* فقد الرئيس اليمني علي عبدالله صالح أبرز أركان نظامه في عيد ميلاده السبعين، وجاءت الذكري كأنها أسود أيام فترة حكمه المستمرة منذ 33 عاما، ومنذ خسارة اللواء الركن علي محسن صالح الأحمر الذي أعلن تأييده لثورة الشباب السلمية في اليمن المطالبة برحيل الرئيس وإسقاط النظام، وتعهده حماية المتظاهرين. هذه المنعطفات المتلاحقة جعلت الثورة اليمنية تشهد تحولات دراماتيكية غير مسبوقة بإعلان كبار قادة الجيش اليمني انحيازهم إلي الثورة وحماية المعتصمين، فضلا عن تقديم عشرات القادة العسكريين والدبلوماسيين والسياسيين ورجال الأعمال والنواب استقالاتهم المتتالية من الحزب الحاكم وانضمامهم للثورة، في حين لايزال الرئيس علي عبدالله صالح متمسكا بالرئاسة وشرعيته مؤكدا انه ليستمد صموده هذا من غالبية الشعب التي تؤيده. بدء مسلسل الاستقالات في صفوف الحزب الحاكم، واستمرار المظاهرات والاعتصامات المنددة والمطالبة برحيل صالح، وإزاء هذه التطورات المفاجئة من مؤسسة الجيش سارع صالح الذي يجد نفسه وحيدا الآن إلي عقد اجتماع طارئ لمجلس الدفاع الوطني، معلنا أن المجلس في حالة انعقاد دائم للوقوف امام المستجدات أولا بأول، ويحاول أن يطمأن نفسه بالتأكيد علي أن المؤسسات الدستورية ستظل وفية للاضطلاع بمهماتها وواجباتها للحفاظ علي الشرعية الدستورية والديمقراطية والوحدة والنظام الجمهوري وأمن واستقرار الوطن، وكل مكتسبات الشعب اليمني ومقدراته. الأخطر من ذلك في سلسلة الانشقاقات الداخلية إعلان أحد أهم قادة القبائل اليمنية الشيخ صادق الأحمر نجل رئيس مجلس النواب السابق عبدالله بن حسين الأحمر انضمامه إلي حركة الاحتجاجات معتبرا أن اليمن ليس ملكا لعلي عبدالله صالح أو قبيلة حاشد، الأمر الذي بات يشكل تحديا جديدا للرئيس صالح، خاصة أن الشيخ الأحمر هو زعيم قبائل حاشد التي ينتمي إليها الرئيس. لقد أخذت التطورات في اليمن منحني جديدا بعد حملة الانشقاقات في الجيش وانضمامها إلي ثورة الشباب، ويوميا تستقبل ساحات التغيير التي يعتصم فيها عشرات الآلاف من الشباب للمطالبة برحيل النظام العشرات من ضباط الجيش والأمن الذين يعلنون استقالاتهم والتحقاتهم بشباب الثورة ومطالبهم. الجيش اليمني الذي يتكون من قوات برية وبحرية وجوية، كما هو الحال في بقية الجيش، لكنه في تقسيمه يقوم علي قوتين أساسيتين، برياً هما: الحرس الجمهوري والقوات الخاصة التي يقودها نجل الرئيس العميد أحمد علي عبدالله صالح وهي قوة علي قدر كبير من التأهيل والتسليح وتمتلك مروحيات عسكرية قتالية وللنقل، ويشرف علي تأهيلها الأمريكيون، ويمدونها بالتجهيزات اللازمة، خاصة وحدات مكافحة الإرهاب المتخصصة، وفي إطار التعاون اليمني مع الولاياتالمتحدة في الحرب علي الإرهاب. أما القوة الثانية فهي الفرقة الأولي مدرع التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر وفي إطار هذه الفرقة الوية عسكرية تنتشر في المناطق الشمالية والغربية الخاضعة لقيادة اللواء الأحمر نفسه، ولعل هذا ما يفسر سرعة انضمام قادة تلك الألوية إلي الثورة أسوة بالأحمر. ومن هنا يمكن القول بأن المناطق الشمالية والغربية الشرقية من البلاد باتت عسكريا تحت سيطرة علي محسن الأحمر، ولم يعد للرئيس صالح أي سلطة علي قيادتها. وإزاء هذا المشهد الانقسامي في الجيش اليمني، هناك مخاوف من اندلاع حرب داخلية من أجل السيطرة علي الألوية المنشقة، باعتبار ما حدث تمردا عسكريا من وجهة نظر النظام، فالحرس الجمهوري سيكون الوسيلة الوحيدة لدي صالح ونجله في معركتهما المقبلة، هذا إذا لم يحدث المزيد من المفاجآت. وعلي الصعيد الدولي، لاتزال ردود الأفعل متباينة الآراء إزاء التطورات اليمنية، ومع الموقف الأمريكي المتذبذب، أعلنت فرنسا علي لسان وزير خارجيتها "آلان جوبيه" أن استقالة الرئيس اليمني الآن لا مفر منها وتناقش إدارة الرئيس باراك أوباما في ضوء هذه التغيرات مستقبل الرئيس اليمني ما إذا كان سيصمد مع القوات العسكرية المؤيدة له، أو ينتظر حتي تتغلب عليه المعارضة، أو يواجه الذي لابد منه ويرحل، فالحكومة الأمريكية الآن هي أكثر من مجرد شاهد لأحداث اليمن نظرا لارتباطهما مع النظام فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، وبالذات خلايا القاعدة المتمركزة في جنوب اليمن. ومن بين كل الثورات والانتفاضات التي اجتاحت الشرق الأوسط هذا العام، فإنها لا تصل أي منها لمستوي ثورة اليمن من حيث الأضرار المدمرة المباشرة التي ستخلفها علي الجهود الأمريكية بمجال محاربة الإرهاب، ومما زاد تعقيد