هبة عنبة نجحت ايران اخيرا في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5% اللازمة للاغراض الصناعية ودخلت النادي النووي العالمي الذي يضم سبع دول اخري ولتصبح ثاني دولة اسلامية تمتلك الطاقة النووية بعد باكستان، وذلك بخلاف اسرائيل وكوريا الشمالية اللتين تمتلكان بالفعل طاقة نووية عسكرية ولكنهما لم تعلنا عن ذلك بشكل رسمي. وكل هذه الدول النووية تمتلك اسلحة وقنابل ورؤوسا نووية ما عدا ايران التي توصلت فقط الي معدل منخفض لتخصيب اليورانيوم يكفي للاغراض الصناعية والسلمية، ورغم ذلك طالبت كوندواليزا رايس الاممالمتحدة بدراسة اجراء قوي ضد ايران مثل ارساء عقوبات او اقرار استخدام القوة ضد طهران وذلك لتدرك انه ليس امامها بالفعل خيار سوي الانصياع للمجتمع الدولي، والمجتمع الدولي هنا هو امريكا وحلفاؤها! ان وجود قوة اسلامية نووية في المنطقة - بالطبع - يؤرق واشنطن وحلفاءها من منطلق الاهداف الغربية التي تسعي للهيمنة علي الوضع الاقليمي العربي والاسلامي في قبضتها لصالح الاهداف الاستعمارية لاسرائيل المدللة نوويا، والتي لا تسمح بوجود دولة اخري في المنطقة قادرة علي تطوير بنيتها النووية بما يخدم مصالحها في المجال العلمي والتقني السلمي، وتعتبر هذه الدول ان ايران تمثل خطرا علي جيرانها وترفض رفضا قاطعا البرنامج النووي الايراني وفي الوقت ذاته تغض الطرف عن الترسانة النووية الاسرائيلية التي تمتلك نحو 200 رأس نووية او اكثر بل وتقدم لها الدعم الكامل علميا وتقنيا لضمان تفوقها النووي علي دول المنطقة، كما تعجز عن الرد علي تهديدات كوريا الشمالية بتعزيز ترسانتها النووية ورفض اي تسوية حول برنامج بلادها ويكتفي كبير المفاوضين الامريكيين في المحادثات السداسية بالحث علي الصبر تجاه مقاطعة بيونج يانج المفاوضات بسبب قيام واشنطن بشن حملة ضد عدد من الشركات التي يشتبه في تعاملها مع كوريا في انشطة غيرمشروعة. وبعيدا عن الموقف الغربي المتشدد والمتعنت، نجد ان معظم الدول العربية اعربت عن مخاوفها من الطموحات الايرانية النووية ناسية او متناسية ان اسرائيل التي تمتلك مئات الرؤوس النووية التي تجثم علي انفاسهم منذ 58 عاما تمثل الخطر الاكبر والحقيقي علينا كما ان علي اكبر هاشمي رافسنجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام في ايران قام بجولة خليجية لطمأنة دول المنطقة معلنا أن البرنامج النووي الايراني لخدمة مصالح المنطقة وتخشي دول الخليج بوجه خاص من التوجه النووي الايراني ومن احتمالات حدوث اي تسرب اشعاعي قد يصدر من مفاعل بوشهر القريب من الحدود الكويتية، وهي مخاوف ليست مفهومة في ظل وجود مئات الآلاف من قوات المارينز الامريكيين الذين يتحصنون داخل عدة قواعد عسكرية في هذه الدول هم بالتأكيد يمثلون التهديد الاول علي المنطقة. اذا كانت رغبتنا في اعلان منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل تصطدم بالاصرار المريب علي استئثار اسرائيل وحدها بهذا التميز النووي وتدخل في نطاق المستحيل في الوقت الحالي، فانه يكون من حق ايران وغيرها من دول المنطقة امتلاك الطاقة النووية التي لن تستخدم ضد احد ولكنها تلزم لحماية المنطقة من التهديدات الخارجية، فليس من المنطقي او المقبول ان تزرع وسط المنطقة دولة تمتلك الاسلحة النووية الفتاكة والقوة العسكرية المتطورة ونقف مكتوفي الايدي تجاه ذلك او ان نقول اننا لا نقبل ظهور قوة نووية عسكرية في المنطقة لاننا بذلك نجافي الواقع المؤلم، ونتجاهل الكابوس المزعج المسمي اسرائيل والممتدة اذرعه داخل ارجاء الوطن العربي كما ان هذه المواقف السلبية تعبر عن مدي ضعفنا وتشرذمنا ووقوعنا تحت السيطرة الامريكية بالكامل واننا مع تسليمنا بعدم قدرتنا علي الفعل لم نعد ايضا قادرين - حتي - علي ابداء اي رد فعل يحفظ ماء الوجه، وبدلا من الخنوع والنظر بالريبة للبرنامج الايراني لماذا لا تكون هناك دولة عربية تمتلك التقنية النووية خاصة بعد ان كان لدولة مصر برنامج طموح منذ نحو 50 عاما ولكنه توقف كما تم اغتيال عدد من خيرة علمائنا في هذا المجال وكذلك تم التخلص من علماء العراق بعد الغزو اما بالاغتيال او الاعتقال وذلك في محاولات دؤوب لوأد أي تفوق عربي في هذا المجال النووي. إن القوة الايرانية النووية - تأتي اليوم - في ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد عربيا واقليميا بل واسلاميا ايضا، ولذلك تتلقي التهديد والوعيد نظرا لانها تعتبر اليوم من اقوي واهم دول المنطقة بعد ان غرقت قوات التحالف في مستنقع العراق الذي تهدد استقراره كذلك اشتعال الصراعات الطائفية التي تشعلها أياد آثمة تهدف لابقاء القوات المحتلة الي امد غير معلوم، كما انها تمثل تهديدا مباشرا لاسرائيل التي تبذل واشنطن قصاري جهدها لحماية مصالحها في المنطقة خاصة بعد وقوع العديد من الدول العربية فريسة للتقسيم والصراعات ووقوفها علي شفا الحروب الاهلية مثل السودان ولبنان وسوريا واحتواء البعض الآخر سيا