من البديهيات التي لا تحتاج لإيضاح أننا جميعاً نريد "مجلس شعب أفضل" وغني عن القول أن بترول مصر الذي لا ينضب كثروة قومية هو "عقول رجالها" مصر غنية بثروتها من الرجال ولكن هذه العقول التي ترصع صدر الوطن لا تذهب لمجلس الشعب رغم أنها القادرة علي القيام بدور ناصع يرفع من شأن البلد.. فهذه العقول ليست خبيرة بلعبة "التلات ورقات" التي يلعبها المرشحون في مباراة مجلس شعب 2010.. الانتخابات ساحة فيها الأخلاق العالية والواطية وفيها الخداع وسرقة الأصوات وفيها البلطجة وقلة الأدب وفيها شراء الذمم بأبخس الأثمان. إن الدراما لم تستطع تصوير ألاعيب الانتخابات حتي الآن، وإذا تعرضت فهي من زاوية اقتصادية أي عقد الصفقات، وهي أيضاً تتم بشكل كوميدي ساخر ولكن أحدا لم يقتحم دراما الانتخابات ويكشف عن وجهها القبيح الذي يؤدي إلي مجلس شعب محصور في تقديم خدمات للدائرة لا للواطن محصور في الاستفادة من الحصانة وليذهب الوطن إلي الجحيم.. من هنا دب الفساد في بعض نواب المجلس وصار حديث المدينة وكل المدن.. والحقيقة أن بلداً في حجم مصر لا يستحق مجلس شعب فيه بعض التشوهات. هناك مهنة استرزاق اسمها توابع الانتخابات.. كيف لرجل مفكر أو مثقف أن يتقنها؟ هناك العصبية في الصعيد التي تحكم الانتخابات هناك، فإذا عصي أحد القاعدة، خرج السلاح وقد لمع نصله وسقط قتلي. الانتخابات في مصر مشهد سياسي يبدو داميا أحيانا والاتهامات بالتزوير تسبق الفعل.. واستخدام الفيس بوك أصبح وسيلة للدعاية وضرب الخصوم إلي حد تشويه الصورة والسمعة حيث تتحول شاشة النت إلي ساحة الباطل كثيرا. ويأتي عنصر "المال السياسي" إذا صح التعبير، فيلعب دورا فعالا، حيث يلعب علي وتر احتياجات الناس وسط ضائقة اقتصادية خانقة وليس صحيحا "المبلغ" المتفق عليه وملاحقة المخالفين "حجم الدعاية" فهذا أمر لا يمكن حصره أو معرفته.. وإذا كان هذا المبلغ بضع مئات من ألوف الجنيهات، فأنا أبصم بالعشرة أن المبالغ صارت في العملية الانتخابية بالملايين.. وتثور مناقشات حول الرقابة علي الانتخابات بين "عين أجنبية" تراقب سير العملية.. و"عين مصرية" تمنع تزييف أو تزوير إرادة الناس.. ومن أسباب انسحاب الناس من الذهاب للصنادق، البهدلة في عملية التصويت حيث تتحول الدايرة إلي سويقة! إن الانتخابات في العالم عملية حضارية وبرلمان قوي هو الذي يأتي بحكومة قوية "تواجه" الأزمات دون انتظار "توجيهات" عليا رئاسية.. البرلمان القوي عنوان بلد قوي.. شراء الذمم "خيانة" الصوت بأربعة أشولة أرز "خسة".. ولابد من لفت النظر إلي أن المعارضة القوية تعكس دولة قوية ونظاما مؤسسيا.. حينما ندخل إلي الصناديق ونختار الأفضل عقلا وانتماء وخدمة للناس والأعمق حسا، فهذه إشارات مضيئة أننا نفكر في مصر لا في مرشح بعينه أو تيار بذاته، ومصر في النهاية دولة مدنية.