مستشفى 15 مايو التخصصي ينظم ورشة تدريبية فى جراحة الأوعية الدموية    الفراخ البيضاء اليوم "ببلاش".. خزّن واملى الفريزر    اليوم، رئيس كوريا الجنوبية يلتقي السيسي ويلقي كلمة بجامعة القاهرة    اليوم.. محاكمة المتهمة بتشويه وجه عروس طليقها فى مصر القديمة    تحذير عاجل من الأرصاد| شبورة كثيفة.. تعليمات القيادة الآمنة    اليوم.. عرض فيلم "ليس للموت وجود" ضمن مهرجان القاهرة السينمائي    شاهد، أعمال تركيب القضبان والفلنكات بمشروع الخط الأول من شبكة القطار الكهربائي السريع    سيد إسماعيل ضيف الله: «شغف» تعيد قراءة العلاقة بين الشرق والغرب    ترامب يرغب في تعيين وزير الخزانة سكوت بيسنت رئيسا للاحتياطي الاتحادي رغم رفضه للمنصب    أخبار فاتتك وأنت نائم| حادث انقلاب أتوبيس.. حريق مصنع إطارات.. المرحلة الثانية لانتخابات النواب    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 20 نوفمبر 2025    تحريات لكشف ملابسات سقوط سيدة من عقار فى الهرم    انتهاء الدعاية واستعدادات مكثفة بالمحافظات.. معركة نارية في المرحلة الثانية لانتخابات النواب    زكريا أبوحرام يكتب: هل يمكن التطوير بلجنة؟    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    مستشار ترامب للشئون الأفريقية: أمريكا ملتزمة بإنهاء الصراع في السودان    سفير فلسطين: الموقف الجزائري من القضية الفلسطينية ثابت ولا يتغير    بيان سعودي حول زيارة محمد بن سلمان إلى الولايات المتحدة    أدعية الرزق وأفضل الطرق لطلب البركة والتوفيق من الله    كيفية تدريب الطفل على الاستيقاظ لصلاة الفجر بسهولة ودون معاناة    مكايدة في صلاح أم محبة لزميله، تعليق مثير من مبابي عن "ملك إفريقيا" بعد فوز أشرف حكيمي    مصادر تكشف الأسباب الحقيقية لاستقالة محمد سليم من حزب الجبهة الوطنية    فلسطين.. تعزيزات إسرائيلية إلى قباطية جنوب جنين بعد تسلل وحدة خاصة    طريقة عمل البصل البودر في المنزل بخطوات بسيطة    إصابة 15 شخصًا.. قرارات جديدة في حادث انقلاب أتوبيس بأكتوبر    محمد أبو الغار: عرض «آخر المعجزات» في مهرجان القاهرة معجزة بعد منعه العام الماضي    يحيى أبو الفتوح: منافسة بين المؤسسات للاستفادة من الذكاء الاصطناعي    طريقة عمل الكشك المصري في المنزل    أفضل طريقة لعمل العدس الساخن في فصل الشتاء    خبيرة اقتصاد: تركيب «وعاء الضغط» يُترجم الحلم النووي على أرض الواقع    أسعار الدواجن في الأسواق المصرية.. اليوم الخميس 20 نوفمبر 2025    مأساة في عزبة المصاص.. وفاة طفلة نتيجة دخان حريق داخل شقة    وردة «داليا».. همسة صامتة في يوم ميلادي    بنات الباشا.. مرثية سينمائية لنساء لا ينقذهن أحد    مروة شتلة تحذر: حرمان الأطفال لاتخاذ قرارات