انتقلت ثورة اليمن إلى منعطف جديد يقترب نحو الانتصار بعد تخلى عناصر من الجيش والقبائل والشعب عن الرئيس، على عبد الله صالح، وقد شهدت الساحة اليمنية انحياز شخصيات دبلوماسية إلى الثورة ومبادرات تطالب الرئيس بالتنحى ورفض الحلول التى طرحها للبقاء فى السلطة حتى العام المقبل.. فيما بقيت التساؤلات التقليدية مطروحة عما بعد سقوط النظام وهى هل سينفصل الجنوب وهل ستحدث حروب أهلية كما حذر الرئيس صالح؟ وماذا عن الملفات التى تعانى منها اليمن خاصة الحوثيين والقاعدة والحراك الجنوبى؟.. لكن الأبرز حالياً هو شكل النظام الجديد فى اليمن. اقتربت الثورة اليمنية من نهايتها لتحقق مطالب الشعب برحيل النظام خاصة بعد انضمام بعض وحدات الجيش إلى الثوار فقد أعلن اللواء على محسن صالح الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرعات دعمه ومساندته للثورة وتعهد فرقته لحمايتها.. وكذلك اللواء الركن محمد على محسن قائد المنطقة العسكرية الشرقية فى حضر موت وقادة أفرع رئيسية فى القوات المسلحة اليمنية فيما أعلن وزير الدفاع تأييد باقى المؤسسة العسكرية للرئيس صالح والمتمثل فى القوات الخاصة والحرس الجمهورى وبعض الوحدات وجهاز المخابرات وهو ما يشير إلى انقسامات فى المؤسسة العسكرية، إضافة إلى انضمام عدد من شيوخ القبائل خاصة حاشد، كما قدم بعض السفراء استقالاتهم وانضمامهم إلى الثورة وتوالت الاستقالات من أعضاء الحزب الحاكم والمناصب السياسية وانخراط هؤلاء إلى الثورة أيضاً، فى إشارة للاقتراب من ساعة الحسم لصالح الشعب اليمنى.. هذا المشهد دفع الرئيس اليمنى للتحذير من الانقلاب على السلطة والتأكيد أن ذلك سيؤدى فى حالة حدوثه إلى حرب أهلية. كما طالب القيادات العسكرية التى انحازت للثورة بالعودة والالتزام والانضباط والعمل لحماية الشرعية واتهم الشباب المعتصمين فى اليمن والمطالبين برحيله بأنهم ينفذون أجندة خارجية، كما عرض الرئيس اليمنى تسليم السلطة من خلال انتخابات برلمانية وتشكيل مؤسسات ديمقراطية فى مدة أقصاها العام المقبل 2012، وأشار إلى أنه لا يسعى للسلطة، وإنما يقوم بتسليم آمن، إلا أن المعارضة رفضت عرض الرئيس وطالبته بالتنحى وأكدت أن الساعات القادمة ستكون حاسمة فى تاريخ اليمن.. كما توالى مسلسل انضمام المسئولين السياسيين لفريق المطالبين بتنحى الرئيس حيث انضم إلى الثوار النائب العام وثلاثون نائبا فى البرلمان ومستشار رئيس الوزراء ومحافظو عدن وبعض المدن الأخرى. مبادرات بالتنحى ورداً على مبادرات الرئيس صالح أعلن رئيس تحالف المعارضة ياسين نعمان فى اليمن ضمان إقامة الرئيس بحياة كريمة وآمنة إذا تنحى بشكل سلمى بعد أن قضى أكثر من ثلاثة عقود فى السلطة وطالب نعمان صالح بتجنب القتال من أجل البقاء فى السلطة، كما حذره من اتباع أساليب العقيد معمر القذافى خاصة الدفع بحرب أهلية أو تقسيم البلاد التى تعانى من أوضاع اقتصادية صعبة، فيما اقترح السفير أحمد لقمان مدير منظمة العمل العربية والذى كان أحد أبرز منسقى الحملة الانتخابية للرئيس صالح فى عام 2006 مبادرة تدعو الرئيس للتنحى تتضمن بنوداً محددة وهى تولى نائب الرئيس مهام وسلطات الرئيس بصورة مؤقتة ولفترة انتقالية لا تتجاوز نهاية العام الحالى، وأن يتولى الرئيس المؤقت وبالتنسيق مع وزير الدفاع ورئيس الأركان والداخلية تكليف قيادات وحدات الجيش والأمن بصفة مؤقتة وفقاً للمعايير النظامية للجيش والأمن وأن يعرض ذلك على مجلس الوزراء المؤقت للتصديق. - أن يتم حل مجلسى النواب