منذ ما يقارب الخمسة أشهر.. كتبت في نهاية احدي المقالات وتحديدا في الكلمة الأخيرة نصيحة أخويه لزملاء المهنة.. إياك وأنت في مجلس الاصدقاء ان تذكر أيا من هذه الكلمات الممنوعة رقابيا "استثمار".. "مستثمرين".. "بورصة".. "رجال أعمال".. الخ.. حتي لا تتهم انك من الفلول ويهدر دمك كونك "برجوازي" متعفنا!!.. والحقيقة عند كتابتي لهذه الكلمة لم أكن اتصور أبدا أن يأتي اليوم الذي تتأكد فيه هذه الجملة بهذا الشكل لدرجة أن بعض "المتحولين" بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير عندما يريدون اكتساب ثقة الثوار وارضائهم في أي من وسائل الاعلام اضحوا يصبون جام غضبهم علي البورصة والاستثمار وأحيانا الاقتصاد نفسه! ولا أدل علي ذلك من كلمة لأحد كبار الكتاب اثناء مداخله تليفزيونية علي القناة الأولي!! وهو يقول "بورصة ايه وكلام فارغ ايه.. اياكش تولع"!! واذكر أن في بداية التدهور الاقتصادي جراء تبعات ثورة الخامس والعشرين من يناير عندما كان البعض يشير إلي خطورة الوضع وتراجع حجم الاحتياطي النقدي كان يتهم بالفلولية وان استخدام تلك النغمة ما هو إلا فزاعة لارهاب الثوار وان الاقتصاد المصري قوي وقادر علي تجاوز أي صعاب.. علما بأن هذا الاقتصاد اذا كان كما يقال قويا فحتما سيكون من فعل النظام السابق واذا ما كان يتدهور بالفعل فهذا يعني أن الوضع جد خطير والأمر ليس فزاعة كما كان يشاع. علي كل حال لقد بح صوتنا ونحن ننادي بضرورة تثقيف الشعب بمفهوم البورصة الحقيقي لكيما يعلم الجميع أهمية هذه الصناعة للاقتصاد القومي وانها ليست كما يظن البعض "صالة للقمار" ولكن للأسف يبدو أن هناك من هم مازالو مصرين علي عدم تفهم المعني الحقيقي لأسواق المال بل الأخطر من ذلك تلك الحالة من الاحتقان والعداء الشديدين للبورصة وللاستثمار بشكل عام عند العديد من أطياف الشعب، علي اعتبار أن النظام السابق لاسيما في سنواته الاخيرة قد لجأ إلي حكومة أغلبها من رجال الأعمال وقد ثبت تورطهم فيما بعد في جرائم عديدة ومالا يعلمه العديد من أطياف الشعب بمن فيهم النخبة "للأسف" ان هناك فارق كبيراً بين هؤلاء وبين مستثمري البورصة المصرية لاسيما صغارهم والذين يمثلون ما يقارب ال 80% من حجم استثماراتها.. والذين قد ذاقوا الأمرين في السنوات الأخيرة جراء الأزمة المالية العالمية وما تبعها من انخفاضات حادة في أسعار الأسهم وبالتبعية تأكل محافظهم المالية بنسب قاربت علي ال 70 - 80% في بعضها.. وما يجمع بينهم فقط هو المسمي "مستثمرون"!! وللأسف أيضا ما لا يدركه العديد من أطياف الشعب.. بمن فيهم من طائفة "النخبة" أو "المثقفون" ماذا تعني كلمة البورصة فقدت مليارات" وما يؤكد علي هذا وكما سبق واشرت في البداية الهجوم الدائم علي البورصة. فأكاد اجزم ان هؤلاء يجهلوا تماما ان خسائر البورصة هي في الأصل ضياع لمدخرات المصريين أو علي الأقل جانب من هذا الشعب وليس المقصود بهذا "المال العام" وانما "المال الخاص".. فهناك خطأ شائع في هذا الأمر لاسيما وان الصحف دائما ما تطالعنا ان البورصة قد فقدت المليارات من قيمتها السوقية وهو الأمر الذي غالبا ما يصعب تفهمه من خلال رجل الشارع العادي.. والحقيقة أن البورصة لا تخسر أو تربح وانما الخاسر والرابح هو المستثمر فقط.. وكلمة فقدت البورصة أو ربحت هي كلمة مجازية.. فالمقصود بها القيمة السوقية للبورصة والتي تحسب عن طريق ضرب أسعار الأسهم في عددها لتكون النتيجة هي القيمة السوقية لها وعلي سبيل المثال اذا كانت هناك شركة "ص" عدد اسهمها 100 سهم وسعر سهمها 2 جنيه فتكون قيمتها السوقية عبارة عن ضرب سعر السهم في عدد الأسهم 2*100= 200 جنيه وهو الأمر الذي يحدث يوميا مع جميع الشركات المدرجة ليكون الناتج هو الرأس مال السوقي للبورصة المصرية ومن هذا الأمر نستنتج ان ارتفاع او انخفاض أسعار الأسهم قد يؤدي إلي ارتفاع او انخفاض القيمة السوقية للشركات. وأخيرا المقصود بانخفاض او ارتفاع القيمة السوقية للبورصة هو التعبير فقط عن مدي الانخفاض او الارتفاع الذي تتعرض له أسعار الأسهم المدرجة بها والتي هي في الأصل ملك لأفراد وأبناء من هذا الشعب الذين يتعاملون بالبورصة.. والجدير بالذكر ان حجم الاستثمار المحلي في البورصة المصرية يمثل حوالي 70% من التعاملات اليومية والباقي موزع بين عرب وأجانب.. وأخيرا ولمن لا يعلم من هم "السواد الأعظم" للمتعاملين بالبورصة