مبكرة يضر شخصيتهم    خالد أبو بكر: محطة الضبعة النووية إنجاز تاريخي لمصر.. فيديو    إعلام سوري: اشتباكات الرقة إثر هجوم لقوات سوريا الديمقراطية على مواقع الجيش    موسكو تبدي استعدادًا لاستئناف مفاوضات خفض الأسلحة النووي    بوتين: يجب أن نعتمد على التقنيات التكنولوجية الخاصة بنا في مجالات حوكمة الدولة    إطلاق برامج تدريبية متخصصة لقضاة المحكمة الكنسية اللوثرية بالتعاون مع المعهد القضائي الفلسطيني    تأجيل محاكمة المطربة بوسي في اتهامها بالتهرب الضريبي ل3 ديسمبر    ضبط صانعة محتوى بتهمة نشر مقاطع فيديو خادشة للحياء ببولاق الدكرور    تقرير: بسبب مدربه الجديد.. برشلونة يفكر في قطع إعارة فاتي    ديلي ميل: أرسنال يراقب "مايكل إيسيان" الجديد    فتح باب حجز تذاكر مباراة الأهلي وشبيبة القبائل بدورى أبطال أفريقيا    أرسنال يكبد ريال مدريد أول خسارة في دوري أبطال أوروبا للسيدات    "مفتاح" لا يقدر بثمن، مفاجآت بشأن هدية ترامب لكريستيانو رونالدو (صور)    ضمن مبادرة"صَحِّح مفاهيمك".. أوقاف الفيوم تنظم قوافل دعوية حول حُسن الجوار    خالد الغندور: أفشة ينتظر تحديد مستقبله مع الأهلي    دوري أبطال أفريقيا.. بعثة ريفرز النيجيري تصل القاهرة لمواجهة بيراميدز| صور    لربات البيوت.. يجب ارتداء جوانتى أثناء غسل الصحون لتجنب الفطريات    عصام صاصا عن طليقته: مشوفتش منها غير كل خير    تصل إلى 100 ألف جنيه، عقوبة خرق الصمت الانتخابي في انتخابات مجلس النواب    أمريكا: المدعون الفيدراليون يتهمون رجلا بإشعال النار في امرأة بقطار    ماييلي: جائزة أفضل لاعب فخر لى ورسالة للشباب لمواصلة العمل الدؤوب    خالد الجندي: الكفر 3 أنواع.. وصاحب الجنتين وقع في الشرك رغم عناده    أهم أحكام الصلاة على الكرسي في المسجد    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 19نوفمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد جولة الصين وإيران.. العلاقات المصرية الخارجية إلي أين؟!!
نشر في العالم اليوم يوم 13 - 09 - 2012

الصين وإيران محطتان مهمتان جاءت الجولات الرئاسية لهما لتثير حالة من الجدل الواسع ليس علي المستوي المحلي والاقليمي فحسب وبل ايضا العالمي بما تمثله تلك الخطوات من بداية جديدة لتعامل مصري مختلف مع القوي الخارجية، والتي اقتصرت بالعهد السابق علي التعاون الامريكي والاوروبي دون الالتفات للشرق الاسيوي ودوره المتزايد علي الساحة الاقتصادية العالمية.. فبعيدا عما تحمله تلك الزيارات من مغزي سياسي مهم فإن انعكاساتها الاقتصادية لا تقل شأنا عن اي أمر آخر وهو ما حاولنا مناقشته في سطورنا التالية لنقف علي نتائج تلك الجولة وما حملته من خطوات ايجابية لصالح البلاد، وكذا ما اثارته من تحفظات ..
