ترددت أنباء قوية عن استمرار ارتفاع معدل التضخم الذي سجل مؤخرا 16.4% فهناك من يؤكد ان التضخم سيصل الي 18% في المحطة القادمة وهو ما يطرح تساؤلا عن الاجراءات التي تتخذها لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي لكبح جماح التضخم خلال الفترة القادمة. عدد من مسئولي المعاملات الدولية والخزانة بالبنوك قالوا انه لمعالجة التضخم لابد من امتصاص السيولة الزائدة بالسوق الذي يعاني من زيادة نسبة المعروض النقدي اكثر من نسبة زيادة الناتج المحلي. وقالوا ان كل البنوك المركزية لديها اسعار فائدة استرشادية يطلق عليه في مصر الكوريدور والذي بلغ مؤخرا 12% للاقراض و10% علي الايداع وبالتالي يجب علي المركزي استخدام ادواته المالية لامتصاص الفوائض المالية. بداية يؤكد تامر يوسف مدير إدارة الخزانة بالبنك الأهلي اليوناني انه في جميع البنوك المركزية توجد لجان للسياسة النقدية عادة ما يكون هدفها الاساسي الحفاظ علي استقرار الاسعار ووضع معدلات مستهدفة للتضخم. ويستطرد قائلا: معدل التضخم في انجلترا يدور حول 2% وفي أوروبا 3% مشيرا إلي انه عند تجاوز هذه المعدلات تبدأ لجان السياسة النقدية في اتخاذ الاجراءات اللازمة. ويقول يوسف: ان هذا يحدث في نطاق الاقتصاد الكلي فلا يمكن معالجة التضخم وهناك كساد مشيرا إلي ان معدلات النمو في مصر تدور ما بين 7 و8%. وردا علي سؤال عن دور السياسة النقدية في مواجهة الارتفاع المستمر في معدل التضخم الذي سجل مؤخرا 16.4% أوضح تامر يوسف انه لمعالجة التضخم لابد من امتصاص السيولة الزائدة بالسوق وذلك لان التضخم يعني زيادة نسبة المعروض النقدي أكثر من نسبة زيادة الناتج المحلي. ويستطرد قائلا: ولإيقاف الارتفاع المستمر في معدل التضخم يجب امتصاص فوائض السيولة ويتحقق ذلك عن طريق رفع اسعار الفائدة. ويضيف أن كل بنك مركزي لديه سعر فائدة استرشادي يطلق عليه في السوق المصرية "الكوريدور" والذي بلغ مؤخرا 12% للاقراض و10% علي الايداع. ويقول تامر يوسف ان البنك المركزي عادة ما يلجأ الي استخدام ادواته المختلفة لامتصاص السيولة الزائدة ومنها الصكوك وودائع المركزي مشيرا إلي ان حجم السيولة حاليا بالسوق بلغ 756 مليار جنيه ومشددا في نفس الوقت علي التنسيق مع وزارة المالية لامتصاص فوائض السيولة من السوق. ونوه يوسف الي ضرورة إقدام الحكومة أيضا علي اصدار سندات طويلة الاجل من اجل استخدام هذه الأموال في إعادة هيكلة المشروعات الضخمة ومنها مشروعات البنية التحتية وبالتالي امتصاص جزء من السيولة. وطالب كذلك بزيادة اجمالي الناتج المحلي من خلال زيادة حجم التدفقات النقدية وتفعيل دور المناطق الحرة مع الدول المختلفة بالاضافة الي عدم كبح جماح سعر الصرف. واشار تامر يوسف الي زاوية اخري في غاية الاهمية تمثلت في فرض أو وضع ضريبة علي الودائع التي تتجاوز حدودا معينة مؤكدا ان هذا الاجراء مطبق في معظم الاسواق العالمية حيث يتم فرض ضريبة تصل الي 10% علي الوديعة التي تتجاوز قيمتها حدودا معينة وهذا يسهم أيضا في الحد من ارتفاع التضخم. ومن جانبه يذكر عمرو بهاء رئيس قطاع الخزانة ببنك بيريوس - مصر ان هناك نوعين من التضخم أولهما ناتج عن زيادة فوائض السيولة بالسوق وهذا يتم علاجه مباشرة عن طريق القيام برفع أسعار الفائدة علي الودائع. ويستطرد قائلا: ان النوع الثاني من التضخم وهو ما تعاني منه السوق المصرية حاليا والناتج عن زيادة معدلات الاستيراد وقلة الانتاج مشيرا إلي ان هذا يتطلب اتخاذ اجراءات سريعة لحماية الانتاج المحلي وتلبية حاجة السوق كما حدث في منع تصدير الارز والاسمنت. وأوضح عمرو بهاء أن لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي لا يمكنها وحدها كبح جماح التضخم وإيقاف ارتفاعه.. مشيرا إلي أهمية قيام البنك المركزي بمنح البنوك التي تقوم بتمويل مشروعات استثمارية في المناطق المختلفة، إعفاءات ومزايا إضافية. ويستطرد بهاء قائلاً: ومن هذه الإعفاءات عدم إلزامهم بنسبة ال 14% الاحتياطي النقدي لدي البنك المركزي مؤكدا أن هذا الإجراء يشجع البنوك علي التوسع في تمويل مشروعات الإنتاج الزراعي. ولا يختلف رأي محسن رشاد المدير العام ورئيس قطع المؤسسات المالية والعلاقات الخارجية بالبنك العربي الإفريقي الدولي، عن جميع الآراء السابقة قائلا: إن هناك أداتين رئيسيتين لمواجهة التضخم تعتمدان في الأساس علي امتصاص فوائض السيولة من السوق وهما رفع أسعار الفائدة وطرح أذون خزانة. ويذكر أن هناك ظاهرة عالمية أثرت بشكل مباشر علي السوق، تتمثل في ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وذلك بسبب ارتفاع أسعار البترول، مؤكدا أنه مع قيام الحكومة برفع الدعم عن البنزين والسولار ارتفعت أسعار الخدمات المضافة. ويؤكد محسن رشاد أنه لإيقاف الارتفاع المستمر في معدل التضخم فإنه لابد من العلاج طويل الأجل عن طريق رفع معدلات معينة ومنها اجمالي الناتج المحلي بالإضافة إلي زيادة معدلات الاستثمار. ويستطرد قائلا: إن الناتج المحلي يتضمن حجم الانفاق وعملية الإدخار ومعدل الاستثمار، بالإضافة إلي تقليل الفجوة الموجودة بين كل من الاستيراد والتصدير عن طريق ترشيد الاستيراد لإيجاد معدلات تنمية مرتفعة. ويقول محسن رشاد: إنه يجب امتصاص السيولة الزائدة بالسوق من خلال رفع أسعار الفائدة ولكن بطريقة محسوبة، بالإضافة إلي استخدام أدوات وزارة المالية في هذا الشأن.