تدرس السلطة الفلسطينية وهي محاطة بالعديد من المشكلات الشائكة الداخلية المتمثلة في تجميد تشكيل الحكومة التي أقرتها اتفاقية الدوحة اللجوء إلي خيارات عدة في المرحلة المقبلة والتي تغيب فيها أيضا الإدارة الأمريكية عن المشهد الفلسطيني الاسرائيلي نتيجة للانتخابات الأمريكية المقبلة. السلطة لعمل جاهدة في اتجاهين الأول داخلي وتسعي بكل قوتها لاستكمال المصالحة، والثاني مواصلة العمل علي نقل ملف القضية الفلسطينية إلي الأممالمتحدة خاصة بعد أن تأكد للفلسطينيين عدم جدية الإدارة الأمريكية في إدارة الأزمة المتفاقمة بين الفلسطينيين واسرائيل وقد ترجمته جليا غياب الموضوع الفلسطيني في اللقاء الاخير الذي جمع الرئيس باراك أوباما مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو رغم أنه لم يكن مفاجأة بالمعني الصريح غياب الموضوع الفلسطيني ونجاح نتنياهو في ابعاده عن الأجندة الأمريكية في هذه الفترة التي تستعد فيها الولاياتالمتحدة لانتخابات رئاسية يلعب اللوبي اليهودي فيها دورا حاسما، ومن هنا بدأ يشعر الفلسطينيون بأن أوباما بات مرشحا للرئاسة في إسرائيل وليس في الولاياتالمتحدة، فسلسلة التصريحات التي أطلقها لارضاء إسرائيل واللغة الاعتذارية التي يستخدمها من وقت لآخر لا تعدو كونها دعاية انتخابية، لا طائل منها سوي المزيد من اضاعة الوقت وإهدار الزمن وتأجيل الحلول الممكنة للقضية الفلسطينية. الرئيس الفلسطيني محمود عباس يسعي لإجراء الانتخابات العامة الفلسطينية حتي يلم الشمل ويقلل من حجم الخسائر والفجوة التي تزداد اتساعا مع الوقت في الانقسام الفلسطيني الحادث، ووسط كل ذلك سيواصل العمل في المؤسسات الدولية في مجلس الأمن والجمعية العمومية للأمم المتحدة للحصول علي الاعتراف بفلسطين عضوا في المنظمة الدولية حتي لو كان بصفة دولة مراقبة لكن من المؤسف والوضع كذلك أن يستمر الخلاف الفلسطيني الفلسطيني علي حاله بل ربما ازداد اشتعالا مع التباطؤ في تشكيل الحكومة الفلسطينية المتفق عليها منذ إعلان الدوحة بين عباس ومشعل، فقد عادت حركتا فتح وحماس إلي عادتهما في كيل الاتهامات والتراشق الإعلامي من جديد بعد فشل الجولة الأخيرة من الحوار في احراز تقدم ملموس علي طريق تشكيل حكومة مشتركة وانهاء الانقسام.. وفتح تتهم حماس بأنها تشهد خلافات داخلية حول انفاق الدوحة وحماس تتهم حركة فتح بأن رئيسها محمود عباس "أبومازن" طلب من رئيس المكتب السياسي خالد مشعل تأجيل تحديد موعد الانتخابات، وغالبا تأجيل تشكيل الحكومة لحين الحصول علي موافقة إسرائيلية بالسماح بإجراء الانتخابات في القدسالشرقية، هذا فضلا عن الاتهامات المتبادلة بالاعتقالات التي يجريها الطرفين بحق أعضاء كل حركة للأخري ويتعرضون للتعذيب الممنهج.. الخ. وبين هذا وذاك يظل الوضع الانقسامي هو المسيطر علي العلاقة المعقدة بين حركتي فتح وحماس منذ الانقلاب الذي نفذته حركة حماس في غزة عام 2007. ويبدو أن الاشكالية التي تواجه انجاز ملف الحكومة وإبرام المصالحة تكمن في توافر الإرادة السياسية لإجراء الانتخابات وليست في التفاصيل كأن تكون القدس مشمولة في الانتخابات أم لا. وبلا شك فإن هناك قلقا من قيادات حركة حماس وبالذات في غزة الذين لديهم أسبابا واعتبارات كثيرة من عدم تنفيذ الاتفاق، فالبعض خائف من عدم تمكن عناصر حماس في الضفة الغربية من خوض الانتخابات والبعض لديهم مصالحه الخاصة، وهناك مطالب كثيرة لهم خاصة في ظل الاقتصاد الذي تسيطر عليه والنفوذ الكبير الذي تملكه حماس في غزة. ويبقي الشق الخارجي في معادلة الصراع الفلسطيني فبخلاف ما تتناقله وسائل الإعلام فإن الرئيس محمود عباس يعمل علي تجهيز رسالة إلي رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتياهو وذلك في إطار جهوده لحلحلة القضية الفلسطينية داخليا وخارجيا، هذه الرسالة يحدد فيها الرؤية الفلسطينية لاستئناف المفاوضات المباشرة بين الطرفين وانهاء الصراع، رغم القناعة السائدة في الجانب الفلسطيني الفلسطيني بأن نتنياهو وحكومته غير معنيين بتحقيق السلام، ويبدو أن هناك قناعة خلصت لها القيادة الفلسطينية واقتنعت بأن الطريقة الوحيدة للخروج من المأزق الحالي في إعادة النظر أو ربما تغيير اتفاقيات منظمة التحرير الفلسطينية في إسرائيل. حتي الآن المعلومات المتوافرة تؤكد أن الرسالة مصاغة باللغتين العربية والانجليزية وأن الجانب الأمريكي قد اطلع عليها وتشمل الرسالة استعراضا لتجربة عملية السلام بين الجانبين علي مدي العقدين الماضيين وتحدد الرسالة شروط الفلسطينيين لإعادة عملية السلام بين الجانبين وهي: قبول الحكومة الإسرائيلية بمبدأ الدولتين علي حدود 1967 مع إمكانية تبادل طفيف للأراضي ووقف جميع الأنشطة الاستيطانية بما يشمل القدسالشرقية والافراج عن المعتقلين خاصة الذين اعتقلوا قبل عام 1994 والغاء جميع القرارات التي اتخذتها الحكومات الإسرائيلية منذ عام 2000 ومع احترام الاتفاقات الموقعة إذ لا يجوز أن يبقي الالتزام بالاتفاقات الموقعة والالتزامات الدولية قائما من الطرف الفلسطيني فقط!