إعادة العلاقات الإيرانية.. خطوة تأخرت لدعم التوازن الخارجي أم بداية لتوتر عربي وأمريكي؟ (5)
محمد العرابي: من المبكر الحديث عن علاقات والزيارة كانت سياسية أكثر منها اقتصادية
د.سلطان أبوعلي: تخوف وهمي والتوازن سيؤدي لإعطاء دعم للموقف المصري والعربي
جمال بيومي: إيران مطالبة بمبادرة للترضية لطمأنة الأمن القومي العربي
د.سمير مكاري: الجمع بين الأطراف بنفس القدر دون أي تأثير حديث غير واقعي
د.طارق عثمان: الخلاف المذهبي سيمنع تطبيع الأفكار المشتركة بين الطرفين
د.رشاد عبده: إيران قوة اقتصادية مهمة بالمنطقة ولا ينبغي الانعزال عنها
د.وجيه دكروري: هذا التوازن أعاد لمصر مكانتها اللائقة عربيا وإقليميا وأشعر القوي الكبري بأهميتها في المنطقة
تحقيق مني البديوي:
الزيارة المصرية الأولي لطهران منذ ثلاثة عقود في إطار مراسم تسليم وتسلم رئاسة مؤتمر عدم الانحياز كانت إحدي المحطات المهمة التي اثير حولها حالة من الجدل الشديد بجميع الاوساط الاقتصادية والمجتمعية علي حد سواء فما بين مؤيد لتلك الخطوة باعتبارها تعيد دور مصر المحوري بالمنطقة وتساعد علي اقامة علاقات متوازنة بجميع دول العالم كان هناك معارضة رأت ان ذلك ربما يزيد من توتر العلاقة فيما بين مصر والدول العربية وبالاخص الخليجية في ظل النزاعات القائمة وكذلك الامريكية والاوروبية التي كانت القيادة الماضية تسعي لإرضائها حتي ولو كان ذلك علي حساب مصالح الوطن العليا، علاوة علي رؤية البعض بان إيران لم تكن يوما علي علاقة جيدة بمصر طوال تاريخها الا لفترات بسيطة وان الاحتقان الشديد وصل لدرجة الاحتفاء بقاتل زعيم مصر السابق "السادات" واطلاق اسم القاتل علي واحد من اهم شوارع طهران كما ان طهران تجتهد لتصدير الثورة الشيعية للوطن العربي وتتبني سياسة إعادة نشر التشييع بمصر.. وبغض النظر عن هذا الرأي أو ذاك فقد حاولنا تحليل تلك الزيارة والوقوف علي انعكاساتها علي الاقتصاد القومي خلال المرحلة القادمة ومدي تأثيرها بالفعل علي علاقات مصر المشتركة مع الدول العربية من ناحية والامريكية والاوربية من ناحية اخري كي، نحدد مدي احتمالية وجود فاتورة يمكن دفعها من مستقبل العلاقات المصرية المشتركة مع بعض القوي في حالة توطيد علاقاتها بإيران..
السفير محمد العرابي وزير الخارجية الاسبق اكد انه من المبكر الحديث عن اقامة علاقات اقتصادية مع دولة إيران، خاصة ان زيارة الرئيس محمد مرسي لها كانت عامة لحضور فاعليات مؤتمر عدم الانحياز ولم يتم الدخول خلالها في تفاصيل العلاقات سواء سياسية او تجارية او اقتصادية فالرسالة كانت واضحة من حيث ذهاب مصر لحضور قمة عدم الانحياز وتلك خطوة جيدة كان لها صبغة سياسية اكثر منها اقتصادية.
وشدد علي ان مصر اكدت في اكثر من محفل ان علاقتها بدول الخليج تمثل أمنا قوميا وان هذا واقع وجزء من استراتيجية البلاد، لافتا الي ان اقامة علاقات طبيعية مع إيران يجب ان يكون مبنا علي حوار ما بين البلدين لتوضيح التوجهات الاستراتيجية لكل بلد وكيفية التعامل مع مشكلات المنطقة .
توتر وهمي
ووصف د.سلطان أبوعلي وزيرالاقتصاد الاسبق تخوفات البعض من توتر العلاقات المصرية بالدول العربية والأمريكية علي الاخص مع توطيد التعاون بدولة إيران بالوهمي الذي تسعي لزرعه الجهات التي لا ترغب في تعزيز التعاون المصري الإيراني لما يمثله ذلك من قوة ودعم كبير بالمنطقة العربية، مشددا علي ان تقوية العلاقات المصرية الإيرانية بها مكسب لمصر والدول العربية والمنطقة باكملها لان التوازن يؤدي لإعطاء دعم للموقف المصري والعربي.
