منذ عدة أيام أعلن طارق عامر رئيس البنك الأهلي المصري أن البنوك المصرية لديها معدلات عالية من السيولة تفوق أي فترات سابقة، مشيرا إلي أن البنك الأهلي علي سبيل المثال لديه سيولة تصل إلي 100 مليار جنيه وهذا الكلام يثير عدة تساؤلات لعل أبرزها بالنسبة للمستثمرين في البورصة.. ما امكانية اتجاه البنوك لاستثمار جزء من هذه السيولة في الأسهم؟ عدد من قيادات البنوك أكدوا ان هناك بالفعل معدلات عالية من السيولة ولكن البنوك لديها قنوات استثمارية كثيرة يمكن خلالها توظيف واستثمار هذه الفوائض المالية. وقالوا إن مسألة توجيه جزء من هذه الأموال إلي الاستثمار في سوق الأوراق المالية قد لا يكون مطروحا علي أجندة البنوك الاستثمارية خاصة في الوقت الحالي الذي تشهد فيه البورصة حالة من عدم الاستقرار وبالتالي لا يمكن المجازفة بأموال المودعين بسبب ارتفاع المخاطر. في البداية يقول ماجد فهمي رئيس البنك المصري لتنمية الصادرات إن البنوك لا تعاني حاليا وجود مشكلة في السيولة، وبالفعل هناك معدلات عالية من السيولة في معظم البنوك العامة في السوق مؤكدا أن البنوك جاهزة ومستعدة لتوفير التمويل اللازم لأية مشروعات استثمارية جادة. ويستطرد قائلا: ان المشكلة الحالية تكمن في تراجع معدلات الطلب علي الائتمان نظرا لعدم وجود مشروعات استثمارية جديدة أو بمعني انخفاضها بالاضافة إلي قيام المشروعات القائمة بإرجاء خططها التوسعية والمستقبلية لحين اتضاح الرؤية الاقتصادية والسياسية بالسوق المصرية. وردا علي سؤال عن معدلات السيولة ونسب التوظيف بالبنك يؤكد ماجد فهمي انه بالنسبة إلي بنك تنمية الصادرات فإن نسبة التسليف والتوظيف تمثل نحو 75% من اجمالي الودائع الموجودة لديه، مشيرا إلي أن هذه النسبة تعتبر مرتفعة مقارنة بأغلب البنوك الأخري العاملة في السوق والتي تصل فيها نسبة التسليف إلي الودائع ما نسبته 50%. ويوضح فهي أن الفترة الماضية لم تشهد فرصا مناسبة للاستثمار سواء علي مستوي الاستثمارات الداخلية أو الخارجية، ويرجع ذلك إلي حالة عدم وضوح الرؤية التي سيطرت علي السوق المصرية، بالاضافة إلي توقف الاستثمارات والمشروعات القائمة. وفيما يتعلق بامكانية توجيه البنوك لجزء من فوائضها المالية إلي الاستثمار في مجال الأسهم والأوراق المالية يذكر ماجد فهمي ان البنوك مطالبة في الأساس بضخ أموال في المشروعات الاستثمارية التي تسهم في دفع تحريك عجلة الاقتصاد المصري وإلي جانب ذلك فهي مطالبة أيضا بالحفاظ علي أموال المودعين. ويستطرد قائلا: ومن ثم فالبنوك ليست ملزمة بتوجيه جزء من أموالها إلي البورصة خاصة في ظل ما تمر به هذه السوق من عدم استقرار وتراجع في قيم غالبية الأسهم، مشيرا إلي أن المضاربة بأموال البنوك في البورصة قد يعرضها لخسائر فادحة. ومن جانبه يذكر رمضان أنور العضو المنتدب لبنك الاتحاد الوطني - مصر أن البنك لديها أدوات استثمارية كثيرة ومتنوعة، تقوم من خلالها بتوظيف السيولة الموجودة لديها، مشيرا إلي انه اذا لم يتم توظيف السيولة في مشروعات استثمارية، فإنه يتم توجيهها إلي أذون الخزانة والسندات. ويستطرد قائلا: ان حجم السيولة المستغلة لدي معظم البنوك تصل إلي 60% من اجمالي الودائع، مؤكدا ان ارتفاع استثمارات