حين قام المجلس الأعلي للقوات المسلحة بتزكية التجديد لإسماعيل سراج الدين في منصبه كمدير لمكتبة الإسكندرية، لم يكن هذا التجديد سوي إضافة لمسيرة المكتبة والتي بدت كشجرة تطرح ثمار الحقائق عبر المناقشات الطويلة بها خلال السنوات العشر الماضية. ولم يكن الجهد المبذول لجمع جميع التيارات السياسية في قاعات النقاش بالأمر السهل، ولكن كان الرقي والحرص علي الحقيقة التي نسمعها ولا نراها في أغلب اجتماعاتنا، الحقيقة القائلة أن الخلاف لا يفسد للود قضية، حيث تعودنا منذ قديم الأزل علي أن أي خلاف هو المشرط الذي يقطع حيال أي ود، ولكن إدارة إسماعيل سراج الدين جعلت الإنسانية هي المبدأ الذي نتحاور به، لا اللكمات، ولا التنابذ. وإذا كانت حالة السيولة التي يشهدها المجتمع قد انعكست بعض من آثارها علي سلوك بعض من العاملين بالمكتبة، فهي كبيت من بيوت العلم لن تضن علي شباب العاملين بها بالتدريب والاتقان، أما الفوضوية والخروج عن آداب الحوار فهذا هو المرفوض. وأما بالنسبة لتقييم أداء بعض من مديري القطاعات المختلفة بالمكتبة، فالنقد الذاتي هو الطريق الأساسي كي لا تبدو قطاعات المكتبة كاقطاعيات يتحكم فيها كل مدير علي هواه، وخبرة إسماعيل سراج الدين في الإدارة الذكية والتي يحرص فيها علي معرفة وإعادة تقييم علمي لأداء الإدارات المختلفة هو الجوهر الذي تأكد ويتأكد كل يوم. أما عن الأمانة العلمية لإسماعيل فحدث عنها ولا حرج، ويكفي مراجعة ما أضافه إسماعيل سراج الدين من مقابل محاضراته في أرجاء الكون كتنازل منه لميزانية المكتبة، ذلك أنه يعتبر أن محاضراته في أرجاء المنابر الدولية هي لحساب مكتبة الإسكندرية والعائد منها يجب أن يعود إلي خزائنها. وشخص إسماعيل سراج الدين يجمع بين قدرة شديدة التوهج علي الجمع بين الدراية بالتراث وتنقيته من إضافات فاسدة له، مثلما فعل في تجربة تجديد الفكر الإسلامي، وفي نفس الوقت استضافة رجال في قامة مو إبراهيم الذي رصد جائزة للحاكم الصالح، ولم ينلها من أفريقيا سوي حاكم واحد، فضلا عن استضافة المكتبة لطرق الإصلاح السياسي عبر مؤتمرات متعددة. وقد يكون للعمل اليومي بعض من الأخطاء التي لا تمس الأمانة العلمية والخلقية والشرف، وإن كانت تحتاج إلي حسم، وإسماعيل سراج الدين قادر بإذن الله علي علاج ذلك. مرحبا بخمس سنوات جديدة من الازدهار أيها المفكر النبيل إسماعيل سراج الدين.