واضاف ان التخوف الذي ساد بالنظام السابق كان ينبع من خضوعه للضغط الاسرائيلي وعدم تحرير الارادة المصرية اما بعد الثورة فان الإرادة حرة وعلينا ان نسعي لدعم علاقاتنا بجميع دول المنطقة.
مبادرة
واكد السفير جمال بيومي امين عام اتحاد المستثمرين العرب ان إيران مطالبة بمبادرة للترضية لطمأنة الامن القومي العربي كي تتمكن من استعادة علاقات طبيعية ومتوازنة بجميع الدول دون تخوفات خاصة ان الدور الإيراني الحالي ليس مريح، بتدخلاتها في سوريا ضد ارادة الشعب السوري وبلبنان ومحاولة تدخلها بالقضية الفلسطينية دون إطلاق طلقة واحدة تجاه اسرائيل او حتي مساعدة السلطة الفلسطينية بأموال بينما تحاسب مصر التي ضحت ب150 الف شهيد كما ان إيران هي التي قطعت علاقاتها بمصر وبالتالي فليس علينا نحن ان نبدأ باستعادتها.
واوضح ان الاستثمارات الإيرانية بمصر تتواجد وهناك علاقات اقتصادية قائمة ولكنها محدودة وكان يجب علي إيران لإثبات حسن النوايا ان تقوم بزيادة استثماراتها داخل مصر وكذلك حجم الصادرات المصرية لها، مشددا علي ان اكبر استثمارات في مصر هي الاوروبية تليها الامريكية ثم العربية حيث ان الإحصاءات تشير الي ان الاستثمارات الاوروبية المتراكمة حتي 2008 تقدر ب51 مليون دولار والامريكية 47 مليون اما العرب فيمثلون 23 مليار دولار.
وأكد ان استعادة العلاقات المصرية الإيرانية ينبغي ان تترك لتقدير من يضعون اولويات الامن القومي المصري حتي تاتي تلك الخطوة وفق اطر تحقق المنفعة المصرية دون ان يتسبب ذلك في الحاق اي اضرار .
انفتاح
وشدد د.رشاد عبده رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية وخبير الاقتصاد الدولي علي ان الدول الاكثر ذكاء هي تلك الاكثر توازنا في علاقاتها خاصة الخارجية منها بحيث يكون هناك انفتاح علي الجميع شرق وغرب وشمال وجنوب بما يدعم مصطلح دبلوماسية التنمية اي استخدام الدبلوماسية في توطيد العلاقات وتعظيم عوائد الدولة بقدر الامكان وفي مقدمتها المكاسب الاقتصادية دون الانحياز لشرق او غرب او تبعية لمؤسسة او هيئة مؤكدا ان النظام المصري السابق كان يهمه كسب الامريكان ولذلك قدم مجموعة من التنازلات كان من ضمنها خضوعه للمطالبة الامريكية بحث دول المنطقة بعدم تدعيم العلاقات مع الجانب الإيراني وهو ما جاء للارضاء علي حساب المصلحة القومية خاصة وان إيران تمثل قوة اقليمية وتجاهلها سحب من رصيد الريادة المصرية لحسابها وحساب قوي اخري مثل السعودية وتركيا .
واضاف ان إيران تمثل قوة اقتصادية مهمة بالمنطقة يجب عدم الانعزال عنها وان ما يتردد عن تسبب ذلك في توتر العلاقات بالدول العربية وامريكا لايعد صحيح لسبب بسيط ان العرب والامارات نفسها التي يوجد لديها مشكلة مع إيران بسبب احتلال جزرها لديها علاقات دبلوماسية بإيران وكذلك السعودية.. وجميع دول العالم الغربية لافتا الي ان الاعلام الامريكي هو ما أسهم في تدعيم الصورة السلبية حول تدعيم العلاقات مع إيران نظرا لانه المستفيد من القطيعة المصرية الإيرانية لان تضافرهم معا يمثل خطورة وقلق لاسرائيل وامريكا من مصلحتها الا تكون هناك كيانات قوية بالشرق الاوسط سوي اسرائيل حتي ان اوباما من عدة اشهر صرح بانه لن يسمح بان يكون العرب مجتمعين اكثر قوة من اسرائيل وان اسرائيل لابد ان تكون لديها من الهيمنة والقوي العسكرية ما يجعلها اكثر قوة من القوي العربية مجتمعة.
