يبحث رؤساء البنوك المركزية بمنطقة اليورو الازمات المالية الحادة لعدد من الدول الاعضاء وفي مقدمتها اليونان، التي باتت تهديدا جديا للنمو الاقتصادي في المنطقة التي تضم 16 دولة. وكانت منطقة اليورو قد خرجت في الربع الثالث من العام الماضي من الركود الذي ضرب أوروبا برمتها، لكن تفاقم الديون في دول مثل اليونان وتشكل ملامح أزمات في دول أخري أعضاء مثل البرتغال دفع رؤساء البنوك المركزية لمنطقة اليورو بمن فيهم رئيس البنك المركزي الاوروبي جان كلود تريشيه إلي الاجتماع في مدينة فرانكفورت الالمانية، وكان البنك المركزي الاوروبي قد أعلن بوضوح الشهر الماضي انه لن يتدخل لمساعدة اليونان التي فاقت ديونها 400 مليار دولار، مما اضطرها إلي اعتماد ميزانية أشد تقشفا في تاريخها، ويزور وفد من صندوق النقد الدولي اليونان لمدة أسبوع لمساعدتها علي إصلاح الاختلالات الكبيرة في موازنتها وزيادة علي اليونان سيبحث كبار المصرفيين الاوروبيين وضعيات دول أخري أعضاء في منطقة اليورو منها البرتغال. وحذرت وكالة موديز للتصنيف الائتماني مؤخرا من ان الاقتصادي البرتغالي يواجه موتا بطيئا ما لم يكتسب تنافسية عي نحو اكبر، وما لم يجمع القائمون عليه مزيدا من الايرادات الضريبية ويتعين علي دول أخري اعضاء في منطقة اليورو منها أسبانيا وأيرلندا وألمانيا اتخاذ اجراءات عاجلة لاصلاح أوضاعها المالية، خاصة تقليص العجز في الموازنات العامة. وعلي سبيل المثال كان العجز في موازنة اليونان الماضية قد بلغ 13% من الناتج المحلي الاجمالي، في حين ارتفع العجز في اسبانيا وأيرلندا إلي مستويات عالية ولكن دون المستوي المسجل في اليونان علما بأن قواعد الاتحاد الاوروبي تنص علي ألا يتعدي العجز 3% من الناتج المحلي الاجمالي واستبعدت وثيقة صدرت عن البنك المركزي الاوروبي. ونشرت الشهر الماضي ان تجبر إحدي الدول الاعضاء في منطقة اليورو علي مغادرة هذا التجمع الذي يضم بعض أقوي الاقتصادات الاوروبية مثل ألمانياوفرنسا واستبعد رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو الاربعاء تماما تخلي بلاده عن العملة الاوروبية الموحدة، أو طلبها مساعدة من صندوق النقد الدولي. ويأتي ذلك في الوقت الذي تواجه فيه منطقة اليورو أقصي اختبار للثقة منذ اصدار العملة الاوروبية الموحدة في 1999 وهي أزمة الديون التي تعانيها اليونان والتي بلغت 237 مليار يورو "5.343 مليار دولار" عام ،2008 والامتحان يتمثل في قدرة أعضاء دول منطقة اليورو علي خفض عجز موازنتها دون مساعدة صندوق النقد الدولي ودون إثارة فوضي اجتماعية في بلد عرف بعنف الاحتجاجات الاجتماعية، وهذا يتطلب ممارسة الاتحاد الاوروبي للوصاية علي مالية دولة ذات سيادة دون تدخل صندوق النقد الدولي. عقوبات أوروبية وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن أدوات السياسة الاوروبية أشد من تدخل الصندوق لكنها أكثر ضررا للاقتصاد، وفي حال عدم إقدام أثينا علي اتخاذ خطوة سريعة لخفض الانفاق وزيادة العائدات فإنها سوف تواجه خطر عقوبات أوروبية مكلفة وخفض التصنيف الائتماني لها من قبل وكالة التصنيف العالمية التي ستزيد تكاليف قروضها وتعمق الركود الاقتصادي الذي تعانيه ويقول مسئولو الاتحاد الاوروبي إن اليونان يجب ان تلوم نفسها للتسبب في الازمة، فقد قامت أثينا بتقديم بيانات غير صحيحة لمنطقة اليورو عام ،2001 كما فشلت في تقليص عجز الموازنة في أيام الرخاء وستعاني اليونان أعلي مستوي للديون بالمقارنة مع الناتج المحلي الاجمالي في منطقة اليورو هذا العام. وقال تقرير للمفوضية الاوروبية إن أثينا ضخمت الفوائض لدي قطاع التأمين الاجتماعي بين عامي 2001 و2003 وبعد سنوات من إخفاء الحقيقة اعترفت الحكومة الاشتراكية اليونانية بأن عجز الموازنة في 2009 وصل إلي 12.7% من الناتج المحلي الاجمالي، وهو ضعف تقديرات الحكومة المحافظة السابقة. وقال مسئول بالمفوضية الاوروبية إنه بسبب هذا التاريخ لا يوجد تعاطف مع اليونان بل هناك تصميم علي تطبيق اللوائح ووعد رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو بخفض العجز إلي المستوي الذي حدده الاتحاد الاوروبي وهو 3% من الناتج المحلي الاجمالي بدءا بخفض يصل إلي 4% هذا العام، لكن اسواق المال ومسئولي الاتحاد الاوروبي يشكون من امكانية تحقيق هذا الهدف بالنظر إلي خطة الحكومة الخاصة بالموازنة ويطالبون أثينا باجراء خفض اكبر في الانفاق. ورفض باباندريو خفض الاجور في القطاع العام وتقليص المعاشات خشية اضطرابات اجتماعية في البلاد، وقالت الحكومة إنها سوف تقترح علي البرلمان في ابريل برنامج إصلاح للمعاشات وسوف تعيد إصلاح الموازنة في حالة الضرورة. وقال عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الاوروبي يورجين ستارك إن الاسواق تخطئ إن هي اعتقدت ان دول أوروبا الاخري ستسرع إلي تقديم المساعدة لنجدة اليونان، لكن زعيمي فرنساوألمانيا أشارا إلي ان اليونان قد تتلقي في النهاية مساعدة من دول منطقة اليورو حال خروج مشكلة الدين عن السيطرة وعانت دول أخري في منطقة اليورو مثل أيرلندا، ولاتفيا من خارج منطقة اليورو من مشكلات مالية وأقدمتا علي خفض العجز بخفض الانفاق الحكومي.