذلك علي عائد أذون الخزانة بعد الضرائب لمدة عام والذي كان يتراوح ما بين 5.12% و 75.12% في ذلك الوقت نفس النظرية يمكن تطبيقها لتبرير الحركة التصحيحية التي حدثت خلال الربع الثاني من العام من مستوي 500.5 نقطة والتي بلغ عندها متوسط مضاعف ربحية السوق نحو 8 مرات وهو ما يعادل 5.12% عائدا متوقعا من الاستثمار في سوق الاسهم متساويا ومتعادلا مع العائد علي أدوات الدخل الثابت آنذاك، بمعني آخر ضيق الفجوة بين العائد علي الاسهم والعائد علي أدوات الدخل الثابت أدي إلي ضعف اقبال المستثمرين، بل دفعهم ايضا إلي تخفيف مراكزهم الاستثمارية في سوق الاسهم وتوجيه السيولة المتولدة إلي سوق أدوات الدخل الثابت وبالتبعية أدي ذلك بالسوق إلي الدخول في مرحلة تصحيحية. مفاوضات الصندوق أعادت الحكومة المصرية بدءا من الشهر الماضي مفاوضاتها مع ممثلي صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض يبلغ 8.4 مليار دولار أمريكي وذلك ضمن حزمة من القروض والمنح التي تنوي مصر الحصول عليها خلال الفترة القريبة القادمة وتهدف الحكومة المصرية بذلك مواجهة العجز بميزان المدفوعات إلي جانب المساهمة في تمويل عجز الموازنة المتفاقم والذي بلغ نحو 170 مليار جنيه مصري "ما يعادل نحو 11% من الناتج المحلي الاجمالي" خلال العام المالي 2011 2012 بافتراض نجاح الحكومة في الحصول علي قرض الصندوق والذي سوف يفتح الباب علي مصراعيه للحصول علي باقي الارقام المستهدفة من المنح والقروض، نتوقع أن يساعد ذلك الحكومة المصرية علي تنويع مصادر تمويل عجز الموازنة بدلا من الاعتماد كليا علي القطاع البنكي مما سوف يؤدي بالتبعية إلي انخفاض أسعار فائدة خدمة الدين الحكومي ومعها نتوقع انخفاض العائد علي أذون الخزانة لتقترب من مستوي ال 10% "بعد الضرائب" مقارنة بمعدل عائد حالي "بعد الضرائب" يصل إلي 6.12% انخفاض العائد علي أدوات الدخل الثابت الحكومي إلي 10% مثلا سوف يؤدي مرة أخري إلي فجوة واضحة بينه وبين عائد السوق المتوقع علي أرباح 2012 و2013 وبالتالي قد يؤدي مرة أخري إلي تحرك ايجابي في سوق الاسهم المصرية. من التحليل السابق نتوقع أن يواجه السوق مقاومة شديدة عند مستويات 800.5 و600.5 لانها وفقا لمستويات أسعار الفائدة السائدة تمثل نقطة التعادل بين عائد سوق الاسهم وعائد الدخل الثابت، بيد انه في حال ما نجحت الحكومة في الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي نتوقع أن يؤدي ذلك إلي انخفاض أسعار العائد علي أذون الخزانة إلي نحو 10% وبذلك يعود لسوق الاسهم جاذبيته النسبية وترتفع نقاط التعادل الجديدة إلي 000.6 و200.7 علي الارباح المتوقعة لعامي 2012 و2013 علي التوالي. * محمد قطب رئيس إدارة الأصول بشركة النعيم للاستثمارات المالية