واقعية
العلاقات بين الدول مبنية علي تبادل المصالح ومن الناحية الواقعية صعب جدا حفاظ اي دولة علي علاقات متوازنة بكل الدول... بتلك العبارات تحدث دكتور سمير مكاري استاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية واصفا من يتحدث عن توازن العلاقات والجمع بين الاطراف بنفس القدر دون اي تأثير بانه حديث يبعد تماما عن الواقعية التي تحكمها المصلحة بالدرجة الاولي وليس اي شيء آخر واكد ان اقامة علاقات مع إيران لن يعادل الاستفادة من العلاقات الحالية بالدول الغربية رغم ما تمثله إيران كقوة وكدولة متقدمة ولديها تكنولوجيا ومصادر دخل مرتفعة وخطط تنموية ناجحة يمكن الاستفادة منها كنموذج لدولة واعدة .
وشدد علي ان توطيد العلاقات المصرية مع إيران ان لم يسبقه تفهم للوضع من دول الغرب بالتشاور معها فان ذلك سيؤثر قطعا علي علاقتها بمصر في وقت تحصل فيه مصر علي معونات وقروض واستثمارات اجنبية من دول اوروبا وامريكا تعد اكبر بكثير من المحتمل ان يأتي من إيران.
زيارة رسمية
واوضح دكتور طارق عثمان المحلل السياسي ان زيارة الرئيس المصري لإيران كانت تحت عنوان حضور مؤتمر قمة دول عدم الانحياز بصفة مصر الرئيس السابق للقمة ولم تكن هناك أي زيارة رسمية لإيران يتم علي هامشها حضور مؤتمر القمة بدليل استمرار الزيارة لمدة ساعات قليلة، وكذلك عدم مقابلة الرئيس المصري للمرشد الأعلي آية الله خامئني أو حتي مجرد طلب الجانب المصري للمقابلة مما جرد هذه الزيارة من فكرة التقارب المصري الإيراني وعودة العلاقات الكاملة بين البلدين، وكما عكس خطاب الرئيس المصري اختلافا عميقا في التوجهات السياسية الأساسية بين البلدين وبخاصة فيما يخص الملف السوري الذي تدعمه إيران بكل قوة ويراه مرسي نظاماً ظالماً يجب رحيله ومما لا شك فيه أن الملف المصري الإيراني في عهد الرئيس المصري المنتمي فكرياً لجماعة الإخوان المسلمين يحوي الكثير من المتناقضات التي ستحول دون حدوث هذا التقارب المزعوم بين البلدين، فالفكرة الأساسية لجماعة الإخوان المسلمين هي أن الدولة يمكن أن تحكم طبقاً لمبادئ إسلامية، وأن الإسلام يدمج كل المذاهب السياسية من خلال أيديولوجية سياسية واحدة فريدة لا تخلو إلا من العلمانية، وهو الأمر الذي تتشارك فيه الجماعة مع الثورة الإيرانية التي أدت إلي تأسيس أول جمهورية إسلامية في العصر الحديث، إلا أن الخلاف المذهبي بين الطرفين كشيعه في إيران وسنة حتي النخاع في مصر سيمنع تطبيع الأفكار المشتركة بين الطرفين ولو كانت موجهة ضد الولايات المتحدة العدو المشترك للطرفين نظرياً أو إعلامياً إذا صح التعبير، بالتأكيد فإن فكرة الجمهورية الإسلامية العظمي التي تضم جميع البلدان العربية والإسلامية تؤرق بعض الأنظمة العربية وبخاصة النظام السعودي الملكي الذي تعاون بكل الأشكال والصور مع الإخوان في عهد الملك فيصل لمواجهة العدو المشترك آنذاك الرئيس جمال عبد الناصر ومد القومية العربية الثوري في هذه المرحلة، ثم انتهي الوفاق بينهما تماماً في عهد الرئيس المخلوع الذي استطاع أن يتعامل من خلال نظرية تأمين النظام المتبادل بينه وبين دول الخليج العربي، واتباع أسلوب