حذر خبراء اقتصاد وساسة أفغان من انهيار النظام المصرفي في البلاد، مما سيترك آثارا مدمرة علي الاقتصاد والأمن ما لم تنقذ الحكومة "كابل بنك"، أكبر مصرف أفغاني خاص بات يخشي انهياره بسبب شبهات الفساد الإداري والمالي التي تحيط به. وأخفقت محاولات متكررة من قبل الحكومة والمصرف المركزي لإقناع الموطنين بأن الوضع تحت السيطرة، وبقدرتهما علي إنقاذ المصرف من الإفلاس. فقد تواصل تزاحم المودعين علي أبواب فروع البنك لسحب أموالهم لليوم الثالث علي التوالي. وقالت مصادر في البنك المركزي الأفغاني إن الخميس والسبت الماضيين شهدا سحب أكثر من 160 مليون دولار، فيما قدرت سيولة البنك بثلاثمائة مليون دولار، والودائع فيه بمليار وثلاثمائة مليون دولار. وقال محب الله صافي نائب رئيس المصرف المركزي الأفغاني إن المشكلة تكمن في الآثار النفسية التي تتركها أزمة كابل بنك علي المواطنين والمودعين. وأضاف صافي ان البنك المركزي والحكومة الأفغانية والرئيس يدعمون كابل بنك ولن يسمحوا بانهياره، والتغيير الذي حدث إيجابيا، ونحن نضمن للمواطنين حقوقهم، ولن تسمح الحكومة بإيجاد أزمة جديدة في البلاد.. وتخشي الحكومة أن يتحول الإحباط والقلق لدي المودعين إلي عنف. وقد أدت ما وصفت بأنها أكبر هزة للنظام المصرفي الناشئ إلي حالة إرباك في الوزارات والإدارات الحكومية، حيث يصرف كابل بنك رواتب الجيش والشرطة. ونُقل عن مسئولين في وزارة المالية أن رواتب الموظفين دفعت للبنك مسبقا لمدة عام، وأنه قد لا يملك حاليا سيولة كافية لصرفها. وقد عمدت إدارة البنك الجديدة إلي تقييد سحب الأموال من قبل المودعين لوقف تدهور النظام المصرفي. وقد حاول الرئيس الأفغاني التخفيف من الأزمة متعهدا بمساعدة البنك ومنع انهياره، ودعم النظام المصرفي الخاص في هذا البلد الذي تحول نحو الرأسمالية قبل ثماني سنوات. لكن منافس كرزاي الرئيسي في انتخابات الرئاسة العام الماضي عبد الله عبد الله اتهمه بالسعي لإنقاذ شقيقه محمود كرزاي الذي يملك 7% من أسهم كابل بنك، ليكون بذلك ثالث أكبر مستثمر في البنك بعد المدير ونائبه اللذين يمتلكان 56% من الأسهم. وقد أجبر المدير ونائبه علي الاستقالة من قبل البنك المركزي الأفغاني لاتهامهما بعدم المهنية، وبمنح قروض قدرت بمئات الملايين من الدولارات لساسة متنفذين ومقربين منهما داخل البلاد وخارجها. وحذر رئيس تحرير صحيفة كابل ويكلي الصادرة باللغة الإنجليزية فهيم دشتي من تسييس أزمة كابل بنك خارجيا للضغط علي حكومة كرزاي. وقال دشتي - المعروف بولائه لتحالف الشمال السابق - للجزيرة نت: إذا حاولت واشنطن استغلال الأزمة للضغط علي حكومة كرزاي فقد يؤدي ذلك إلي تدمير الاقتصاد الأفغاني وانهياره. وأضاف أنه بدلا من ذلك, يتعين علي واشنطن وكابل التعاون لحل الأزمة.. وبالنسبة إلي فهيم دشتي, فإن الخطر يكمن في أن أزمة كابل بنك تؤثر مباشرة علي المواطن العادي. فالفساد في أفغانستان لم يتسرب من القطاع الحكومي إلي القطاع الخاص فحسب، وإنما اتضح أن الفساد في البنوك الخاصة أكبر بكثير من الفساد المعتاد في القطاعات الأخري. أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة كابل البروفيسور فاروق بشر، فحذر بدوره من انهيار النظام المصرفي الأفغاني بأسره إذا لم تمنع الحكومة انهيار المصرف، كخطوة أولي لاستعادة ثقة المواطن الأفغاني في ذلك النظام المصرفي، ومن ثم إصلاحه. وقال إن الحل يكمن في إصلاح جذري للنظام المصرفي, ثم محاكمة المتورطين في الفساد, واستعادة الأموال المنهوبة. وأكد أن شخصيات كبيرة ومتنفذة استغلت البنك واقترضت دون ضمانات لشراء عقارات فخمة خارج البلاد. ووصف بشر أزمة كابل بنك بالفضيحة المدوية، متهما إدارته بسوء استغلال الإدارة. وأضاف: حتي لو تم وضع اليد علي العقارات والمنازل الفارهة فلن تحل المشكلة لأن أسعار العقارات في دبي تراجعت بشكل كبير.