تعرضت الدول الأوروبية الصغيرة "إن جازت التسمية" لأوضاع اقتصادية خطيرة خاصة بعد الأزمة العالمية التي تعرض لها النظام المالي العالمي في خريف 2008 وكان من تلك الدول اليونان والبرتغال وأيرلندا وإسبانيا. وتواجه اليونان بالذات خطرا كبيرا يصل إلي حالة اشهار الافلاس رغم قيام دول الاتحاد الكبيرة مثل ألمانيا بتقديم الدعم المالي لها كما نصحت البنوك الخاصة لديها بتقديم الدعم لها أيضا كذلك قامت فرنسا بمحاولات شبيهة بالتي قامت بها ألمانيا وإن كانت علي نطاق ضيق حيث تعاني فرنسا هي أيضا من المتاعب الاقتصادية والتي تهدد الاقتصاد الفرنسي بالانكماش نتيجة عجز الموازنة وعلي أثر ذلك قامت الحكومة الفرنسية باتخاذ إجراءات من بينها رفع سن التقاعد وهو ما أدي إلي حدوث اضطرابات واسعة استمرت لأشهر نتيجة رفض المجتمع الفرنسي هذا الإجراء. والواقع يشير حتي الآن إلي أن تلك الأزمة مازالت تلقي بظلالها علي الاقتصاد اليوناني من ناحية والاقتصاد الأوروبي من ناحية أخري فتصريحات رئيس البنك الدولي روبرت زوليك ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاجارد تشير إلي التشاؤم بشأن مستقبل منطقة اليورو وبشأن الاقتصاد العالمي بشكل عام. كما عبر الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن قلقه من تداعيات تلك الأزمة علي اليورو (بالرغم من أن أمريكا نفسها تعاني من أزمات لا تقل أهمية عن أزمة اليورو) وفي السياق ذاته قال مصدر في الرئاسة الفرنسية إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طمأن نظيره الأمريكي باراك أوباما أن منطقة اليورو تعتزم حل أزمة اليورو ومساندة اليونان كما صرح وزير المالية اليوناني بأنه يري ثلاثة احتمالات لحل أزمة الديون احدها يتعلق بتخلف محكوم عن سداد الديون مع خفض مستحقات حملة السندات بنسبة 50% وهو الإجراء الذي يترتب عليه فقدان الثقة في الاقتصاد اليوناني، خاصة أن الدائنين الذين قاموا باقراض اليونان وبصورة أخص ألمانياوفرنسا أخذوا تعهدات من اليونان بتنفيذ خطط تقشفية صارمة من أجل حل مشكلة ديون اليونان. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: ما الاحتمالات التي قد تواجه اليونان ودول اليورو إذا هي لم تستطع الخروج من أزمتها تلك؟ في الواقع هناك في رأينا ثلاثة سيناريوهات يمكن أن تواجه اليونان ودول الاتحاد الأوروبي ويمكن عرضها علي الوجه التالي: أولا: عجز اليونان عن الوفاء بالتزاماتها وتفاقم العجز الذي يهدد بإفلاس اليونان وخروجها من زمرة دول الاتحاد الأوروبي، وهي بذلك تكون السابقة الأولي في تاريخ الدول الأوروبية، إذ لم نسمع عن افلاس دولة أوروبية والسابقة الحاضرة في الأذهان هي حالة تهديد المكسيك بإعلان افلاسها عام ،1982 وهو ما دعا مؤسسات التمويل الدولية (صندوق النقد والبنك الدوليين) بالاضافة للدول المانحة إلي تقديم المشورات الفنية وبرامج التمويل فيما سمي بحزمة برامج التثبيت والتكيف الهيكلي. ثانيا: استمرار تقديم المساعدات الأوروبية لليونان بهدف عدم تعرض دولة من دول الاتحاد الأوروبي لخطر الافلاس وبالتالي تعرض باقي دول الاتحاد لمثل تلك الحالة خاصة من دول الاتحاد الصغيرة وإن كنا لا نعتبر هذا الاحتمال مفتوحا علي مصراعيه وذلك بسبب الضغوط التي تمارس علي حكومات تلك الدول سواء من ناحية دافعي الضرائب أو من ناحية البرلمانات التي لا تؤيد استمرار تقديم المساعدات لليونان بدون وجود ضمانات كافية من السلطات اليونانية لتنفيذ تعهداتها قبل الدائنين هذا من ناحية، من ناحية أخري وجود مخاطر تواجه الدول الدائنة ذاتها وليس أقلها عجز الموازنة الذي تتعرض له تلك الدول وعلي رأسها فرنسا وبريطانيا وايطاليا، وبالتالي فإنه من المنطقي ألا تفضل تلك الدول اليونان عن نفسها. ثالثا: انهيار منطقة اليورو كلية نتيجة المخاطر التي تتعرض لها، حيث من المتوقع تعرض جميع الدول الأعضاء لعدوي انتقال الأزمات فيما بينها، وهذا ليس بمستبعد وهو من البديهيات المعروفة في مجال الأزمات المالية. يبقي السؤال الأخير ما هي تأثيرات تلك الأزمات علي الاقتصاد المصري في الواقع لن يكون هناك ناج من تلك