استبقت إسرائيل اجتماع اللجنة الخاصة للدول المانحة في بروكسل والذي يبحث وضع الاقتصاد الفلسطيني وشروط موازنة عام 2012 بإعداد وثيقة رسمية حول الوضع الاقتصادي في السلطة الفلسطينية، وتدعي هذه الوثيقة أن الاقتصاد الفلسطيني مازال بعيدا عن الأسس الأولية كاقتصاد دولة وأنه مازال يعيش علي الدعم الخارجي. ويأتي إعداد هذه الوثيقة كرد علي تقارير البنك الدولي ومؤسسات أوروبية كانت قد طرحت علي جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة في نيويورك في سبتمبر من العام الماضي والتي كانت قد أشادت بتطورات الاقتصاد الفلسطيني وقالت انه بات مؤهلا ليصبح اقتصاد دولة لترد اسرائيل بأن هذا الاقتصاد يعاني من أزمة شديدة اليوم بسبب تخفيض الدعم الدولي من جهة وبسبب التغييرات في بنود صرف الميزانية من جهة ثانية وهذا يبرهن علي أنه ليس اقتصادا مستقلا وأنه لا يدار بطريقة سليمة. الوثيقة الإسرائيلية تشير إلي ان النمو الاقتصادي الذي شهدته المناطق الفلسطينية في السنوات الأخيرة لا يغير شيئا من حقيقة أنه اقتصاد غير منتج فهو يعتمد علي الخدمات وعلي فرع البناء وكلاهما يمولان من الدعم الخارجي وكل خلل في هذا الدعم ينعكس فورا علي الاقتصاد بأزمة حادة، ولو كانت هذه دولة لكان البنك الدولي وغيره من مؤسسات مراقبة اقتصاد الدول قد أشعلت الضوء الأحمر وحذرت من افلاس هذه الدولة وعليه يكون خطأ فادحا منح صفة دولة للسلطة الفلسطينية. إسرائيل بهذه الوثيقة لا تخفي نواياها والهدف منها وهو مقاومة جهود السلطة الفلسطينية للاعتراف بفلسطين وضمها إلي الأممالمتحدة وإذا كانت إسرائيل تحاول التصدي لقيام الدولة الفلسطينية بكل السبل، فإن السلطة الفلسطينية مصممة علي مواصلة جهودها لبناء الدولة الفلسطينية رغم الاحتلال وقد نشر تقرير قبل اجتماع الدول المانحة من قبل السلطة يشير إلي ضرورة مواصلة الجهود التي تبذلها السلطة الفلسطينية لتحقيق السيادة والحفاظ علي فرص حل الدولتين، وذلك دون اعفاء اسرائيل من واجباتها كقوة محتلة، كما انه لابد من القيام بعمل بناء لضمان الاستقلال السياسي والديمومة الاقتصادية لفلسطين منذ اليوم الأول لولادتها. ويؤكد التقرير انه علي الرغم من أن برنامج السلطة السياسي لم يلق ردا ايجابيا وموجها نحو المستقبل من اسرائيل، إلا أن السلطة الفلسطينية لا تستطيع الوقوف مكتوفة الأيدي وإلا ستكون قد تخلت عن سعيها إلي قيام دولة فلسطينية، لذا فإن السلطة تسعي لتطوير المناطق التي تحت السيطرة الإسرائيلية الكاملة وستواصل إصلاحاتها لزيادة العائدات وخفض الانفاق العام. السلطة الفلسطينية مصرة علي تنفيذ خطة الإصلاح والتنمية علي الرغم من تراكم عوائق الاحتلال والمخاطر الحقيقية التي أضحت تهدد قابلية الدولة المنشودة للحياة، وإسرائيل تلقي اللوم علي السلطة واقتصادها الهش وتفسر الصعوبات المالية التي تواجهها السلطة الفلسطينية بأسباب تقلص المساعدات الخارجية ومتأخرات المزودين وآجال سداد القروض حيث ضاعفها صعوبات القطاع المصر في، لكنها لم ترد علي مسئوليات الاحتلال في نسف شروط نموالأراضي المحتلة جراء القيودات المتنوعة والمتعددة. والأمر الذي يعزز هذه الفرضية تحذير الأممالمتحدة من المخاطر المحددة بهدف بناء الدولة الفلسطينية القابلة للحياة نتيجة انسداد الأفق السياسي وتراكم الصعوبات المالية التي قد تدفع الخزانة الفلسطينية للإفلاس، كما أن الأممالمتحدة أشارت إلي انجازت السلطة في مجالات كثيرة منها تحسين قدرات قوات الأمن في الضفة الغربية وتقديم الخدمات في العديد من القطاعات ومساعدة الفئات ذات الدخل الضعيف غير أن الصعوبات المتزايدة التي تواجهها السلطة في مواجهة تحديات آنية في تأمين حلول عجز الموازنة يثير القلق الشديد في ظل الأزمة المالية التي تواجهها السلطة الفلسطنية وفق استنتاجات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومن هنا تقع علي الدول المانحة مسئولية كبيرة للوفاء بالتزاماتها المالية ومساهماتها. وتبقي العقبة الكبري التي تحول دون التقدم في مسار حل الضائقة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية وهي عدم الجدوي في استمرار جمود المسار التفاوضي بين السلطة وإسرائيل، فاستمرار غياب الأفق السياسي ذي المصداقية