القهر والعنف مع الجماعة ومن هنا فإننا يمكننا التأكيد علي بعد المسافة بين مصر وإيران بما لا يسمح بأي نوع من أنواع التقارب مرحلياً إلا علي المستوي الإعلاني للضغط علي المملكة العربية السعودية بالتحديد لمعادلة الضغط السعودي للنظام المصري بورقة العمالة المصرية الكثيفة بالمملكة الذي يضغط علي النظام المصري من اتجاهين: تسريح العمالة المصرية واستبدالها بأخري آسيوية مما يشكل عبئا جديدا علي الاقتصاد المصري المتهالك في استيعاب ملايين العائدين، والاتجاه الآخر بحرمان الاقتصاد من تحويلات هؤلاء العائدين من الخارج والتي تشكل مكوناً رئيساً في ميزان المدفوعات المصري، هذا بالإضافة لمحاولة تحفيز المملكة علي تنفيذ وعودها بدعم الإقتصاد المصري في هذه المرحلة الحرجة وإنهاء حالة التجاهل الكامل لمتطلبات دعم برنامج الرئيس الجديد، وقد تحذو حذو السعودية بلدان أخري في نفس الموقف من الضغط علي الإقتصاد المصري لإضعاف نموذج الحكم الإخواني في مصر إلا أن موقف قطر مثلا سيكون داعما للإخوان وبسخاء، ولكن من منطلق سياسي مختلف تماما حيث تري قطر أن تولي الإخوان للحكم في مصر سيؤدي إلي تحجيم دور مصر الإقليمي كدولة محورية في المنطقة مما يفسح أمامها الطريق لتكون بديلا متوازنا للغرب في المنطقة ..
واضاف ان العلاقة بين مصر وإيران تبدو محورا دائما لتحديد مستقبل دعم الإقتصاد المصري من عدمه فالتقارب السياسي بين الطرفين يقلق دول الخليج بشكل متنام بخصوص إمكانية إلهام الثورة الإيرانية لتغييرات شبيهة في العالم الإسلامي الجديد بقيادة الكبيرة مصر، إلا أنهم يمكنهم الاطمئنان بسبب حقيقة أن التركيب العرقي والطائفي للدولة الشيعية الفارسية في الأساس من الممكن أن يحد من قدرته علي التقارب وتصدير نموذجه للعالم العربي ذي الأغلبية السنية ومن الجانب الغربي وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية فلم تؤثر هذه الزيارة علي التوجهات السياسية تجاه مصر في العهد الجديد الذي جاء بمباركة كاملة من الإدارة الأمريكية، التي تدرك تماما أن نجاح النظام الإخواني في مصر يرتبط بمدي إرضائه للشريك الأمريكي واحترام مصالحه في منطقة الشرق الأوسط، وقد ظهر ذلك جلياً في تحركات الإدارة الأمريكية لدعم الاقتصاد المصري مرحلياً في شكل ترتيب زيارة وفد رسمي من رجال الأعمال الأمريكيين لمصر برئاسة توماس نايدز نائب وزير الخارجية والذي أعلن أن الاقتصاد المصري سوف يصبح واحدا من أكبر عشرة اقتصادات في العالم، في إشارة واضحة علي استمرار الدعم والشراكة بين البلدين، ومن قبل الموافقة علي دعم الاقتصاد المصري بقرض من صندوق النقد الدولي الذي يتحكم في سياساته البيت الأبيض بالكلية وبالطبع فإن الولايات المتحدة الأمريكية هي الشريك التجاري الأكبر لمصر، حيث بلغ حجم التجارة بين البلدين العام الماضي 8 مليارات دولار، ووصل حجم الاستثمارات الأمريكية في مصر في العام نفسه إلي نحو 12 مليار دولار، كما يقدر حجم الصادرات المصرية إلي الأسواق الأمريكية بنحو 4.2 مليار دولار، بالإضافة إلي المنحة الاقتصادية العسكرية والمدنية لاستمرار تطبيق اتفاقية كامب ديفيد بين مصر إسرائيل.
