في الخامس والعشرين من نوفمبر من كل عام، يتحد العالم لإحياء اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة، وهي مناسبة لم تعد تقتصر على التنديد بالعنف الجسدي التقليدي فحسب، بل امتدت لتشمل ساحة حرب جديدة وغير مرئية تدور رحاها في الفضاء الرقمي. ومع تطور التكنولوجيا، تحولت المنصات الإلكترونية من وسائل للتواصل إلى أدوات للملاحقة، والتحرش، والتشهير، مما وضع ملايين النساء والفتيات أمام أزمات نفسية واجتماعية جسيمة تهدد سلامتهن وأمنهن الشخصي. اقرأ ايضا إقالات قيادات الجيش الإسرائيلي بعد هجوم أكتوبر ووفقاً لما تم تداوله في برنامج صباح جديد، على قناة القاهرة الاخبارية فإن الحملة الأممية لهذا العام تركز بشكل مكثف على مخاطر الفضاء الرقمي الذي لم يعد أقل خطورة من الواقع الملموس. وتشير البيانات الحديثة إلى أن العنف السيبراني بات ظاهرة متنامية، حيث تُستغل التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي لإنشاء المقاطع العميقة (Deepfakes) ونشر صور مفبركة دون إذن، بهدف الابتزاز والتشهير، مما يترك آثاراً نفسية طويلة الأمد قد تفوق في قسوتها العنف الجسدي التقليدي. أرقام صادمة واستهداف للفئات الشابة تكشف الإحصائيات المقلقة أن أكثر من ثلث النساء حول العالم تعرضن لشكل من أشكال العنف، بينما واجهت 38% منهن عنفاً مباشراً عبر الإنترنت، وأوضحت الدكتورة مارييت يونس، أستاذة علم الاجتماع في جامعة بيروت، أن العنف الرقمي هو امتداد طبيعي للعنف القائم على النوع الاجتماعي في الواقع، ولكنه يتميز بخصائص تجعله أشد فتكاً، أبرزها سهولة ارتكاب الجريمة خلف شاشات مجهولة الهوية، وسرعة انتشار المحتوى المسيء. وأكدت يونس أن الفتيات من جيل زد (Gen Z) والمراهقات هن الأكثر عرضة لهذا النوع من الاستهداف نظراً لتواجدهن الكثيف على المنصات الرقمية، مما يجعلهن صيداً سهلاً للمبتزين والعصابات الرقمية المنظمة. الحاجة إلى كسر حاجز الصمت والخوف تظل المعضلة الكبرى في مواجهة العنف الرقمي هي الخوف من الوصمة. غالباً ما تتردد الضحايا في الإبلاغ عن الجرائم الإلكترونية خوفاً من الفضيحة أو اللوم المجتمعي، خاصة في المجتمعات المحافظة. ويرى الخبراء أن الحل يبدأ من التوعية بأن الضحية ليست مذنبة، وضرورة اللجوء الفوري للجهات القانونية ومراكز الدعم النفسي المتخصصة. كما إن الصمت في مثل هذه الحالات قد يؤدي إلى تفاقم الابتزاز وتحوله من تهديد إفتراضي إلى أذى جسدي وواقعي، مما يستدعي تحركاً جماعياً يشمل سن قوانين رادعة، وتغيير الثقافة المجتمعية التي تلوم الضحية، وتوفير بيئة أسرية داعمة تشجع النساء على المواجهة بدلاً من الانكفاء.