يبدو أن الهيئة العامة للرقابة المالية قد وجدت في القضاء سلاحا جديدا لمواجهة تلاعب الشركات بدلا من قرارات ايقاف الأسهم أو توقيع غرامات مالية علي تلك الشركات وذلك لما للقضاء من إمكانية ردع وقوة عقاب يتحمله الخارجون عن قانون الهيئة وقانون سوق المال المصري. ومؤخرا قامت الهيئة بتحريك دعوي قضائية في سابقة تعد الأولي من نوعها ضد مسئول علاقات المستثمرين والمسئول القانوني لشركة "العبوات الدوائية المتطورة" بسبب تصريحات صحفية مغلوطة تسببت في ارتفاع سعر سهم الشركة بصفة كبيرة، وذلك بعد أيام من تحويلها ملف شركة "أجواء للصناعات الغذائية" للنيابة أيضا. أكدت الهيئة في بيان لها أن مدير علاقات المستثمرين بشركة "العبوات الدوائية المتطورة" قام بنشر تصريحات صحفية غير سليمة قال فيها إن الهيئة العامة للرقابة المالية انتهت من فحص الشكوي التي قدمها مجلس إدارة الشركة وأنه قد تم التأكد من سلامة القوائم المالية وعدم تضمنها بيانات مغلوطة ومختلفة عن الاقرارات الضريبية فيما يتعلق بالارباح والمبيعات والارباح المرحلة عن عامي 2007 و ،2008 وأضاف البيان أن ما نشر علي لسان المسئول القانوني غير صحيح وأنه لم يصدر عن الهيئة أي قرار بهذا الشأن، ويتم حاليا النظر في تحريك الدعوي الجنائية ضد المذكور وكذلك المسئول القانوني للشركة عن الادلاء بتصريحات غير صحيحة، وان عملية فحص الدراسات مازالت مستمرة في الشكاوي الواردة للهيئة. وفي ضوء هذا التصريح ارتفع سعر السهم بنسبة زيادة غير مسبوقة فاقت 10% تقريبا ولذا قررت الهيئة أولا: الغاء العمليات التي تمت علي أسهم هذه الشركة خلال الجلسة التي تم نشر التصريح فيها وبعدها أعلنت الهيئة عن مقاضاة مسئولي الشركة. العقاب المزدوج "إلغاء جميع العمليات واللجوء للقضاء" يجعل حكم الهيئة عنيفا وغير مسبوق خاصة أن سوق الأوراق المالية المصري لم يشهد حالة مثيلة من قبل الأمر الذي وصفه الخبراء بالحكم الصعب والقاسي علي الشركة. كما أن مسألة اللجوء للقضاء في سابقة لم تتكرر كثيرا قد أثار جدلا واسعا حيث اعتبره البعض وسيلة ردع قوية تحكم السوق كله وتعمل علي حماية حقوق المتعاملين من التلاعبات والتصريحات الخاطئة أوالمضللة التي تهدف إلي زيادة سعر السهم بالبورصة، فيما وصفه آخرون بأنه قرار جانبه التوفيق من جانب الرقابة المالية متسائلين ماذا لو تورطت أي من الشركات الكبري في السوق مثل الاوراسكومات أو طلعت مصطفي أو التجاري الدولي أو المجموعة المالية هيرميس القابضة في عملية مشابهة. فهل تلجأ الهيئة للقضاء أيضا أم أن العبوات الداوئية كانت بمثابة "كبش فداء" لارهاب السوق نظرا لكونها شركة صغيرة بالمقارنة مع الشركات الكبري بالسوق؟ بداية أكد محسن عادل العضو المنتدب بشركة "بايونيرز" لإدارة صناديق الاستثمار أن الهيئة العامة للرقابة المالية لها الحق في تحريك دعوي قضائية أو تحويل ملف شركة ما للقضاء علي من تري أنه يخالف تصريحات غير صحيحة من شأنها أن ترفع من سعر السهم أو الاستفادة غير المشروعة. وقال إن هذا القرار جاء حفاظا علي سلامة سوق المال والمتعاملين بالإضافة إلي حماية المستثمرين من ارتفاع سعر السهم ليتجاوز قيمته العادلة مما يعود بالخسائر بعد ذلك علي المستثمرين، مشيرا إلي أن تلك الخطوة تعد إعادة لثقة المتعاملين بالسوق مرة أخري، كما تعد وسيلة جذب لزيادة حجم الاستثمارات ودخول سيولة جديدة بالبورصة سواء من متعاملين أجانب وجدوا بالسوق آلية عقاب قوية للمخالفين أو متعاملين محللين وجدوا أن السوق أكثر احكاما وأمنا ولا نية فية لوجود أيه أخبار أو تصريحات متضاربة وغير صحيحة. وأشار عادل إلي أنه يجب علي مديري علاقات المستثمرين ان يقوموا بالافصاح أولا للبورصة وأن يحذورا من نشر أي خبر أو تصريح عن الشركة يكون صحيحا أو غير صحيح قبل ارساله للبورصة المصرية حتي لا تقع عليهم غرامة مالية أو يصل الأمر إلي ما وصل إليه الآن من اللجوء للقضاء أو ما إلي ذلك من أنواع العقاب. ويؤكد عصام مصطفي العضو المنتدب بشركة "بريمير" لتداول الأوراق المالية ان وظيفة مدير علاقات المستثمرين تحمل مسئولية عامة ويجب أن يكون شاغلها علي قدر المسئولية التي تؤهله للتعامل الجيد مع المساهمين وإدارة البورصة. ويوضح أن مدير علاقات المستثمرين يجب أن يراعي جيدا كل ما يصدر عنه من معلومات خاصة أو جوهرية كي لا يحمل فهما خاطئا مؤكدا أنه يجب علي علاقات المستثمرين أن تراعي دقة الخبر وتوقيعه فلا يجوز التصريح أو الادلاء باية تصريحات أو اخبار لوسائل الإعلام قبل اخطار إدارة البورصة بذلك.