شهد القطاع المصرفي أمس ظاهرة لافتة للنظر تمثلت في تأني معظم البنوك تجاه اتخاذ قرار جماعي بخفض أسعار الفائدة علي الودائع التي تتجاوز قيمتها 790 مليار جنيه طبقا لآخر أرقام صادرة عن البنك المركزي. وكانت توقعات علي نطاق واسع تصب تجاه قيام البنوك بهذه الخطوة أمس استجابة لقرار البنك المركزي الصادر الخميس الماضي ويقضي بخفض العائد علي الكوريدور بواقع نصف في المائة للإيداع و1% للإقراض، إلا أن المؤشرات التي حصلت عليها "الأسبوعي" أكدت وجود استجابة ضعيفة للقرار لأسباب عدة علي رأسها تفادي غضب المودعين الذين فقدوا 2% من العوائد التي يحصلون عليها عن أموالهم المودعة بالبنوك منذ يناير وحتي الآن، وهو ما يعني فقدان نحو 16 مليار جنيه من ودائعهم، كما أن تقلص الهامش بين سعري الإيداعات والقروض بالبنوك إلي 1.5% أمس مقابل 2% الأسبوع الماضي دفعاً في هذا الاتجاه. وفيما تعقد اللجنة المسئولة عن إدارة الأموال "الاليكو" بالبنك الأهلي المصري اجتماعا اليوم لبحث كيفية التعاطي مع قرار البنك المركزي الأخير، علمت "الأسبوعي" أن هناك اتجاهات قوية داخل البنك بعدم إجراء خفض كبير في أسعار الفائدة علي الودائع باستثناء العائد الممنوح علي ودائع أصحاب المعاشات والذي تتجه النية نحو مساواته بعائد الشهادات البلاتينية.. وكان الأهلي قد أجري خفضا أمس علي عائد البلاتينية نسبته نصف في المائة لتصل إلي 9%، كما أجري بنك مصر خفضا مماثلا علي شهادة التميز، وتعد البلاتينية والتميز أكبر وعاءين إدخاريين في السوق حيث تتجاوز الأموال المودعة بهما نحو 70 مليار جنيه، وهو ما يعادل الأموال المودعة في شهادات إدخار البنك الأهلي بأنواعها الثلاث. وعلمت الجريدة أيضا أن لجنة "الاليكو" بالبنك الأهلي تبحث إجراء خفض علي بعض الأوعية المنتقاة وبنسب بسيطة قد لا تتجاوز ربع نقطة، ولم يعرف بعد ما إذا كان الخصم سيطول شهادة المدخر الصغير من عدمه، وتعد هذه الشهادة واحدة من كبري الشهادات الإدخارية بالسوق. وفي بنك القاهرة أجري البنك أمس خفضا علي شهاداته تراوح ما بين ربع ونصف نقطة، فيما خفض عائد الودائع ربع نقطة، ورغم الخفض الذي أجراه البنك إلا أن أسعاره باتت تتماشي مع الأسعار السائدة في بنوك القطاع العام وتزيد قليلا علي أسعار البنوك الخاصة والأجنبية. وباستثناء بنوك القطاع العام التي أجرت خفضا علي ودائعها أو تبحث اتخاذ خطوة مشابهة الأسبوع الجاري، فإن بنوك القطاع الخاص أجلت اتخاذ قرار في هذا الشأن للتعرف علي الخطوات التي ستقوم بها البنوك العامة في هذا الشأن، كما أن أسعار الفائدة متدنية أصلا بهذه البنوك، وبالتالي تخشي إجراء خفض يثير قلق المودعين، ويدفعهم نحو تحريك أموالهم إلي بنوك أخري وهو ما قد يوجد أزمة سيولة لديها. وفسر طارق متولي مساعد العضو المنتدب لبنك بلوم مصر تأني البنوك الخاصة في خفض أسعار الفائدة رغم قرار المركزي الأخير بأنه يرجع إلي المستويات الحالية للأسعار لدي هذه البنوك التي وصفها بأنها جيدة ومعقولة، وقال إنه حتي لو حدث تراجع فإنه لن يتجاوز ربع نقطة ولن يطول كل الشهادات والودائع، وأكد أيضا أن الخفض قد يطول أسعار الفائدة المميزة التي تمنح لبعض الجهات ذات الإيداعات الضخمة، كما قد تطول الأسعار الممنوحة علي القروض المشتركة التي يشارك في منحها أكثر من بنك. وعلي مستوي فروع البنوك الأجنبية قال تامر يوسف رئيس قطاع الخزانة بالبنك الأهلي اليوناني إن معظم البنوك في انتظار تحركات البنوك الكبري وفي مقدمتها الأهلي ومصر والقاهرة والإسكندرية والتجاري الدولي، متوقعا اتضاح الصورة نهاية الأسبوع الجاري، ورغم هذا الانتظار إلا أن يوسف يتوقع تأني العديد من البنوك في إجراء خفض علي ودائعها لأسباب ترتبط بالحفاظ علي مودعيها وعنصر المنافسة، كما أن الخفض مرتبط أيضاً بالتطور المستقبلي في أسعار العائد علي أذون الخزانة والبالغ نحو 10.3% حالياً وهناك توقعات باتجاهه للتراجع في ظل القرار الأخير للبنك المركزي.