حينما انهارت مؤسسة المال والاستثمارات العملاقة ليمان براذرز في عام 2008 واجهت لين غراي 60 عاما التي كانت تشغل منصبا إداريا كبيرا في تلك الشركة لمدة 11 عاما مأزقا إذ بالرغم من وفرة خبرات العمل لديها لم تتمكن من إيجاد وظيفة بديلة في مؤسسات شارع المال الشهير بنيويورك وول ستريت. وبعد أن تلقت تعويض نهاية الخدمة واستلهمت فكرة من وظيفتها الثانية كمدرسة في جامعة نيويورك قررت غراي أن تعمل بصفة مستقلة كباحثة عن موظفين لشركات في حرم الجامعات. وسجلت نفسها في برنامج لريادة الأعمال بمدينة نيويورك يدعي فاست تراك نيو فنتشر ثم أسست شركة اسمها "كامبوس سكوت" كمؤسسة تتخصص باكتشاف وتوظيف عاملين وتنمية قدراتهم وذلك في ابريل 2009. وحول ذلك قالت غراي :كان البدء بالتفكير بصورة مستقلة يمثل التحدي الأكبر. وشأن غراي قرر بعض من ملايين الأمريكيين ممن فقدوا وظائفهم خلال السنوات الثلاث الماضية ممن عجزوا عن إيجاد فرص عمل بديلة أن يأخذوا بروح المبادرة وأن يعملوا بصورة مستقلة. فخلال النصف الأول من العام الحالي فكر أكثر من ربع الموظفين المسرّحين حديثا بتأسيس أعمالهم الخاصة طبقا لشركة كارير بيلدر التي تتخصص في إدارة الموارد البشرية عبر موقعها الإلكتروني. وفي عام 2008 مثلا أحيط توم هودج 34 عاما علما بإغلاق معمل لتجميع قطع السيارات لشركة جنرال موتورز بمورين في ولاية أوهايو حيث كان موظفا فيه مدة 12 عاما. وحينما أيقن صانع أدوات السيارات أن شركة جنرال موتورز كانت في طريقها لإشهار إفلاسها صرف النظر عن احتمال نقله إلي وظيفة أخري في نفس الشركة المصنعة للسيارات واختار التعويض المالي لقاء تنحيه مبكرا وبمساعدة مستشار للأعمال الصغيرة أسس عمله الخاص الذي أطلق عليه اسمابسولوت ميكانك وكان مستشاره عضوا في منظمة غير ربحية تعرف باختصار بسكور التي تعني بمساعدة الأمريكيين علي تأسيس وتوسيع أعمالهم الخاصة. وعن ذلك قال هودج:انطلقت بكامل قواي وكان ذلك مخيفا. وبافتقاره لتاريخ عمل أو معدات خاصة به اضطر هودج لاستجداء زبائن محتملين كي يعطوه فرصة حسب قوله معتمدا علي ما يلوح له من فرص للعمل كمتعاقد من الباطن. أما الآن بات هودج يمتلك ورشة تصنيع ماكينات ببلدة جيرمن تاون في ولاية أوهايو يعمل بها 3 أشخاص وينوي استخدام المزيد لتلبية العدد المتزايد من الطلبات. هودج وغراي هما رائدا أعمال مجبران وموظفان سابقان راودتهما أفكار عن عمليهما لكنهما كانا يخشيان أو يترددان في تحقيق أحلامهما. وهما كشأن غيرهما من رواد الأعمال الذين لجأوا إلي ذلك بسبب الضرورة لربما تحولوا إلي ريادة الأعمال بسبب انعدام خيارات أفضل. وتتباين آراء الخبراء حول حكمة تأسيس عمل تجاري خلال فترات التعثر الاقتصادي. فالتمويل الذي كان يصعب علي شركات وليدة تأمينه خلال ظروف اقتصادية عادية أصبح أكثر ندرة خلال الأزمة المالية الأخيرة والركود الاقتصادي الراهن. وقد أدي تراجع إنفاق المستهلكين إلي تزايد صعوبة أن تحظي مؤسسات أعمال مستجدة حتي بحصة بسيطة من السوق. لكن خبراء آخرين يسوقون حججا بأنه في الأوقات الصعبة فإن تأسيس عمل صغير حتي مع وجود مجازفات قد يوفر فرصا للنجاح الشخصي أفضل من البحث عن وظيفة عادية بديلة. وكدليل علي ذلك يشيرون إلي شركات مثل بورجر كينج للوجبات السريعة وشركة فيديكس لتوصيل الطرود وشركة مايكروسوفت العملاقة وشركة مقاهي ستاربكس التي انطلقت خلال فترات اقتصادية متعثرة. كما أن العديد من الموظفين المسرحين يوافقون مع هذا الرأي. ففي 2009 بلغ تأسيس المشروعات التجارية في الولاياتالمتحدة أعلي مستوي له خلال 14 عاما إذ أسس 340 من بين كل 100 ألف مواطن راشد شركة في كل شهر طبقا لمؤسسة كوفمان التي تكرس جهودها للترويج لريادة الأعمال. كما أشار تقرير للمؤسسة في 2008 أن ثمةأدلة أولية علي أن ريادة الأعمال التي تدفع إليها الضرورة في تزايد وأن ريادة الأعمال التي تعتمد علي الفرص المتاحة آخذة في التراجع. مصطفي عبد العزيز