جمعني منتصف الأسبوع الماضي لقاء بعدد من الزملاء من كبار مديري محافظ وصناديق الاستثمار في الأسهم المحلية التابعة لبنوك وشركات تأمين تحول منذ اللحظة الأولي إلي اتهامات متبادلة بخصوص مبررات ركود السوق وضرورة وجود دعم مؤسسي سريع للسوق. تتبرأ دوما محافظ وصناديق الاستثمار في الأسهم المحلية التابعة لبنوك وشركات تأمين من مسئولية ركود سوق الأسهم رافضة تحميل تلك المحافظ أو الاستثمار المؤسسي مسئولية إعادة النشاط إلي الأسواق وحدها، ودافعت عن خروجها من السوق أو تجميد تداولاتها، بالخسائر التي تعرضت لها، مطالبة بتدخل حكومي لإعادة الثقة والنشاط إلي التعاملات ورفع أحجام السيولة التي باتت تشكل العائق الرئيسي أمام عودة النشاط إلي قاعات التداول. واعتبر مديرو الاستثمار الذين التقيت بهم أن الوقت حان لكي تقوم الجهات السيادية التي تمتلك فوائض الاستثمار بتوجيه جزء من سيولتها إلي الأسواق المحلية وحددوا عدة عوامل تساعد علي إنعاش الأسهم وزيادة أحجام السيولة، وهي إضافة إلي الاستثمار المؤسسي فإن ضخ السيولة عبر استثمار حكومي مباشر أو غير مباشر والعمل علي تنويع أدوات الاستثمار وتشجيع إدراج السندات وطرح حصص من أسهم الشركات الحكومية الناجحة للاكتتاب العام، وتوسيع قاعدة الملكية وتغيير سيكولوجية المتعاملين من المضاربة إلي الاستثمار المنظم وإدراج شركات تعكس كل النشاط الاقتصادي في الدولة وتطوير الهيكل التنظيمي بما يتلاءم مع التطورات المتلاحقة في الأسواق وتقليص القيود والعوائق أمام المستثمرين وإنهاء القوانين المعلقة، وبالأخص قانون الصناديق الاستثمارية وتنشيط الإفصاح والشفافية ووجود صانع للسوق. إن المؤكد باستقراء العديد من البيانات أن كثيرا من تلك المحافظ لم تنسحب بل جمدت محفظتها أو تتداول في أسهم منتقاة لوقف نزيف الخسائر الذي تعرضت له وحماية لحقوق المستثمرين في تلك الصناديق بل إن غالبيتها لم تسحب بعد استثماراتها الكبيرة في أسواق الأسهم وذلك علي الرغم من الخسائر التي منيت بها بسبب تراجع الأسواق المالية وتفضل غالبية الشركات الإبقاء علي أسهمها في سوق الأسهم دون متاجرة غالبا أملا في أن يتحسن السوق المالي. بالتأكيد فإنه ليس من الإنصاف تحميل الاستثمار المؤسسي والمحافظ وحدها مسئولية إعادة الانتعاش إلي الأسواق المالية في ضوء ما يحدث حاليا خاصة أن هناك عدة عوامل أساسية لإعادة الانتعاش ومن أهمها ضخ السيولة بالأسواق فكلما كانت السيولة مرتفعة كان الإقبال علي الاستثمار مرتفعا والعكس صحيح. إن الاستثمار المؤسسي لم يحجم عن التعامل بالأسواق ولكن مشاركته أصبحت محدودة للغاية لعاملين أساسيين: أولهما نقص السيولة لديها والثاني وضع السوق الذي يشهد تذبذبا شبه مستمر منذ عدة أشهر لا يساعد هذه المحافظ علي التحرك بفاعلية حيث أصبحت غير قادرة علي تعديل مواقعها الاستثمارية بالسوق الذي وصل إلي "قيعان" جديدة، وبالتالي من الصعب في هذه المرحلة الخروج من الاستثمار في أسهم معينة والدخول في غيرها. ويبقي السؤال: كيف يمكن توفير السيولة؟ اتفق المجتمعون بأن ذلك سيتم من خلال عدة مصادر أهمها تنويع أدوات الاستثمار كالشراء الهامشي وتخفيض فترة التسوية وتشجيع إدراج السندات والصكوك وطرح حصص في بعض الشركات الحكومية الناجحة للاكتتاب العام، الأمر الذي سينعكس إيجابا علي نشاط الأسواق خصوصا أن العديد من هذه الشركات تشكل فرصا مجزية للاستثمار. إن أغلب المستثمرين علي المدي الطويل ومديري المحافظ يرون أن السوق بحاجة إلي تغير في سيكولوجية المتعاملين مما سيساعد علي استعادة الأسواق لقوتها مرة أخري والتي لا تعكس البنية الاقتصادية والقيمة العادلة للشركات القيادية المدرجة في الأسواق. طالبنا خلال اللقاء الجهات المعنية بأن تقوم بمساعدة الأسواق من خلال توجيه رسالة واضحة إلي المستثمرين عن طريق دعمها لبرامج الإصلاح كما أن من أهم العوامل التي تؤدي إلي تشجيع الاستثمار هي تطوير وتنويع المنتجات والأدوات الاستثمارية والقيام بجولات ترويجية للتعريف بالشركات القيادية في الأسواق وبالفرص الاستثمارية الوعدة