عودة الاستثمارات الأجنبية تتوقف علي وجود حكومة قادرة علي تنفيذ برنامج واضح أكدت علياء مبيض كبير الاقتصاديين في باركليز كابيتال الدولي ان الاسواق المالية المصرية تتطلع الي الاستقرار السياسي والتوافق المجتمعي علي برنامج اصلاح شامل . واوضحت في حوار خاص مع "الاسبوعي" اثناء زيارتها لمصر مؤخرا ان اهم تحدي يواجه الرئيس الجديد هو إعادة عجلة النمو وتحقيق مستويات نمو مطردة للناتج المحلي الإجمالي تسمح بتوفير فرص عمل لمئات آلاف الشابات والشباب الداخلين الي سوق العمل والذين يتطلعون للإنتاجية ولتحسين مستوي معيشتهم. واكدت إن الأسواق المالية تتفاعل مع البرامج الاقتصادية والاجتماعية للحكومات وما تطرحه من اصلاحات لمعالجة الاختلالات الهيكلية وعلي قدرتها ومصداقيتها في تنفيذ هده الاصلاحات في اطار من الاستقرار السياسي والامني والتوافق المجتمعي. هذا ما تنظر اليه الاسواق المالية عند تقييمها للمخاطر السيادية والائتمانية واتخادها للقرارات الاستثمارية. اهم التحديات الاقتصادية * ما أهم التحديات الاقتصادية التي تواجه الرئيس القادم في مصر؟ ** أهم تحدي يواجه الرئيس الجديد هو إعادة عجلة النمو وتحقيق مستويات نمو مطردة للناتج المحلي الإجمالي تسمح بتوفير فرص عمل لمئات الآلاف من الشباب الداخلين الي سوق العمل والذين يتطلعون للإنتاجية ولتحسين مستوي معيشتهم. ولتفادي تفاقم مشكلة البطالة، سيحتاج الاقتصاد المصري لتحقيق نسب نمو سنوي لا تقل عن 5% الي 6% فيما لا تتجاوز هذه النسبة اليوم أكثر من 2% الي 3% سنويا. لذلك سيكون التحدي الأكبر ليس فقط في زيادة نسب النمو، ولكن أيضا في تحسين نوعية هذا النمو بشكل يتوافق مع خلق مستدام لعدد كبير من فرص العمل لاسيما في القطاعات الانتاجية وليس فقط في القطاعات الريعية. ولتحقيق هذا النمو، يكمن التحدي الثاني في تأمين الموارد اللازمة لتمويل الاستثمارات الخاصة والعامة لخلق فرص العمل هذه، لاسيما أن وضع المالية العامة للدولة في ظل عجز كبير للموازنة لا يسمح بذلك في المدي القصير مما انعكس سلبا علي كلفة الاقراض للقطاعين العام والخاص. لذا فإن إعادة هيكلة الانفاق العام من جهة وتعزيز الايرادات العامة للدولة من جهة أخري عبر خفض الانفاق غير المجدي ومنع الهدر وتحسين الجباية واستحداث موارد إضافية جديدة وإعادة النظر بحجم القطاع العام وإشراك القطاع الخاص في تمويل البني التحتية والخدمات الاجتماعية في إطار من الشفافية وتكافؤ الفرص، أمور ضرورية لخفض عجز الموازنة وتحسين الخدمات. فاليوم مجمل الموارد تذهب لدفع الرواتب والأجور وفاتورة الدعم ولخدمة الدين العام والتي زدادت بشكل كبير في العام الماضي مما لا يسمح بالانفاق علي المشاريع الاستثمارية والبني التحتية وعلي تحسين التغطية الصحية ومستوي التعليم وتطوير البحث العلمي وهي عوامل أساسية تشجع علي زيادة الاستثمار الخاص. لذا من الاهمية بمكان المضي قدما في تطبيق عدد من الاجراءات ومنها إعادة النظر في منظومة الدعم ولاسيما دعم المواد البترولية بشكل تستفيد منه الطبقات الاجتماعية المحتاجة فقط ويسمح باستعمال الموارد لأغراض تنموية أخري. وقد اتخدت مؤخرا قرارات في هذا الصدد والعبرة بالتنفيذ. إعادة الاستثمارات الأجنبية ولابد من الإشارة إلي أن تحدي اعادة الاستثمارات الخاصة لمصر سواء الاجنبية أو المحلية يتطلب أيضا وأولا استقرارا سياسيا وأمنيا وعمل مؤسسات الدولة بشكل منتظم لا تعطله اختلافات بين الفرقاء السياسيين بين الفينة والأخري. فمصر بحاجة الي المجتمع العربي والدولي في المدي القصير لتوفير السيولة في الاشهر القليلة القادمة وتفادي الضغوط علي الجنيه المصري وهذا يتطلب تأمين التمويل الخارجي، وتطمين المستثمر المحلي والعربي والاجنبي، لاسيما من خلال حكومة قادرة ببرنامج اصلاحي وبرنامج زمني واضح. هذا ما يتطلع إليه المستثمرون الاجانب في كافة انحاء العالم ممن يريدون الاستثمار في بلد ناشيء واعد مثل مصر فيه طاقات وفرص كبيرة مثل الهند والصين والبرازيل. لذلك من بين التحديات امام الرئيس والحكومة الجديدة هو انتظام عمل المؤسسات ووضع خطة اصلاحية مجدية تعالج مشاكل العجز المتزايد وتنمي الاستثمارات الخاصة وتعود بالتدفقات المالية الي مصر. توقعات النمو * قمتم في مؤسسة باركليز بتخفيض توقعاتكم للنمو في مصر وبالرغم من ذلك توقعتم ان يصل الي 3.2% وهو اكبر بكثير من توقعات حكومة الجنزوري نفسها علي أي اساس تبنون توقعاتكم؟ ** نحن نبني توقعاتنا للنمو بالنسبة للسنة 2012/2013 علي أساس أن أي حكومة جديدة لا يمكنها التأخر في وضع برنامج عمل للنهوض بالاقتصاد الوطني وتشجيع المستثمرين المحليين والخارجيين، وأنه سيكون هناك تعاون حكومي بين مختلف الفرقاء السياسيين والقطاعين العام والخاص لتحسين الوضع الاقتصادي. واذا ما نظرنا إلي الأسباب التي حالت دون تحسن النمو في الأشهر الماضية فهو الضعف الشديد ونضوب الاستثمار فيما الاستهلاك ينمو بشكل مطرد. ومع العودة التدريجية للاستقرار السياسي والأمني وتطبيق برامج لدعم الصادرات ومعالجة مشاكل المصانع المتعثرة، لا بد أن نري تحسنا وإن تدريجيا في نمو الاستثمار الخاص مما دفعنا إلي ابقاء توقعاتنا للنمو علي مستوي 3.2%. ولكن لا بد من الإشارة إلي أن استمرار التقلبات السياسية وأي تأخر في عودة العمل الحكومي بشكل منتظم من شأنه أن يؤثر سلبا علي توقعاتنا للنمو. الدولة المدنية * ألم تسمعوا عن حالة القلق والخوف من فكرة حكومة اسلامية والقضاء علي مدنية الدولة وبعض المؤسسات الائتمانية خفضت تصنيف مصر الائتماني بسبب الخوف من الدولة الدينية أليس ذلك في حسابات الاقتصاد؟ ** إن الأسواق المالية تتفاعل مع البرامج الاقتصادية والاجتماعية للحكومات وما تتطرحه من اصلاحات لمعالجة الاختلالات الهيكلية وعلي قدرتها ومصداقيتها في تنفيذ هذه الاصلاحات في اطار من الاستقرار السياسي والأمني والتوافق المجتمعي. هذا ما تنظر اليه الاسواق المالية عند تقييمها للمخاطر السيادية والائتمانية واتخاذها للقرارات الاستثمارية. لا شك أن المحافظة علي انفتاح الاقتصاد والمجتمع المصري علي الخارج والالتزام بمدنية الدولة أمر مهم للمستثمرين المهتمين في العمل والمساهمة في نهضة الاقتصاد المصري ووجود توافق داخلي حول ذلك أمر ضروري ومهم لذا يتطلع الجميع في الفترة المقبلة الي عملية صياغة دستور جديد لمصرولبناء توافق حوله ولانتظام عمل المؤسسات الدستورية وأجهزة الدولة علي هذا الأساس. أما بالنسبة إلي الصيرفة الإسلامية، فهي نوع من أنواع النشاط المصرفي والأدوات المالية التي يمكن أن يسمح بشحد المدخرات من الداخل والخارج لتمويل الاقتصاد وليست نظاما اقتصاديا سيغير في وجهة الاقتصاد المصري وهياكله الاساسية من اقتصاد منفتح ومتنوع. الاقتراض من الخارج * هل تتوقعين مزيدا من التفاعل بين حكومة مصر والمؤسسات الدولية لأن حزب الحرية والعدالة كان من قبل رافضا لفكرة الاقتراض من الخارج؟ فهل تتوقعين تغيرا في الموقف؟ ** نعم، نحن نتوقع استمرارا وإعادة تفعيل الاتصالات من قبل الجكومة الجديدة مع المؤسسات المالية الدولية والمانحين في جميع البلدان قريبا لدعم مشروعها للاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، كما ان صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومؤسسات أخري ابدت استعدادها لمساعدة مصر مجددا. برأينا أن معظم الفرقاء السياسيين ليس لديهم أي رفض مبدئي او عقائدي للتعاون مع المؤسسات الدولية وهمهم الأولي هو استخدام أي تمويل خارجي لأغراض دعم الاستقرار المالي وتحقيق أهداف تنموية. والكل يتطلع إلي أن تضع الحكومة الجديدة برنامجها للاصلاح الاقتصادي والاجتماعي وتأمين توافق من التيارات والقوي السياسية حوله وبدء العمل علي تطبيقه في أسرع وقت ممكن.