بابتكار بسيط استطاعت شركة ألكوا الكندية العملاقة لصناعة الالمنيوم أن توفر من تكاليفها السنوية 47 مليون دولار هذا العام. وهذا الابتكار كما تقول مجلة "تايم" متعلق بسرعة ضبط درجات الحرارة في أحواض الصهر المصنوعة من الصلب بمصنعها في ديستشامبولت بالقرب من مدينة كويبك. وهو ابتكار لا يوفر الوقت فحسب وإنما هو يسهم أيضا في انقاذ ألكوا من أزمتها بل إنه أكثر من ذلك يوفر درجة أعلي من الأمان للعاملين في المصنع بعد أن صار ضبط درجات حرارة أحواض الصهر عملية اليكترونية تستغرق ثواني معدودة في حين أنها كانت تستغرق من قبل 16 ساعة كاملة حيث كانت تتم يدويا. والحقيقة أن معاناة ألكوا وغيرها من شركات صناعة الالمنيوم في العالم قد بدأت مع انخفاض أسعار الالمنيوم بنسبة 60% تحت تأثير الركود العالمي. وكان علي ألكوا أن تتصرف بسرعة لخفض التكاليف وتقليل حجم المخزون واغلاق بعض المصانع التابعة لها ثم بالضرورة الاستغناء عن عشرات الآلاف من العاملين. وقد استطاعت ألكوا أن توفر من تكاليفها بهذه العمليات نحو 3 مليارات دولار ولكنها وجدت نفسها مضطرة إلي انفاق 4 مليارات دولار علي عمليات جديدة في مجال الطاقة والمناجم حتي يمكنها الصمود أمام الشركات المنافسة خصوصا تلك التي تتمتع بطاقة رخيصة أو تتبع بلدانا غنية بالموارد الطبيعية. وحتي الآن نجح رئيسها التنفيذي كلاوس كلاينفيلد الذي سبق له رئاسة شركة سيمنز في مهمته وحققت ألكوا نتائج قوية في الربعين الثاني والثالث من 2010 وهو ما قد يقنع المستثمرين في وول ستريت بأن الشركة باتت علي أبواب التعافي. ويقول كلاينفيلد إن جميع الاختيارات التي كانت مطروحة أمامه كانت صعبة ولكن الأمل في المستقبل كان هو أكسير الحياة بالنسبة له وإن ظل علي كل طرف أن يتحمل جزءاً من الأعباء والتبعات. وتقول الأرقام إن حجم الإنتاج العالمي من الألمنيوم بلغ 16 مليون طن متري هذا العام أو بالدقة حتي أكتوبر من هذا العام ومعظم الصناعات لاتزال تحتاج الالمنيوم الذي يراه الناس كل يوم إما في ناطحات السحاب أو أجهزة الايباد أو عبوات المشروبات أو في محركات الطائرات وتعتبر ألكوا البالغة من العمر 120 سنة أكبر منتج في العالم للألمنيوم الخام وتعمل في 31 دولة ولأن الألمنيوم من المواد القابلة لإعادة التدوير بدرجة عالية فإن ثلاثة أرباع ما جري إنتاجه في تاريخ صناعة الالمنيوم لايزال يعاد تدويره وهذا يؤثر سلبيا دون شك في الطلب علي الإنتاج الجديد من هذه الخامة. وقد واجه كلاينفيلد فور توليه منصب الرئيس التنفيذي لشركة ألكوا في مايو 2008 اضطراباً عظيماً فالشركة كانت بالفعل غارقة في الديون في حين هبط الطلب علي الألمنيوم بنسبة الثلث مع حلول الركود. وكان الرجل بالرغم من قيامه بعملية إعادة هيكلة ناجحة في سيمنز قد أنهي عمله هناك بفضيحة رشوة لم تتم تسويتها إلا بعد أن رد للشركة بعض المستحقات أما في ألكوا فقد واجه كلاينفيلد أزمة من نوع مختلف فقد كان الاختيار المطروح عليه أما بيع الشركة أو إعادة بنائها جذريا وفي يناير 2009 ستدعي الرجل قادة ألكوا التنفيذيين إلي مقرها الرئيسي بمدينة نيويورك التي انتقلت إليها عام 2006 ليعرض عليهم خطة الانقاذ وقال الناس إن كلاينفيلد وفريقه أصابهم الجنون ولكنهم عندما قرأوا الخطة وناقشوها خرجوا مقتنعين ومستعدين للتنفيذ. لقد كان خفض التكاليف هو الأولوية الأولي لأن المبيعات هبطت في 2009 لتصبح 18 مليار دولار فقط بعد أن كانت 27 مليار دولار بنسبة انخفاض تناهز 33% ولحق الخفض كل شيء وبلغ حد العظم أحيانا. وتضمنت الخطة خفض الإنتاج 18% وبيع بعض الأصول. وفي جانب عملية الإنتاج ذاتها كان قد مضي قرن كامل علي العملية الكيمائية المستخدمة في صناعة الالمنيوم من دون أن يلحق بها أي تطوير.فالعالم كله يستخدم خليطاً من البوكسايت الخام والكوك البترولي ويحولهما إلي ألومينا أو أكسيد الألمنيوم. وكانت ألكوا تبيع إنتاجها من الالومنيا أما في صورة مسحوق أو تسخنه إلي درجة 516 مئوية مستخدمة الاقطاب الكهربية الموجبة لتفصل منه الأوكسجين وتصنع الألمنيوم الخام الذي يصب في صورة كتل معدنية يتم شحنها إلي المشترين وأي تغيير في عملية صناعة الألمنيوم هذه لابد أن يوفر لنفقات وتم تحويل مصنع ديستشامبولت كمركز لتجارب التغيير في هذه العملية. وبعد أخذ ورد بين مهندسي المصنع وعلماء المعامل التابعة للشركة أمكن الاتفاق علي أن يتم استخدام أنواع أرخص وأقل نقاء من الكوك لخفض التكاليف ونجحت العملية وأدت إلي خفض تكاليف الإنتاج بآلاف الدولارات أسبوعيا ويقول مارتن بريير مدير المصنع إن عملية التغيير هذه كان يمكن أن تتم قبل الأزمة ولكن الأزمة جعلتها تتم بشكل أسرع وأفضل وأرخص.