بدأت البنوك أمس في عقد اجتماعات مكثفة للنظر في اتجاهات اسعار الفائدة علي الودائع في الفترة المقبلة ومن المتوقع ان تقود بنوك القطاع العام الكبري والتي تضم الأهلي المصري ومصر والقاهرة السوق نحو رقم جديد لأسعار الفائدة علي الايداعات بالجنيه المصري. ويأتي هذا التحرك في ظل تطورين لافتين للنظر الأول هو قيام لجنة السياسة النقدية التابعة للبنك المركزي الخميس الماضي برفع سعري الايداع والاقراض "الكوريدور" بواقع ربع نقطة ليصل الي 8.75% للايداع و10.75% للاقراض. والتطور الثاني هو وجود تأكيدات من البنك المركزي ووزارة المالية بمواصلة معدل التضخم لارتفاعه خلال الشهور الماضية في ظل استمرار الأسباب التي أدت اليه. علي المستوي الأول فقد ألمحت لجنة السياسة النقدية في بيانها الصادر يوم الجمعة الماضي الي انه من المتوقع ان تقل المعدلات السنوية للتضخم مرتفعة لحين تلاشي آثار الزيادات السابقة في الأسعار المرتبطة بصدمات العرض والتعديلات الادارية لمستوي الأسعار. والمقصود هنا بصدمات العرض تلك الزيادات التي حدثت في معدل التضخم نهاية شهر اغسطس الماضي عقب قيام الحكومة برفع اسعار المحروقات "البنزين والسولار" بنسبة 30% دفعة واحدة، كما شهدت اسعار السلع واللحوم ارتفاعا ملحوظا عقب الكشف عن وجود حالات انفلونزا طيور في مصر وما اتبعها من تداعيات سلبية علي قطاع الدواجن. وعلي الرغم من التسهيلات التي منحتها الحكومة خلال الشهور الماضي لمستوردي ومستثمري الدواجن الا ان اسعار الدواجن لا تزال مرتفعة مقارنة بالاسعار التي كانت سائدة قبل اندلاع الأزمة. وعلي مستوي التطور الثاني فان معدل التضخم مرشح للارتفاع في الفترة المقبلة وسط تخوف من قيام الحكومة برفع يدها عن بعض السلع المدعمة كالبنزين والسولار ورفع أسعار الكهرباء وهو ما يمكن ان يوجد موجة تضخمية جديدة في السوق. وهناك عوامل خارجية قد تدفع تجاه رفع معدل التضخم في مصر خلال الفترة الأخيرة علي رأسها ارتفاع اسعار المواد الغذائية وعلي رأسها القمح الذي تستورد منه مصر بمليارات الدولارات سنويا وكذا استمرار ارتفاع النفط وبعض السلع الغذائية الأخري. وداخليا ورغم محاولات البنك المركزي ووزارة المالية محاصرة التضخم عن طريق سحب السيولة الفائضة بالسوق إلا ان هذه المحاولات محاطة بمخاطر شديدة علي رأسها التسبب في زيادة عجز الموازنة والدين العام المحلي. كما ان الانتعاش في قطاعي البناء والتشييد والارتفاع الملحوظ في اسعار الاراضي والوحدات السكنية يمكن ان يعرقل جهود السلطات المسئولة الرامية نحو حصار الارتفاع في التضخم الذي يمكن أن يؤثر سلبا علي معدل النمو والبورصة كما يؤدي الي تآكل أموال المودعين. وإذا كان البعض يشكك في قدرة السلطات المسئولة علي احتواء معدل التضخم الحالي إلا ان حسين عبد العزيز رئيس البنك الأهلي المصري يؤكد قدرة البنك المركزي علي القيام بدور اكبر في مواجهة ارتفاع معدل التضخم ويري ان البنك المركزي استطاع قبل ثلاث سنوات في خفض معدل التضخم بنسبة كبيرة كما حافظ علي معدلات فائدة ايجابية راعي فيها مصالح المودعين. أساليب المعالجة وعلي مستوي اساليب معالجة ظاهرة التضخم قال عبد العزيز ان هناك عدة ادوات يمكن للسلطات النقدية استخدامها في المعالجة علي انها رفع سعر الفائدة داخل السوق لامتصاص السيولة الزائدة وتوجيهها وفقا للاهداف التنموية التي تحددها الدولة ومع حدوث حالة انكماش ناجمة عن سحب السيولة فان معدل التضخم سيتراجع. وفي رأيه فان صانع السياسة النقدية قادر علي مواجهة المشكلة وعلي البنوك أن تساعد في ذلك باعتبار انها تتولي ادارة محفظة المجتمع وان اي اضرار بأموال المودعين يمكن ان تنعكس سلبيا علي البنوك ذاتها. وفيما يتعلق بالدور الذي يمكن ان تلعبه البنوك لمساعدة السلطات المختصة في مواجهة مشكلة التضخم اكد رئيس البنك الأهلي ان اول هذه الادوار يتمثل في استجابة البنوك لمؤشرات البنك المركزي فليس من المعقول ان تقوم لجنة السياسة النقدية برفع سعر الكوريدور عدة مرات ولا تستجيب البنوك لذلك بل قد تستجيب علي استحياء وترفع اسعار الفائدة علي الودائع لديها بنسب تقل عن الرفع الذي جري في سعر الكوريدور ويقول ان الكوريدور هو مؤشر مهم لاتجاهات اسعار الفائدة ومن المنطقي قيام البنوك برفع الفائدة في حالة رفع الكوريدور ومنحها سعرا لمودعيها يتناسب والسعر الممنوح من المركزي علي شهاداته. وعلي مستوي البنك الأهلي يؤكد حسين عبد العزيز ان البنك يستجيب لمؤشرات المركزي فقد اصدر قبل ثلاث سنوات الشهادة البلاتينية بسعر فائدة 12% وكان التضخم وقتها لايزيد علي 3.5% ونجح هذا الوعاء في مساعدة السلطات النقدية في الحد من معدل التضخم خاصة وان حصيلته تجاوزت 30 مليار جنيه وكذا رفع البنك الأهلي الفائدة علي أوعيته المختلفة ويكفي ان تقول ان البنك لديه وعاء يعد الأعلي في السوق من حيث سعر الفائدة وهو شهادة المعاش البالغ عائدها 10.5% ويصرف شهريا كما ان عائد الشهادة البلاتينية يبلغ حاليا 9% ويصرف كل 3 شهور. ويبدي رئيس البنك الأهلي استغرابه من قيام بعض البنوك بمنح اسعار فائدة علي ودائعها قد تقل عن 6% في الوقت الذي تحصل فيه علي عائد قد يزيد علي 10% في حالة توظيف مواردها في أذون وزارة المالية وشهادة البنك المركزي. ويقول ان علي البنوك ان تمنح اسعار فائدة موجبة علي ودائع عملائها حتي لا تتآكل مدخرات المودعين بسبب عوامل التضخم. وبالنسبة للمرحلة المقبلة يؤكد حسين عبد العزيز علي أن البنك ان يعيد النظر في أسعار الفائدة لديه من آن لآخر حسب تطورات السياسة النقدية وانه من المرتقب تحريك هذه الاسعار في القريب العاجل لتناسب مع مؤشرات البنك المركزي الأخيرة.