وشدد د.عثمان علي ان حضور الرئيس مرسي لمؤتمر قمة دول عدم الانحياز في إيران لا يعكس سوي رغبة الرئيس المصري في تدعيم شعبيته في الاوساط الداخلية، وكذلك محاولة نراها ساذجة للضغط علي أنظمة دول الخليج بإيجاد فزاعة سياسية لهم بإمكان تقارب مصر مع إيران وهو ما يضر ضرراً بالغاً بالمصالح الخليجية ومن الناحية الاقتصادية فإن الإدارة المصرية التي تتكون من جماعة الإخوان المسلمين تدرك بكل خبراتها المتراكمة علي مدي العقود السابقة التي تقاربت فيها مع الإدارة الأمريكية بوصفها المعارضة الأساسية والقوية للرئيس المصري المخلوع تدارك أن نجاح استمرارها مرهون بتحقيق تقدم ملحوظ في مستوي الأداء الاقتصادي وتحقيق العدالة في توزيع ثمار هذه التنمية المرتقبة، وهي تنمية لن تتم إلا من خلال دعم الاقتصاد العالمي لها من خلال الإدارة الأمريكية الحالية والقادمة، ولا يوجد ما يمنع من محاولة إرغام النظم الخليجية علي دعم النظام المصري لاستقراره، والذي يصب في مصلحة المنطقة العربية بأكملها ..
الإرادة المصرية
اكد د.وجيه دكروري الخبير الاقتصادي ان عودة التوازن في العلاقات المصرية الإيرانية كان مطلبا سياسيا واقتصاديا الا ان القيادة السياسية السابقة قد رهنت الارادة المصرية في هذا الصدد بالقرار الامريكي واستمرت في مقاطعة اقتصادية وسياسية وانتاجية طوال فترة الثلاثين عاما الماضية دون مبرر مقبول علي الرغم من وجود السفارات والتمثيل الدبلوماسي لمعظم الدول العربية مع إيران وعلي رأسها الدول ذات النزاع الحدودي... وغيرها وكان هذا امرا غريبا ومستهجنا من النظام السابق تجاه هذه القوي الاقليمية التي تمثل رقما مهما في منطقة الشرق الاوسط لافتا الي ان المراقبين والسياسيين والاقتصاديين يؤكدون ان الخطوة التي اتخذتها القيادة المصرية ممثلة في الزيارة التي قام بها الرئيس محمد مرسي الي إيران في اعقاب زيارته المهمة للصين تعد من الخطوات التي تأخرت كثيرا وسيكون لها مردود ايجابي علي الاقتصاد القومي ودور مصر الريادي بالمنطقة.
واضاف ان القيادة السياسية المصرية لم تقدم هدايا مجانية الي إيران التي كانت تترقب وتنتظر هذه الزيارة منذ زمن طويل وان التفاهمات التي تمت علي هامش مؤتمر عدم الانحياز تعتبر بدايات جيدة لتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر وإيران وان هذا التقارب الحذر قد اعاد العلاقات بشكل متوازن لا يصطدم مع الولايات المتحدة الامريكية التي تمثل ثاني شريك اقتصادي وتجاري لمصر بعد الاتحاد الاوروبي وكذلك لا تتقاطع مع العلاقات المصرية الصينية التي بدأت بشائر ثمارها بتوقيع الاتفاقات التي تمت بالصين.
