ألقت ممارسات وزارة المالية الأخيرة وأرقام معدل التضخم التي نشرت أمس بظلال من الشك حول إمكانية التعرف بدقة علي اتجاهات أسعار الفائدة في السوق خلال الفترة المقبلة سواء علي الودائع أو القروض. وفي الوقت الذي دفعت فيه ممارسات وزارة المالية أكبر مقترض من القطاع المصرفي البنوك نحو رفع سعر الفائدة علي الودائع لديها لوقف نزيف سحب السيولة منها، أعطت أرقاما صادرة أمس عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فرصة قوية للجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي بتثبيت أسعار الفائدة في اجتماعها القادم. وكانت وزارة المالية قد أربكت القطاع المصرفي خلال الأيام الماضية عبر زيادة أسعار الفائدة علي أذون الخزانة التي تطرحها لجذب أموال تمكنها من تغطية العجز في الموازنة العامة للدولة، وبلغت نسبة الزيادة علي الأذون نحو 2% وهي نسبة كبيرة، وأدت هذه الخطوة إلي قيام بعض المودعين بكسر ودائعهم بالبنوك وتسييلها لشراء أذون خزانة ذات عائد أعلي، وذلك بدلا من إيداعها بالبنوك بسعر فائدة قد لا يتجاوز 7% سنويا. وبسرعة تحركت البنوك لوقف نزيف السيولة المسحوبة منها لصالح أذون الخزانة، حيث قامت برفع أسعار الفائدة لديها وطرح شهادات أدخارية بعائد أعلي، وطالت الزيادة الودائع والقروض معا وهو ما سيؤدي إلي زيادة تكلفة الأموال داخل المجتمع الأمر الذي قد يؤثر سلبا علي مناخ الاستثمار. وأدت المنافسة القوية بين وزارة المالية والبنوك علي جذب مدخرات المجتمع إلي وجود حركة سريعة للأموال داخل السوق، حيث يسعي صاحب الوديعة للحصول علي أعلي فائدة، وتعد وزارة المالية أكبر مقترض علي الإطلاق، حيث تعتزم اقتراض أكثر من 130 مليار جنيه من البنوك خلال العام المالي الحالي 2011- 2012 لسد العجز المزمن في الموازنة العامة للدولة خاصة في ظل قرار حكومي بعدم الاقتراض من الخارج. وفي مقابل هذه المنافسة المحمومة فإن أسعار الفائدة قد تشهد سيناريو آخر مغايرا علي الجانب الآخر، فقد أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء أمس عن حدوث تراجع طفيف في معدل التضخم بسبب تراجع أسعار المواد الغذائية، وبالأرقام فقد بلغ معدل تضخم أسعار المستهلكين في المدن 11،8% نهاية شهر يونيو الماضي وهو نفس معدل الشهر السابق وهو مايو 2011. ولم تخرج أرقام البنك المركزي أمس بشأن المعدل السنوي للتضخم الأساسي عن أرقام جهاز التبعئة العامة والاحصاء، فقد بلغ الرقم 8،94% في يونيو 2011 مقابل 8،81% في الشهر السابق.