تتفاوت الرؤي والتوقعات حول إيران وما يمكن أن يحدث لها وسط حملة التهديدات التي تقودها أمريكا والغرب وإسرائيل ضدها وأحدثها جاء علي لسان "بانيتا" وزير الدفاع الأمريكي الذي قال: "أخبرنا إيران بأننا لن نتسامح معها في حال امتلاكها سلاحا نوويا وأن عليها عدم اغلاق مضيق هرمز" غير أن مدير وكالة مخابرات الدفاع الأمريكية تحدث عن أن أجهزة المخابرات تعتقد أن إيران لم تتخذ قرارا بإنتاج أسلحة نووية رغم امتلاكها اليوم القدرة الفنية والعلمية والصناعية التي تمكنها من إنتاج أسلحة نووية في وقت لاحق. واليوم نتساءل هل يمكن أن تترجم تهديدات الغرب وإسرائيل ضد إيران علي أرض الواقع؟ لقد تزايدت احتمالات توجيه ضربة عسكرية ضد برنامجها فرأينا صحفا بريطانية تشير إلي أن كل التحضيرات للعملية العسكرية ضد إيران قد اكتملت وأن لحظة البدء في الهجوم تنتظر قرارا من "نتنياهو" و"باراك" ورأينا مؤتمر "هرتزيليا" الاستراتيجي السنوي في إسرائيل يركز معظم محاوره هذا العام علي الخطر النووي الايراني وكيفية مواجهته كما أن أمين مجلس الأمن الروسي "نيكولاي باتروشيف" لم يستبعد امكانية قيام أمريكا بتوجيه ضربة عسكرية لإيران من أجل تغيير النظام لتتحول طهران من كونها عدوا إلي شريك، وهو ما حدا بروسيا إلي أن تسارع بالتحذير من أن رائحة الحرب تقترب مع تزايد احتمالات توجيه ضربة عسكرية ضد البرنامج النووي.. أما الرئيس أحمدي نجاد فلقد بعث برسالة تحد للغرب عبر تدشينه مؤخرا ثلاثة مشروعات نووية جديدة وإشرافه علي عملية استخدام أول قضبان وقود نووية محلية الصنع والكشف عن أجهزة طرد مركزي لديها القدرة علي التخصيب بنسبة أعلي من 20% والتي حققتها النماذج السابقة. ومثلما يزداد تفجر الوضع في سوريا اليوم يزداد أيضا القلق من تفجر الموقف في منطقة الخليج والذريعة تظل محصورة في إيران وملفها النووي وما يشكله من خطر علي المنطقة والعالم وعليه تصبح احتمالات الحرب واردة بل إن "بانيتا" وزير الدفاع الأمريكي توقع أن تقوم إسرائيل بهجوم علي إيران بين ابريل ويونيو القادمين ولاشك بأن ساسة إيران يدركون هذا جيدا ويأخذون كل الاحتمالات في حسبانهم.. بل لا يستبعد المرء بأن يكون لديهم اعتقاد جازم بأن الحرب باتت قريبة لاسيما مع اقتراب صدور تقرير وكالة الطاقة الذرية الذي يتوقع له الكثيرون أنه يؤكد ما سبق وأشارت إليه الوكالة من قبل من أن تخصيب اليورانيوم يجري في إطار أنشطة عسكرية. ويلاحظ اليوم بأن كل ما يصدر عن أمريكا والغرب حول إيران هو تحريض سافر ضدها من أجل تعبئة الدول العربية وخاصة الخليجية بكراهية إيران والايرانيين والذريعة تدور حول الملف النووي والخوف من أن تمتلك إيران السلاح النووي في آخر المطاف وفي هذا المقام راح وزير الدفاع الأمريكي يحذر من أن إيران قد تمتلك القنبلة النووية خلال عام وسرت مخاوف كثيرة من مواصلة إيران لتخصيب اليورانيوم وتطوير أسلحة دفاعية بالليزر.. ويتعين علي العرب هنا عدم التماهي مع هذه المخاوف ذلك أن ما يجب عليهم فهمه هو الحقيقة القائلة بأن من حق إيران أن تتقدم تكنولوجيا بوصف هذا حقا سياديا يجب عدم التنازل عنه حتي لو أوصلها هذا إلي امتلاك السلاح النووي تماما كما تمتلكه إسرائيل التي قدر الخبراء ما تمتلكه بأكثر من ثلاثمائة رأس نووي، فلماذا يترك لإسرائيل الحبل علي الغارب كي تمتلك ترسانة نووية مخيفة تهدد دول المنطقة كلها ويحظر علي إيران احراز تقدم تقني نووي؟ ثم أليس غريبا أن يتعايش العرب لأربعة عقود مع البرنامج النووي الإسرائيلي بشكل أعطي الانطباع بأنهم لا يشعرون بأي خطر، بينما يستنفرون من حولهم بدعم وتحريض من الغرب وإسرائيل من أجل انهاء البرنامج النووي الايراني؟! وقديما قالوا فاقد الشيء لا يعطيه وهو ما يمكن أن نطلقه هنا علي أمريكا خاصة والغرب عامة، فكلاهما يعترض علي امتلاك إيران للنووي رغم أن ما لديها حتي الآن لم يقترب من المحظور ولم ينتج سلاحا نوويا حقيقيا ورغم ذلك مضت أمريكا في تشكيل حشد دولي ضد إيران وتصويرها كفزاعة للمنطقة واقناع دولها بأنها هي العدو الاقليمي الأوحد للعرب وليست إسرائيل.. إنه استنفار لمنطقة الخليج ضد إيران من أجل دعم حرب طاحنة ضدها والتي ترجح التوقعات لها إن حدثت أن تكلف الخليجيين أضعاف ما كلفته الحرب العراقية الايرانية، وحرب الخليج الأولي "حرب تحرير الكويت"، وحرب الخليج الثانية ولهذا يتعين علي دول الخليج النأي بنفسها بعيدا عن معترك دعم الغرب ضد طهران لأن وقوع حرب ضد إيران ستكون له تداعياته علي المنطقة خاصة مع تهديدات رئيس البرلمان "علي لاريجاني" التي وجهها إلي دول الخليج مؤكدا لها بأنها ستندم ندما شديدا في حال مساندتها للمؤامرة الأمريكية علي إيران.