يعد اسناد الأراضي بالأمر المباشر أسهل طرق الاستيلاء وإهدار المال العام، وضياع ملايين بل مليارات الجنيهات من أموال الدولة، وقد تسبب غياب التطبيق العادل لقانون المزايدات والمناقصات في دعم المستغلين والانتهازيين لنهب أراضي الدولة في الفترة الأخيرة، ومنح القانون القديم للمزايدات والمناقصات للوزراء حق التصرف بالأمر المباشر في حدود 50 ألف جنيه فقط، في حين إن القانون الجديد أعطي لهم ميزانيات مفتوحة دون وجود حد أقصي، وهو أمر يفتح الباب للمجاملات، ومن بين الأراضي التي تم تجاهل تطبيق قانون المزايدات والمناقصات فيها، قيام الحكومة أيام حالة التوهان وفي عصر الديكتاتورية اللذين كان يعيشهما الشعب المصري بتخصيص نحو مائة كيلو متر شمال غرب خليج السويس وقسمتها بين جهات محددة دون الإعلان عن مناقصات أو مزايدات بواقع خمسة جنيهات عن كل متر مربع، إلا أن هذه الجهات دفعت جنيها واحدا عن كل متر وخصصت المنطقة المذكورة تحت ذريعة تنميتها. ولبيان الفساد ومدي الظلم الذي تم في خليج السويس، فقد نشر أحد المواقع الاخبارية علي شبكة الإنترنت، وكذا تقدم أحد المحامين ببلاغ للنائب العام، نتيجة لبيع أراض في شمال خليج السويس لأربعة رجال أعمال تابعين للحزب الوطني، وبلغت مساحة هذه الأراضي 20 مليون متر مربع لكل واحد من هؤلاء بسعر المتر 5 جنيهات وبمقدم جنيه واحد للمتر في حين إنهم باعوا المتر الواحد بعد ذلك بأكثر من ألف جنيه. وتضم القائمة رجل الأعمال أحمد عز حيث تسلم 20 مليون متر مربع قيمتها السوقية 2،4 مليار جنيه وهو عضو مجلس الشعب السابق عن الحزب الوطني وأمين التنظيم، حيث أنشأ مصنعا للصاج بمساحة 150 ألف متر مربع، وباع 150 ألف متر مربع إلي الملياردير الكويتي ناصر الخرافي بمبلغ 1500 جنيه للمتر المربع ومازال يحتفظ بالمساحة المتبقية، وتصل القيمة الفعلية لهذه الأراضي 1،2 مليار جنيه، ودفع مائة جنيه في الفدان الواحد. أي أن ما دفعه هو نصف مليون جنيه فقط. هذا بالطبع بخلاف استيلائه علي شركة حديد الدخيلة التي أنشأتها مصر بالاشتراك مع اليابان وبقرض ياباني، وتصل قيمتها حاليا إلي أكثر من مائة مليار جنيه، بالإضافة إلي ما يحيط بالشركة من أراض، ومطار الدخيلة وميناء الدخيلة. ورجل الأعمال الثاني هو محمد فريد خميس حيث تسلم 20 مليون متر مربع قيمتها السوقية 3،5 مليار جنيه، وهو أحد كبار رجال الأعمال وعضو مجلس الشوري ورئيس لجنة الصناعة والطاقة سابقا، ويملك شركة "النساجون الشرقيون"، وأنشأ مصنعا للكيماويات بمساحة 20 ألف متر مربع وباع باقي المساحة في صفقة ضخمة حققت عدة مليارات، كما تذكر الأنباء أن وزير الإسكان محمد سليمان قد خصص أيضا لخميس 1500 فدان أخري. والثالث هو رجل الأعمال محمد أبوالعينين حيث تسلم 20 مليون متر مربع قيمتها السوقية 1،3 مليار جنيه، وهو عضو الحزب الوطني ورجل الأعمال المعروف وصاحب شركة كليوباترا للسيراميك، حيث أنشأ مصنعا للبورسلين علي قطعة بمساحة 150 ألف متر مربع، وممرا لهبوط طائراته الخاصة (يمتلك ثلاث طائرات من نوع جولف ستريم يقودها بنفسه) وباع كل المساحة الباقية في صفقة بعدة مليارات. والرابع هو رجل الأعمال المشهور نجيب ساويرس حيث تسلم 20 مليون متر مربع تقدر قيمتها السوقية بمبلغ مليار و300 مليون جنيه، حيث أنشأ مصنعا للأسمنت علي قطعته بمساحة 20 ألف متر مربع وباع كل المساحة الباقية في صفقات بعدة مليارات. وخامسا الشركة الصينية، وكان نصيبها أيضا مثل السابقين 20 مليون متر مربع ولم يتم استغلالها. ويعلق هاني توفيق رئيس الاتحاد العربي للاستثمار المباشر أنه في حال كون البيع تم علي أساس قانوني سليم، وليس أخلاقيا أي بغض النظر عن الأخلاقيات والاعتبارات الوطنية، فمن الصعب تعويض الدولة عن الأموال الضائعة، إلا أنه من المألوف أن تتم مصادرة الأراضي والعقارات والممتلكات والثروات التي تثبت أن من قاموا بها كانوا هم من أفسدوا الحياة السياسية قبل الثورة، ولكن الخوف من وجود شركاء أجانب قاموا بشراء تلك الأراضي، ومن ثم يجب الحرص بين التشدد في تغليظ قواعد العدالة، وكذا الحرص علي عدم هروب رؤوس الأموال الأجنبية لاسيما خلال هذا الوقت الذي نحن بأشد الحاجة فيه إلي تشغيل العمال، واستقطاب رؤوس أموال أجنبية وأيضا محلية، فهناك مليون ونصف المليون فرد جاءوا من ليبيا عاطلين، فضلا عن وجود نحو ،7 أو 8 مليون في حالة بطالة، بالإضافة إلي موظفي الحكومة الذين يعتبرون في شبه بطالة.