واكد ان التوازن المصري الإيراني قد اخذ في الحسبان العلاقات المصرية العربية وابتعد عن الدخول في الصدام واختلاف الرؤي بين الدول العربية وإيران حول مشكلات الحدود وبذلك حافظ علي العلاقات المصرية العربية الجديدة واخص بالذكر منها مجموعة الدعم والقروض التي قدمت من الدول العربية لمصر والمنتظر ان تستكملها بعض الدول بنهاية عام 2012 مشددا علي ان الموقف المتوازن الذي اتخذته مصر بحنكة وحكمة شديدة قد وضعها في المكان اللائق عربيا واقليميا واعاد لها دورها الاساسي والريادي المفقود وهو الامر المهم والذي يسبق بطبيعة الحال أي مكاسب اقتصادية قد تنجم عن ذلك فمكانة مصر الاقليمية واستعادتها تأتي علي رأس الأولويات والاهمية ليس فقط لمصر ولكن للعديد من دول منطقة الشرق الوسط .
وأضاف ان هذا التوازن الذي حدث بالزيارة المصرية لإيران سوف يقوي من دور مصر ومن اهمية الزيارة التي ستقوم بها القيادة السياسية لكل من اوروبا والولايات المتحدة الأمريكية وخاصة بعد اشادة القيادة الامريكية بالدور المصري في مؤتمر قمة عدم الانحياز ولذلك فمن المتوقع ان تكون الزيارات القادمة ناجحة ومعبرة بشكل جديد عن التغير الهيكلي والايديولوجي الذي احدثته ثورة الخامس والعشرين من يناير في القرار المصري تجاه العالم الخارجي.
واوضح انه من المتوقع ان يؤدي ذلك التوازن الي المزيد من تقديم الدعم الاقتصادي والمعونة الفنية من كل من القوي الاقتصادية الكبري والتي تستشعر الآن اهمية مصر بالمنطقة واهمية ان تكون تلك القوي شريكا اقتصاديا حقيقيا لمصر التي تغيرت ومن المنتظر ان تقود حركة جديدة وريادة جديدة في اهم مناطق العالم واكثر اهمية وسخونة وهي منطقة الشرق الاوسط.
توازن اقليمي
واكد دكتور مصطفي النشرتي رئيس قسم التمويل والاستثمار ووكيل كلية الادارة والاقتصاد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا أن مصر يجب ان تعود لمكانتها ودورها الاقليمي وان تحقق التوازن في العلاقات بين جميع الدول وان الاتجاه لتنمية العلاقات مع الدول الآسيوية وجذب الاستثمارات وتنشيط التبادل التجاري أمر جيد بالاضافة الي العلاقات المميزة مع السوق الاوروبية المشتركة والولايات المتحدة الامريكية مشددا علي ان مثلث تركيا إيران مصر يعتبر مثلث التعاون الاقليمي وقد وصلت تركيا وإيران لدرجة متقدمة في النمو الاقتصادي ولديها صناعات ثقيلة ومنتجات مميزة ويمكن تنمية التبادل التجاري والتجارة البينية بين هذه الدول الثلاث وان كانت إيران لها خصومات مع بعض الدول العربية مثل البحرين والامارات فإن العلاقات الاقتصادية يجب ان لا ترتبط بالنزاعات السياسية للدول الشقيقة ويجب النظر الي العلاقات الاقتصادية بين مصر وإيران من منظور تنموي وتنمية التجارة البينية بين الدولتين واضاف ان مصر كان لها تعاون سابق في عهد الشاه وتم استيراد وتصدير السلع بين البلدين مثل الاتوبيسات المرسيدس للنقل العام وهي بالتاكيد ارخص من نظيرتها في الدول الاوروبية وذات جودة بالاضافة الي ان إيران قطعت شوطا طويلا في الصناعات البتروكيماوية ويمكن الاستفادة من الخبرات الإيرانية في تنمية تلك الصناعات بمصر حيث تعتبر تلك الصناعات ذات ميزة تنافسية بمصر وشدد علي ان الاختلاف المذهبي السني والشيعي بين مصر وإيران يجب ألا يكون له تأثير علي التبادل التجاري خاصة ان الاقتصاد بطبيعته قائم علي المصالح ويجب تنحية أي خلافات سياسية او دينية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.