البنوك في أدوات الدين المحلي المتمثلة في الأذون والسندات تدل علي زيادة معدلات السيولة الموجودة لديها والتي تختلف من بنك إلي آخر. ويري رمضان أنور أن البنوك بالفعل لديها معدلات مرتفعة من الفوائض المالية بسبب انخفاض الطلب علي القروض والتسهيلات الائتمانية نظرا للظروف الاقتصادية والسياسية التي تمر بها السوق المصرية. ويضيف قائلا: إن السيولة بالبنوك سوف تأخذ في التراجع تدريجيا وذلك مع بدء عودة الاستقرار ودوران عجلة الانتاج من جديد وقيام البنوك بتوفير القروض والتسهيلات الائتمانية اللازمة لمشروعات البنية الأساسية وتمويل مشروعات وخدمات الأفراد. وردا علي سؤال حول امكانية اتجاه عدد من البنوك العاملة في السوق لتوظيف جزء من فوائضها المالية بسوق الأوراق المالية يري أنور أنه ليس من ضمن أولويات البنوك الاستثمار في الأسهم موضحا أنه لكي يدخل أي بنك من البنوك مجال الاستثمار في البورصة، فلابد أن يضع في اعتباره ان هذا الاستثمار عالي المخاطر وأن هذه الأموال هي في الأساس أموال المودعين. ويستطرد قائلا: انه عن النظر إلي البورصة حاليا، يجب ملاحظة انها سوق عالي التخاطر وبه درجة عالية من التقلبات السعرية ومن ثم قد يكون من الخطأ الاستثمار في سوق محفوف بمثل هذه المخاطر وخاضعة في هذا التوقيت. ويؤكد رمضان أنور ان تنشيط ودعم سوق الأوراق المالية قد لا يكون من خلال البنوك ولكن لابد من وجود صانع سوق والذي يتمثل في صناديق الاستثمار التي من ضمن أدواتها الاستثمار والاكتتاب في البورصة. ويتفق مع الآراء السابقة رجائي الهلالي الخبير المصرفي قائلا ان معدلات السيولة بالبنوك زادت بدرجة ملحوظة بعد ثورة 25 يناير 2011 وذلك بسبب غياب التوظيفات الجديدة بالاضافة إلي اتجاه المشروعات القائمة بإعادة النظر في في خططها المستقبلية وارجاء أغلبها لحين عودة الاستقرار الأمني والاقتصادي للسوق المصرية. ويضيف أنه رغم الحاجة الماسة لضخ أموال جديدة في السوق وتوفير التسهيلات الائتمانية اللازمة لكثير من المشروعات من أجل المساهمة في دوران عجلة الإنتاج، إلا أن هذا لن يحدث في الفترة الحالية ولكنه مرهون بعودة الاستقرار. ويقول الهلالي إنه يجب علي الحكومة القيام بوضع خطط واضحة ويتم عرضها علي البنوك الموجودة في السوق، حتي تتمكن البنوك من مراعاة ذلك عند اعداد وصياغة خططها التمويلية المستقبلية خاصة علي مستوي القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية. يستطرد قائلا: إن البنوك سيقع عليها عبء كبير خلال الفترة القادمة، وذلك عن طريق دخولها في القروض المشتركة العملاقة لتوفير الأموال اللازمة للمشروعات الصناعية المختلفة. أما بالنسبة لدخول البنوك في الاستثمار بالبورصة فيؤكد رجائي الهلالي أن هذا الأمر يتوقف علي استراتيجية كل بنك فهناك استثمارات مباشرة التي تخدم وتدعم الاقتصاد وتساعد في دوران عجلة الإنتاج، واستثمارات غير مباشره ومنها الاستثمار في الأوراق المالية. ويضيف أن الاستثمار في المشروعات قد يكون من أولويات كل البنوك وذلك لأن هذه المشروعات الاستثمارية لها عوائد إيجابية كثيرة علي الاقتصاد بالاضافة إلي امكانية قيد هذه المشكلات فيما بعد بالبورصة وبالتالي يتم دعمها بشكل غير مباشر.