الخطر الأكبر بعد مرور عام علي الثورة كما يري الخبراء هو الاتجاه إلي ركود تضخمي بسبب الخلل الواضح بين الإنتاجية والأجور وهو أشد خطرا من ارتفاع معدلات التضخم والتي وصلت إلي نحو 11% بناءا علي التقارير الرسمية. شددوا علي ضرورة قيام الدولة بدور رقابي والعمل علي زيادة الإنتاج من السلع والخدمات وكذلك صنع حزمة من المحفزات لعودة الاستثمارات الأجنبية المباشرة رغم أن التحدي الأكبر الذي سيواجه صانعي القرار أن التوقعات الاقتصادية العالمية السيئة ستؤثر علي انتعاش تدفق الاستثمارات والسياح. لم يفغل الخبراء عن ضرورة عودة الأمن والأمان لأنها السبيل الوحيد لوجود استقرار يعمل علي جذب المستثمرين علي اختلاف فئاتهم. وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء قد أعلن في يناير الحالي، ارتفاع معدل التضخم السنوي لشهر ديسمبر ،2011 بما قدره 10،4% مقارنة بشهر ديسمبر ،2010 بينما سجل انخفاضا شهريا قدره 0،4% عن نوفمبر 2011. كما أعلن البنك المركزي المصري خلال ذات الشهر عن أن معدلات التضخم الأساسية في مصر، وفقا لمؤشرات البنك علي المستوي السنوي، استقرت عند مستوي 7،07% في شهر ديسمبر الماضي. وأكد اللواء أبوبكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، أن انتهاج الحكومة للسياسات التقشفية خلال الفترة الحالية سينعكس بالايجاب علي تراجع التضخم وسيظهر أثر ذلك السياسات عليه عقب شهر واحد من تنفيذها. وأوضح الجندي أن السياسات التقشفية للحكومة أمر ضروري، تحتاجه الدولة لتقليل الانفاق الحكومي وسد عجز الموازنة، مشددا علي ضرورة زيادة الموارد خلال الفترة القادمة. بداية فقد أكدت الدكتورة يمني الحماقي استاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس أن المشكلة الأساسية لزيادة معدلات التضخم خلال عام 2011 بنسبة وصلت إلي نحو 10% إلي 11% جاء بسبب تراجع حجم الإنتاج إلي جانب ارتفاع حجم الاستيراد. وأشارت إلي أنه توجد فجوة بين العرض والطلب والتي ساهمت في ارتفاع الأسعار مما أدي بدوره إلي زيادة معدلات التضخم إلي جانب تراجع قيمة الجنيه المصري أمام الدولار، وارتفاع أسعار المكون المستورد سواء كان موادا غذائية أو منتجات وسيطة إضافة إلي ارتفاع أسعار جميع الواردات مما أدي بدوره إلي ارتفاع أسعار المنتج النهائي. وأرجعت تراجع حجم الإنتاج إلي الأحداث المصاحبة لثورة 25 يناير نتيجة عدم إدارة مرحلة ما بعد الثورة بطريقة سليمة وافتقاد الكفاءة المطلوبة في إدارتها، إلي جانب المطالب الفئوية التي ساهمت بشكل كبير في تراجع حجم الإنتاج وتحمل الدولة تكاليف باهظة نتيجة ارتفاع أجور العاملين وحملت المسئولية إلي وسائل الإعلام التي كانت لها دور كبير في إعطاء رسالة للمطالبة بصورة غير سليمة. وأشارت إلي أن جميع الدلائل تؤكد أن الاتجاه الصعودي في الأسعار مستمر ولا يوجد دلائل تؤكد انخفاضها في الفترة القادمة نتيجة وجود عجز في الموازنة العامة للدولة، إلي جانب اتجاه الجهاز المصرفي لشراء أذون خزانة وعدم استغلال السيولة الموجودة لديه في مشروعات اقتصادية مما سيؤدي إلي ضغوط تضخمية. وأكدت أن زيادة الأجور مع عدم الإنتاج سيسهم في وجود خلل بين الإنتاجية والأجور مما يؤدي بدوره إلي ركود تضخمي يعتبر أشد خطرا من ارتفاع معدلات التضخم. وتري أن الحل للقضاء علي هذه الظاهرة هو دخول الدولة في إنشاء مشروعات جديدة وإعطاء حوافز للإنتاج لتشجيع المنتجين علي زيادة الإنتاج. وأكدت أنه لا يمكن القضاء علي معدلات ارتفاع التضخم بدون استقرار سياسي وعودة دوران عجلة الإنتاج للعمل مرة أخري والتوقف تماما عن الاعتصامات والمطالب الفئوية. وتري أن اتجاه الدولة للرقابة علي الأسواق ليس هو الحل ولكن يجب العمل علي تفعيل وتدعيم دور الجمعيات التعاونية للقضاء علي الوسيط بين المنتج والمستهلك مما له دور كبير في زيادة الأسعار إلي جانب قيام الدولة إنشاء جمعيات حماية المستهلك للقضاء علي الاحتكار مؤكدة أنها تمثيل عوامل مساعدة ولكن ليس هي الحل، فيجب أن يكون الأساس هو العمل علي زيادة حجم الإنتاج.