تريليونان و600 مليار دولار هو مجموع القروض التي قدمتها البنوك الأجنبية والمؤسسات المالية للمؤسسات العامة والخاصة في اليونان وإسبانيا والبرتغال، وكلها تواجه أزمة اقتصادية. وتقول صحيفة نيويورك تايمز إن المحللين والمستثمرين يعتقدون أن جزءا كبيرا من هذه الديون لن يسدد أبدا. وتضيف أنه لا أحد يعرف، لا من المستثمرين ولا الجهات الرقابية ولا المصرفيين أنفسهم، أي البنوك بالضبط يستأثر بالنصيب الأكبر من هذه الديون. والشكوك في حد ذاتها، كما في أي أزمات اقتصادية، جعلت نظام أوروبا المصرفي الذي أضعفته الأزمة يبدو أحيانا متجمدا. ففي أوائل الشهر الماضي، وفي مؤشر علي المدي الذي وصلت إليه خطورة الموقف بالنسبة لبنوك أوروبا التي يبدو أنها قدمت نحو أكثر من نصف المبلغ المشار إليه من الديون، توقفت هذه البنوك تقريبا عن تقديم القروض فيما بينها. محاسبة شفافة ومع القيود المفروضة علي الموارد الحكومية وهبوط الثقة في الاقتصادات الأوروبية يقول محللون إنه يجب علي البنوك القيام بعملية محاسبية شفافة، وحتي ذلك الحين فإن أحدا لن يستطيع أن يتعامل بنجاح مع مشكلات أوروبا المتفاقمة. ويقول نيكولاس فيرون الاقتصادي بمؤسسة بروجيل البحثية في بروكسل إن السوق تعرف القليل جدا من مكامن الخطر الحقيقي.. وهذه هي المشكلة "وطالما أنه لا يوجد أي نوع من الوضوح فإن الثقة لن تعود إلي النظام المصرفي". وقد مثل عدم الوضوح والافتقار إلي المحاسبية الشاملة أسبابا لقلق المحللين الذين يراقبون البنوك الأوروبية. وصرح دويتشه بنك في فرانكفورت ببعض انكشافه علي الديون الأوروبية فقال إن لديه 500 مليون يورو من سندات الحكومة اليونانية لكن لا توجد لديه أي سندات إسبانية أو برتغالية. أما مئات البنوك الصغيرة ومؤسسات الودائع العديدة في ألمانياوإسبانيا فلم تكشف بشكل كامل عما لديها من ديون. ومن البنوك التي كشفت بعض التفاصيل أيصا عن الديون التي تتحملها بنك ديبفا الألماني الذي أوشك علي الانهيار في نهاية 2008 إلي أن أسرعت الحكومة إلي إنقاذه. ويتحمل ديبفا والمؤسسة المالية المالكة له هايبو ريل استات هولدنج 80،4 مليار يورو من ديون القطاع العام في اليونان وإسبانيا والبرتغال وإيرلندا وإيطاليا. وتم الكشف عن هذا الرقم في مارس الماضي لكنه لم يسترع أي انتباه خارج ألمانيا. وقبل ظهور مشكلة اليونان علي السطح هذا العام لم يعر المستثمرون الكثير من الاهتمام لحجم القروض التي تقدمها البنوك الأوروبية خارج دولها ولذلك أثار الدهشة مدي تعرض تلك البنوك لاقتصادات ضعيفة مثل اقتصاد اليونان والبرتغال. ويقول نك ماثيوز كبير اقتصاديي رويال بنك أوف سكوتلاند إن الجميع يعرفون أن هناك الكثير من الديون لكن انكشاف البنوك الأوروبية عليها أكبر بكثير مما كان يظن في بادئ الأمر. وامتد القلق إلي ما هو أبعد من السندات السيادية التي تصدرها الدول الثلاث إضافة إلي إيطاليا وإيرلندا التي تتحمل أعباء ديون ضخمة، كما أصبحت ديون القطاع الخاص مشكلة، إذ إنه عندما تصبح تكلفة القروض عالية علي الحكومات فإنها تكون كذلك أيضا علي الشركات الخاصة. وبتزامن الركود في الدول التي تعاني من أزمة مع ارتفاع سعر الفوائد علي القروض فإن مثل هذا الوضع قد يؤدي إلي إفلاس الشركات، وهذا ما حذر منه البنك المركزي الأوروبي في تقرير صدر في 31 مايو. ويتوقع البنك المركزي الأوروبي أن يصل حجم الديون المعدومة هذا العام لدي البنوك الكبري في أوروبا إلي 123 مليار يورو (150 مليار دولار). ويتوقع محللون في رويال بنك أوف سكوتلاند أن يصل حجم الديون السيادية التي تتحملها البنوك الأوروبية من خارج اليونان وإسبانيا والبرتغال إلي 567 مليار يورو، إضافة إلي 534 مليار يورو لشركات في القطاع الخاص خارج القطاع المصرفي، ونحو تريليون يورو إلي البنوك الأخري. ورغم أن الأزمة بدأت في اليونان فإن ديون القطاع الخاص في إسبانيا تصل إلي 1،5 تريليون يورو بالمقارنة ب338 مليار يورو لليونان.