والشورى. - تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة ولفترة انتقالية تنتهى بنهاية العام الحالى. تشكيل مجلس استشارى مؤقت من كافة الأطياف ومن ذوى الخبرة والكفاءة والتخصص لمساعدة الرئيس المؤقت فى إنجاز المهام الوطنية خلال الفترة الانتقالية. - تشكيل لجنة من كبار القانونيين ورجال الفكر لإعداد دستور جديد تراعى فيه التوجهات والمطالب الوطنية خلال ثلاثة أشهر ويتم الاستفتاء عليه. - أن يتولى مجلس الوزراء المؤقت تشكيل لجنة للتحقيق فى جرائم القتل التى حدثت فى ساحات التغيير والحرية فى صنعاء وعدن وتعز وكل المدن وإنزال العقاب فى حق المنفذين والذين أصدروا التعليمات. - أن تجرى انتخابات نيابية قبل نهاية الفترة الانتقالية بوقت كاف يعقبها انتخاب رئيس للجمهورية، لا يحق للرئيس على عبد الله صالح أو الرئيس المؤقت أو رئيس وأعضاء الحكومة المؤقتة وأى من أقاربهم من الدرجة الأولى خوض الانتخابات النيابية أو الرئاسية وأن تكون مدة الرئاسة فترتين كل منها خمس سنوات، وأى تعديل دستورى لأى سبب لا يحق تطبيقه إلا بعد نهاية ولاية الرئيس التى جرت فى عهده. كما حث لقمان الرئيس اليمنى على تقديم استقالته لحقن الدماء والتحضير لمناخ سياسى جديد يحقق للشعب اليمنى الحرية والكرامة، وأعلن عن انحيازه لثورة الشعب اليمنى وانضمامه إلى صفوف شرعية الشعب. وعلى الرغم من تزايد الضغوط على الرئيس اليمنى إلا أنه يتمسك بالبقاء فى السلطة ولكن بعد فقدان الرئيس السيطرة على الشعب والجيش والقبائل أصبح سقوط نظام الرئيس اليمنى قاب قوسين أو أدنى، خاصة فى ظل استمرار المعارك بين الحرس الجمهورى وقوات الجيش المنضمة للثوار، وكذلك معارك تدور أيضاً بين الحوثيين والجيش أو ما تبقى منه فى شمال البلاد. وقد تمكن الحوثيون من السيطرة على بعض المواقع.. وتتسع المشاهد الحاملة للسلاح المؤيد والمعارض للرئيس اليمنى لتشكل مواجهات قاتلة فى معظم محافظات اليمن لتؤثر بشكل مباشر على المرافق الحيوية خاصة فى قطاع النفط والغاز الذى اكتشف حديثا فى اليمن وقيام عناصر قبلية بتخريب أنبوب النفط وقطع الطرقات أمام صهاريج الغاز. وفى العاصمة صنعاء تحولت المظاهرات إلى اعتصام دائم فى الشوارع انتظارا لسقوط النظام وسط تعرضهم لمخاطر وعنف تمارسه قوات الأمن التابعة للرئيس صالح التى تستخدم كل الأسلحة المحرمة دوليا لتفريق المتظاهرين لكن بعد انضمام وحدات كثيرة من الجيش اليمنى للثوار أصبحت المعادلة تصب فى كفة الشعب اليمنى وحمايته من بطش النظام الذى يقاتل من أجل البقاء فى السلطة. وعلى الرغم من اشتعال الأوضاع فى اليمن وتشابكها وكثرة وقوع الضحايا إلا أن المجتمع الدولى وحتى العربى يتعامل معها بحياد وبالمطالبة بالحوار وإدانة أعمال العنف ضد المدنيين.. ولم يصدر عن واشنطن سوى بيانات الدعوة إلى ضبط النفس وهو الموقف الذى يعلن عن نفسه بأن الإدارة الأمريكية تحاول الاحتفاظ بحليف مهم تعاون معها فى حربها على الإرهاب لكن هذا الحليف سوف تفتقده أمريكا خلال أيام. وفى إشارة أخرى لما بعد نظام صالح أوضحت التقارير الواردة من اليمن أنه برحيل النظام سوف تختفى الملفات التى عانى منها اليمن طويلاً خاصة الحوثيين والحراك الجنوبى والقاعدة لأن الحرية والديمقراطية سوف تفتح الطريق أمام الجميع للمشاركة فى بناء اليمن دون إقصاء أو تهميش لأى فئة أو منطقة. وعلى الرغم من نبرة التفاؤل إلا أن الحذر فى الملف اليمنى قائم فى ظل تركيبة دولة قبلية يمتلك كل أفرادها السلاح.. لكن تبقى للثورة عظمتها فى ترك الشعب اليمنى تخزين القات لأنه منشغل بالثورة فى الميدان.